دراسة جديدة: ما دوافع الخريجين الإيرانيين للانخراط في تجارة كتابة الرسائل الجامعية؟

أظهرت نتائج دراسة جديدة أُجريت في إيران أن بعض الخريجين يتجهون إلى كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه بالنيابة عن آخرين لأسباب مثل البطالة أو حتى بدافع الانتقام من النظام التعليمي.

ميدل ايست نيوز: أظهرت نتائج دراسة جديدة أُجريت في إيران أن بعض الخريجين يتجهون إلى كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه بالنيابة عن آخرين لأسباب مثل البطالة أو حتى بدافع الانتقام من النظام التعليمي؛ وهي ظاهرة تُعرف باسم “الكتابة الظلية للرسائل الجامعية”.

واتخذت هذه الظاهرة، التي شهدت انتشاراً متزايداً في الجامعات الإيرانية خلال السنوات الأخيرة، أبعاداً جديدة سنسلط الضوء عليها.

تناولت دراسة أعدها رضا همتي من جامعة أصفهان ومريم بهارلويي من جامعة يزد، أسباب ودوافع الخريجين للدخول في هذا السوق غير القانوني. وقد نُشرت نتائج هذا البحث النوعي في العدد الأخير من مجلة “الدراسات الاستراتيجية في القضايا الاجتماعية” الصادرة عن جامعة أصفهان، واستندت إلى مقابلات مع 15 كاتب ظل مستقل.

حدّد الباحثان ستة أنماط رئيسية من الدوافع، تراوحت بين الأزمات المالية والبطالة، إلى الشعور بالخذلان من النظام التعليمي والرغبة في الانتقام منه.

وتشمل هذه الدوافع: “الصراع من أجل البقاء”، “خيبة الأمل التامة”، “الجامعة في قبضة الفساد”، “التمرد على الجامعة”، “تجربة عاطفية متناقضة”، و”تصورات متعددة عن الكتابة الظلية”.

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن الظروف الاقتصادية في إيران تُعد المحرك الأساسي للانخراط في الكتابة الظلية، إذ تبين أن الضغوط المالية والعجز عن تحقيق دخل ثابت، يُعدان الدافع الأبرز للخريجين لكتابة رسائل الغير.

وكشفت الدراسة أن عدداً كبيراً من هؤلاء الخريجين يرون النظام التعليمي غير فعّال، ويعتقدون أن سياسات خاطئة مثل التوسّع العشوائي في التعليم العالي قد ساهمت في تدهور أوضاعهم.

ويُقصد بـ”التوسّع العشوائي” الزيادة المفرطة في عدد الجامعات والمؤسسات التعليمية، من دون توفير البنية التحتية اللازمة من حيث جودة التعليم والإمكانات البحثية، أو سوق العمل الذي يتلاءم مع هذا التوسع. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع عدد الخريجين العاطلين عن العمل أو غير الراضين عن تجربتهم الأكاديمية، والذين باتوا ينظرون إلى التعليم الجامعي كمسار غير مثمر.

وأظهرت الدراسة أن سوق الكتابة الظلية في إيران استطاع التكيّف “بشكل ذكي” مع احتياجات طالبي هذه الخدمة، من خلال تقديم خصومات وخطط دفع متعددة المراحل لتسهيل الأمر على الطلاب.

واعتبر همتي وبهارلويي أن هذه المشكلة لا تعود فقط إلى عوامل فردية، بل تنبع من تحولات بنيوية في نظام التعليم العالي، من بينها التوسع في الخصخصة وتعميم التعليم، وهما عاملان مهّدا الطريق لنشوء وانتشار ظاهرة الكتابة الظلية.

وأشارت الدراسة إلى أن ضعف الرقابة من قبل الأساتذة المشرفين، وفي بعض الحالات تواطؤهم مع الطلاب المخالفين، يُعد من العوامل الأساسية التي تُغذّي هذا السوق.

ونقل الباحثون عن أحد كتّاب الظل قوله: “من خلال تواصل الطالب مع المشرف، يمكن لأي أستاذ أن يعرف ما إذا كان الطالب هو من كتب الرسالة بنفسه أم لا. لكننا نرى اليوم أن الطلاب لا يزورون المشرف سوى خمس أو ست مرات، أو حتى أقل، خلال فترة كتابة الرسالة، ورغم ذلك يتمكنون بسهولة من الدفاع عنها من دون اعتراض من الأستاذ أو الجامعة”.

ورأى الباحثون أن هذه الأجواء تُشجّع الطلاب على “تفويض” كتابة رسائلهم، إذ يرون زملاءهم يمرّون بهذه التجربة من دون صعوبات تُذكر، ويتمكنون من التخرج بسلاسة.

وقدّم الباحثون عدداً من المقترحات لمعالجة هذه الظاهرة، من بينها تعزيز الرقابة على عملية الإشراف على الرسائل، وتعديل اللوائح المنظمة للإشراف الأكاديمي، وإنشاء آليات للإبلاغ، وتعزيز برامج التدريب العملي والفرص الوظيفية أثناء الدراسة.

وحذّروا من أن استمرار الوضع الحالي من شأنه أن يُهدد مصداقية نظام التعليم العالي في إيران، مؤكدين على ضرورة تدخل الجهات المعنية ووضع هذه القضية ضمن أولويات صناع السياسات التعليمية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى