من الصحافة الإيرانية: تطوران جديدان في المفاوضات النووية

شكّل دخول الوكالة الدولية على الخط من خلال تقرير شامل وآخر فصلي فرصة جديدة للولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية لتصعيد الضغوط، مما عقد الأمور أكثر.

ميدل ايست نيوز: شهدت الأيام الماضية تطورين مهمين في مسار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. من جهة، قدّمت الولايات المتحدة إطارًا وعناصر رئيسية لمقترحها بشأن اتفاق نهائي مع إيران، ومن جهة أخرى، قامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار تقريرين جديدين، فيما أعدّت أربع دول غربية مشروع قرار ضد إيران تمهيدًا لتقديمه إلى مجلس محافظي الوكالة في خطوة جديدة نحو تهيئة الأرضية لتفعيل آلية الزناد. يمكن تلخيص بعض الجوانب الفنية والقانونية والسياسية لهذين التطورين على النحو الآتي:

1- تشير المعطيات إلى أن إيران، على ما يبدو، كانت قد قدّمت في المراحل الأولى من المفاوضات مقترحًا يتضمن مبادئ عامة لتشكيل أساس لأي اتفاق جديد، وقدّم الجانب الأمريكي، بعد تبادل وجهات النظر الشفهي بين الوفدين، مقترحه الخطي عبر وزير الخارجية العُماني إلى إيران. وتشير الأدلة إلى أن إيران قد تكون اقترحت، كخطوة أولى، خفض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 3.67% مقابل رفع حظر تصدير النفط، ثم تعليق دائم للتخصيب بما يتجاوز 3.67% مقابل تنفيذ طوعي للبروتوكول الإضافي وإلغاء آلية الزناد وتصديق الكونغرس الأمريكي على الاتفاق مقابل نقل مخزون اليورانيوم العالي التخصيب إلى الخارج ورفع جميع العقوبات الأولية والثانوية.

وبالنظر إلى موقف دونالد ترامب وفريقه منذ 4 مايو، الذي يؤكد على ضرورة وقف التخصيب في إيران، فإن الحد الأدنى من التوقعات تشير إلى أن مقترح “ويتكوف” قد يتضمن قبول فكرة “اتحاد إقليمي للتخصيب”، مع التزام بعدم وجود أي نشاط تخصيبي داخل الأراضي الإيرانية، مقابل الاعتراف بحق إيران في التخصيب من حيث المبدأ. وإذا صحّ الجمع بين هذين الشرطين، فإن ذلك يعني من وجهة نظر أمريكية أن معدات التخصيب الخاصة بالاتحاد يجب ألا تكون داخل إيران.

أما بخصوص تعليق التخصيب، فلا تزال التفاصيل غامضة؛ فهل المقصود هو فقط تعليق ضخ الغاز في أجهزة الطرد المركزي وتوقفها المؤقت عن الدوران؟ وهل تبقى معدات التخصيب في مواقعها خلال هذه الفترة؟ لا تزال هناك آراء متضاربة في هذا الشأن.

ومن جهة أخرى، فإن أقصى التقديرات تشير إلى أن مقترح “ويتكوف” ينص على وقف كامل للتخصيب، وتفكيك أجهزة الطرد المركزي، ووقف دعم الجماعات المسلحة في المنطقة، وموافقة إيران على نظام رقابي معزز يتجاوز صلاحيات الوكالة، وفي المقابل تُمنح إيران وعودًا برفع العقوبات ودمجها في الاقتصاد العالمي.

ويُذكر أن مقترح “ويتكوف” قُدِّم خارج الإطار الزمني للجولات التفاوضية، ولم يصدر رد واضح من إيران عليه رغم مرور أربعة أيام على تقديمه. كما لم يتم حتى الآن الإعلان عن موعد الجولة السادسة من المفاوضات رغم مرور عشرة أيام على انعقاد الجولة الخامسة. وقد يؤثر اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 9 يونيو في تحديد تاريخ الجولة القادمة، كما أن رد إيران على المقترح قد يكون عاملًا حاسمًا في هذا الشأن.

2- في هذا السياق، شكّل دخول الوكالة الدولية على الخط من خلال تقرير شامل وآخر فصلي فرصة جديدة للولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية لتصعيد الضغوط، مما عقد الأمور أكثر. وتشير التقارير إلى أنه تم إعداد مسودة قرار لتقديمه إلى مجلس المحافظين الأسبوع المقبل، قد يتضمن الإشارة إلى عدم التزام إيران باتفاق الضمانات، والتعبير عن المخاوف إزاء زيادة مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، والقلق من أنشطة نووية غير معلنة، والدعوة إلى تعاون إيران مع الوكالة.

ويمكن أن يؤدي إقرار مثل هذا القرار إلى رد فعل من إيران ضد عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة وزيادة التوترات. وقد تبادر الدول الغربية، بالمقابل، إلى تشديد العقوبات أو السعي لإعادة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن.

رغم ذلك، فإن هذه الإحالة لن تُحدث تحولًا جديدًا، نظرًا لأن برنامج إيران النووي مدرج على جدول أعمال مجلس الأمن منذ عام 2006. كما أن ستة قرارات سابقة بخصوص العقوبات، تم تعليق تنفيذها بموجب القرار 2231، لا تزال قائمة، وقد لا يكون المجلس بحاجة إلى إصدار قرار جديد، ما قد يقلل احتمالية لجوء روسيا أو الصين إلى استخدام حق النقض (الفيتو).

لكن أهمية الإحالة إلى مجلس الأمن تكمن في أنها قد تُعزّز موقف الدول الأوروبية الثلاث، التي بدأت منذ نوفمبر 2023 خطوات سياسية تمهيدية لتفعيل آلية الزناد. ولا يبدو أن هذه الدول الثلاث والولايات المتحدة تسعى إلى هدف أكبر من هذا من خلال متابعة ملف إيران في مجلس محافظي الوكالة.

کوروش أحمدي
دبلوماسي إيراني سابق

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − 6 =

زر الذهاب إلى الأعلى