من الصحافة الإيرانية: لماذا لا يريد ترامب الحرب مع إيران؟

لا يُستبعد أن يُقدم نتنياهو، في خطوة غير عقلانية وربما متهورة، على شن هجوم على إيران من دون تنسيق أو رضا أمريكي، إذ لطالما كانت كوارث التاريخ تخط بأيدي قادة يفتقرون إلى العقل والمنطق، وغالباً ما دفعوا ثمناً باهظاً لقاء خياراتهم الخاطئة.

ميدل ايست نيوز: مع اقتراب موعد انعقاد اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كثّفت وسائل الإعلام الإسرائيلية ومسؤولو تل أبيب وداعموها في الإعلام الغربي من جهودهم لإقناع قادة الولايات المتحدة وإسرائيل بضرورة عدم إضاعة الوقت في توجيه ضربة إلى إيران. وقد عُقد اجتماع مجلس المحافظين يوم أمس، وحتى هذه اللحظة، لم تُفضِ محاولات داعمي إسرائيل في إذكاء نيران الحرب مع إيران إلى نتيجة، لكن يبقى التساؤل: هل الهجوم على إيران في الطريق؟ وإن لم يكن كذلك، فما السبب؟

وقال موقع آوش في تقرير له، إن إسرائيل تواجه تحديات كبيرة في شن أي هجوم على إيران، لأسباب تتعلق بالعمق الاستراتيجي لإيران، وقلة قدرة سلاحها الجوي على تنفيذ هجوم بهذا البُعد، ومحدودية قدراتها الدفاعية، وغياب الدعم من دول المنطقة.

هناك عقبة أخرى تعترض إسرائيل، تتمثل في دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، الذي كشفت الأسابيع الأخيرة عن خلافاته العلنية مع إسرائيل بشأن الملف الإيراني. وتشير آراء لاوتحليلات المراقبين إلى أن ترامب، لأسباب متعددة، لا يرغب في الانصياع لمطالب بنيامين نتنياهو وأنصاره لشن هجوم على إيران، خاصة في ظل استمرار المفاوضات مع طهران.

الولايات المتحدة أولاً ولا أحد غيرها

كما صرح كريستوفر مكالين من مركز “ديفنس بريوريتز”، بأت دونالد ترامب، بطبيعته القومية والتزامه بسياسة “أمريكا أولاً”، مستعد لتهميش إسرائيل، شريكه الاستراتيجي، إذا كان ذلك سيمنع انخراط بلاده في حرب عديمة الجدوى مع إيران.

وقد كتب شون ماثيو، الباحث في “ميدل إيست آي”، أن ترامب، حفاظاً على وعده بسياسة “أمريكا أولاً”، أجرى تعديلات في فريقه الوزاري والاستشاري، وأطاح ببعض أنصار إسرائيل المتشددين وأعداء إيران من مناصبهم.

إقالات في إدارة ترامب

من بين الذين أقالهم ترامب، إريك تراجر، الذي كان يعمل في مجلس الأمن القومي الأمريكي، ويُعرف بقربه من إسرائيل ودعمه لها. كما أقال مراو كيرن، الذي تُظهر خبرته في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” أنه كان على اتصال وثيق بوزارة الدفاع الإسرائيلية. وشمل ذلك أيضاً مايك والتز، النيوكوني المعروف، الذي كان يشكّل ضغطاً كبيراً على فريق ترامب التفاوضي بشأن إيران. هؤلاء جميعاً كانوا يحملون مواقف متشددة تجاه إيران، ورأى الرئيس الأمريكي أنهم يعوقون سياساته تجاه طهران.

لماذا لا يريد ترامب الحرب مع إيران؟

ترامب يضع وعوده الانتخابية في المقام الأول، وكان قد وعد خلال حملته بأنه سيكون رسول سلام في العالم. كما أنه يطمح للحصول على جائزة نوبل للسلام.

تجارة أم سياسة؟

بالإضافة إلى ما سبق، فإن ترامب يضع الولايات المتحدة في مركز اهتمامه، وكثيراً ما انتقد أسلافه لاستمرارهم في حروب أفغانستان والعراق، وهو لا يرغب في إدخال بلاده في حرب مماثلة أو ربما أكثر تعقيداً.

فضلاً عن أن ترامب رجل أعمال، ينظر إلى السياسة من زاوية اقتصادية، ويُفضّل الدخول في صفقة مع إيران بدلاً من خوض حرب معها. وهو يدرك أن الحرب تدمّر بيئة الاستثمار، ولا يرغب، وهو الذي يرتبط بعلاقات اقتصادية جيدة مع الدول العربية، في أن تتضرر استثمارات هذه الدول.

وقد نشرت وكالة بلومبرغ تحليلاً أشارت فيه إلى أن مضيق هرمز يُعد من الأسباب الأخرى التي قد تحول دون شن إسرائيل هجوماً على إيران، نتيجة عدم رضا ترامب، إذ إن نحو 35 في المئة من صادرات النفط والغاز العالمية تمر عبر هذا المضيق، ومن الطبيعي أن تكون أولى ردود إيران على أي تهديد هي إغلاق المضيق، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة.

السياسيون المجانين يطفئون الأنوار

كل ما سبق يمثل تحليلاً عقلانياً، لكن لا يُستبعد أن يُقدم نتنياهو، في خطوة غير عقلانية وربما متهورة، على شن هجوم من دون تنسيق أو رضا أمريكي، كما أن جزءاً كبيراً من التاريخ، لا سيما كوارثه، كُتب بأيدي قادة يفتقرون إلى العقل والمنطق، وغالباً ما دفعوا ثمناً باهظاً لقاء خياراتهم الخاطئة.

ومع ذلك، طالما أن الدبلوماسيين لا يزالون منخرطين في مفاوضات مباشرة وغير مباشرة، وطالما أن شعلة الدبلوماسية ما زالت مضاءة، حتى وإن لم تُحقق نتائج ملموسة، فإن العسكريين المتشددين في الولايات المتحدة وإسرائيل لن يكونوا هم من يقرر مصير هذه الأزمة. ففشل المساعي الدبلوماسية هو الحلم الذي يتغذى عليه العسكريون المسلحون بأصابع على الزناد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى