العراقيون يتمسّكون بتقاليد العيد والأضاحي
يجتمع العراقيّون حول الولائم ولحوم الأضاحي خلال العيد، لما تمثله من تقاليد وموروثات مجتمعية راسخة. ورغم الظروف المادية يحرص كثيرون على تجسيد فرحة العيد.

ميدل ايست نيوز: انهمك العراقيّون على مدى الأيام الماضية في الاستعداد والتجهيز لعيد الأضحى، باعتباره مناسبة للتمسك بالتقاليد الموروثة وما تمثله من أهمية لناحية تعزيز الروابط العائلية والمجتمعية، والحثّ على التكافل الاجتماعي. ولا يخلو كلّ عيد يمرّ على العراقيّين من تحدياتٍ عديدة، أبرزها الصعوبات المادية التي تواجهها العائلات ذات الدخل المحدود، التي تمنعها من تلبية متطلبات أطفالها لجهة الألبسة والألعاب وغيرها من الأمور التي تتطلب الإنفاق الكبير.
يُخبر الحاج هاشم المعيني (43 عاماً) وهو من أهالي بغداد، أنه استطاع تلبية احتياجات زوجته وأطفاله للعيد بصعوبة، بعد أن اقترض مبلغاً من أحد الأصدقاء. ويقول: “الأسعار تتصاعد كثيراً مع قرب الأعياد، والأطفال يريدون ملابس ومشتريات جديدة، ونحن علينا أن نتحمل التكاليف ونؤدي واجبنا تجاههم”. المعيني، الذي يعمل سائق سيارة أجرة، يلفت إلى أنه يُعدّ من الطبقة الوسطى أو دونها، إذ إن عمله الحر لا يلبّي احتياجات عائلته، ويعرب عن فرحته برؤية أطفاله يترقبون العيد وهم بملابس جديدة، ويقول: “لا يمكن أن نحرمهم هذه الفرحة مهما كانت ظروفنا المادية”.
ولعلّ “ذبح الأضاحي” يُعتبر من أبرز التقاليد المجتمعية في العراق، فضلاً عن أنها من الشعائر الدينية، إذ يجري توزيع لحومها على الفقراء والجيران، وهي ذات انعكاس نفسي إيجابي في المجتمع. وقد أقدمت عائلات كثيرة على شراء الأضاحي، قبل أيام من العيد، تجنباً لارتفاع أسعارها. وعلى الرغم من أن نحر الأضحية ممكن في جميع أيام العيد، غير أن معظم العائلات العراقية اعتادت نحرها في اليوم الأول للعيد.
الحاج خليل الحربي (65 عاماً)، وهو من أهالي محافظة ديالى، يؤكد أن “عيد الأضحى يختلف عن عيد الفطر، وأن ذبح الأضاحي هو من أجمل ما يتمسك به العراقيون ممن لهم القدرة على ذلك”، ويقول: “نحن أهالي القرى والأرياف بعد أن ننحر الأضاحي، نوزع اللحوم على المنطقة، بغضّ النظر عن الاختلافات العقائدية والدينية والمذهبية، ومن ثم نقيم مأدبة غداء أو عشاء ونجمع أهالي قرانا. هذا التقليد له أثره في النفوس، خصوصاً بين المتخاصمين الذين لا يُستثنون من الدعوة، إذ يوطّد أواصر المحبة ويتجاوز حدود التفرقة التي أرادت الأحزاب السياسية خلقها بين مكوّنات الشعب الواحد”، ويشير الحربي إلى أن “عائلات كثيرة تحرص على جمع أموال الأضاحي رغم غلائها، باعتبارها من الشعائر الدينية والتقاليد المجتمعية التي تعزّز روح المحبة والتسامح بين أهالي المنطقة الواحدة”.
ولعلّ يوم العيد وما يسبقه من استعدادات تكون من الأيام المرهقة بالنسبة للنساء على وجه التحديد، إذ ينهمكن في تجهيز “الكليجة”، وهي معجنات عراقية تُخلط بالتمر أو السمسم أو الجوز وغير ذلك، وتُعتبر من أساسيات العيد. وتتحدث الحاجة، أم مهند (40 عاماً) من أهالي بغداد، عن “متعة العيد وتقاليده وطقوسه وزيارة الأحبّة والأصدقاء التي تنسينا عناء الاستعدادات وكل الجهد والإرهاق”، وتشير الموظفة الحكومية في حديثها إلى أنها استقبلت جيرانها من النساء قبل العيد بأيام، إذ قمنَ بإعداد كميات كبيرة من عجينة “الكليجة” الشهيرة، لتقديمها للضيوف يوم العيد”، وتؤكّد حجم الضغط الملقى على عاتق النساء لجهة تحضير الطعام والحلويات للمهنّئين، والذي “يكون أكبر بكثير في حال الدعوة إلى وليمة (مأدبة الطعام)”.