“20 ضعفًا خلال 8 سنوات”.. ارتفاع كبير بأسعار المواد الغذائية في إيران
تشير البيانات الرسمية في إيران إلى أن أسعار عشرة سلع أساسية غذائية مثل اللحم والبيض والأرز والزيت ارتفعت بمعدل 1982% مما يكشف عن قفزات سعرية هائلة في الفترة بين عامي 2017–2025.
ميدل ايست نيوز: في السنوات الثماني الماضية، تقلصت مائدة الإيرانيين أكثر من أي وقت مضى. إذ تشير البيانات الرسمية إلى أن أسعار عشرة سلع أساسية غذائية ارتفعت بمعدل 1982%، مما يكشف عن قفزات سعرية هائلة في الفترة بين عامي 2017–2025.
ووفقًا لتقرير رسمي صادر عن مركز الإحصاء الإيراني، شهدت أسعار المواد الغذائية الأساسية زيادات غير مسبوقة. على سبيل المثال، وصل سعر زيت الطعام إلى 120 ألف تومان، والفاصوليا البيضاء إلى 250 ألف تومان، والموز إلى 100 ألف تومان، والشاي الأجنبي إلى حوالي 900 ألف تومان. أما لحم الغنم، فقد بلغ سعر الكيلو 700 ألف تومان، وهو ما يعادل تقريبًا راتب عامل بسيط قبل عدة سنوات.
وفي الفترة ذاتها، ارتفع سعر الدولار بنحو 1800 بالمئة، من 4200 تومان في عام 2017 إلى نحو 82 ألف تومان في يونيو/حزيران 2025 (سعر السوق الحرة).
كما تجاوز مؤشر التضخم التراكمي 720%، مما يعني عمليًا انهيار القدرة الشرائية للفئات السكانية ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
إيران تتصدر قائمة تضخم أسعار الغذاء العالمية
فيما يتعلق بالوضع العالمي، تشير بيانات البنك الدولي إلى أن إيران تحتل المرتبة الثالثة عالميًا من حيث معدل التضخم الغذائي، بعد فنزويلا والسودان. في حين بلغ متوسط التضخم الغذائي في منطقة الشرق الأوسط حوالي 12% في عام 2024، مما يجعل إيران بفارق كبير عن جيرانها.
وتظهر الإحصاءات انخفاضًا بنسبة 40% في استهلاك اللحوم في إيران. ليس فقط اللحم الأحمر، بل حتى الدواجن والبيض، حذفت من سلة الغذاء للأسر ذات الدخل المحدود.
في الوقت نفسه، وصل خط الفقر لعائلة مكونة من أربعة أفراد إلى 18 مليون تومان شهريًا، بينما لا يزال الحد الأدنى للأجور أقل من 15 مليون تومان.
في هذه الظروف، تعاني 80% من الأسر الإيرانية ذات الدخل المحدود من انعدام الأمن الغذائي. أي إما أنهم لا يحصلون على غذاء كافٍ، أو أنهم لا يستطيعون الوصول إلى غذاء صحي.
وردًا على هذه الأزمة، نفذت الحكومة الإيرانية خطة توزيع سلة غذائية بخصم 30% لـ 20 مليون شخص. لكن هذه الخطوة تبدو أكثر كمسكن مؤقت بدلاً من علاج جذري يمكنه تخفيف معاناة الناس.
من ناحية أخرى، حاولت السلطة القضائية من خلال تشكيل 15 ألف ملف تعزيري في العام الماضي السيطرة على السوق، لكن فعالية هذه الإجراءات بقيت موضع تساؤل جاد. حيث لم تؤد هذه الإجراءات إلى انخفاض الأسعار، بل إن التدخلات التعزيرية قد تؤدي إلى تعطيل آلية السوق.
كما رفع البنك المركزي سعر الفائدة إلى 22%، لكن مع نمو الكتلة النقدية بنسبة 650%، فقدت هذه السياسة فعاليتها عمليًا.
ما هي أسباب هذا الانهيار السعري؟
ووفقا لما أورده موقع “آوش“، فإن هناك ثلاثة متغيرات رئيسية لعبت دورًا في تشكيل هذه الأزمة:
- العقوبات: أدت إلى تقليص إيرادات النفط بنسبة 70% وتعطيل واردات المواد الأولية، مما أثر بشكل كبير على سلسلة توريد السلع الأساسية.
- الصدمة النقدية المتكررة: تسببت الارتفاعات المفاجئة في سعر الدولار في سنوات 2018 و2021 و2023 في قفزات سعرية مستمرة في سوق السلع.
- إلغاء الدعم: أدى تنفيذ سياسة إلغاء دعم السلع الأساسية في عامي 2022 و2023 بهدف السيطرة على العجز في الميزانية إلى زيادة كبيرة في أسعار هذه السلع.
تحذيرات عالمية
وأصبحت تقارير التحذيرات المحلية والدولية أكثر جدية من أي وقت مضى. إذ توقع صندوق النقد الدولي أن يظل معدل التضخم في إيران في حدود 40% في عام 2025. كما قدر أن العجز في الميزانية سيصل إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي إذا استمر الاتجاه الحالي.
من ناحية أخرى، حذر تقرير مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني من أن استمرار الجفاف والسياسات غير الفعالة الحالية قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي في إيران بنسبة 40% بحلول عام 2026.
كما أدرجت منظمة الأغذية والزراعة العالمية إيران في قائمة الدول ذات الأزمة الغذائية الشديدة، وطالبت منظمة مراقبة حقوق الإنسان باستثناء السلع الأساسية من العقوبات. لكن حتى الآن، لم تأخذ أي من الدول المطبقة للعقوبات على إيران هذه التحذيرات بعين الاعتبار.
وفقًا لمحمد قلي يوسفي، أستاذ الاقتصاد في جامعة طهران، فإن ما نراه في الإحصاءات الرسمية ليس سوى غيض من فيض. ويقول إن التضخم الحقيقي للغذاء للفئات السكانية ذات الدخل المنخفض قد وصل إلى 4000%. ويضيف هذا الاقتصادي أن الحلول مثل التسعير الإجباري ليست فعالة فحسب، بل قد تحول الأزمة إلى كارثة.
