تقرير رسمي: كيف يهدد الفقر المستقبل التعليمي للأطفال في إيران؟

أظهر تقرير حديث صادر عن مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني أن الفقر الاقتصادي وتراجع الموازنات التعليمية قد أديا إلى تدهور كبير في جودة التعليم بالمدارس الإيرانية.

ميدل ايست نيوز: أظهر تقرير حديث صادر عن مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني أن الفقر الاقتصادي وتراجع الموازنات التعليمية قد أديا إلى تدهور كبير في جودة التعليم بالمدارس الإيرانية، حيث انخفض متوسط درجات طلاب الصف الثاني عشر في العامين الماضيين إلى ما دون العشرة من عشرين، في وقت يتزايد فيه معدل التسرب من المدارس.

وأعد التقرير المعنون بـ”فقر التعليم” بالتعاون مع مجموعة من الباحثين، ويهدف إلى دراسة وضع الفقر التعليمي وعلاقته بالفقر المادي لدى الأسر الإيرانية.

وتُظهر الإحصاءات الصادرة عن البنك المركزي ومركز الإحصاء الإيراني أن نسبة الإنفاق على التعليم والترفيه في ميزانيات الأسر شهدت تراجعاً حاداً خلال العشرين عاماً الماضية، حيث انخفضت حصة التعليم من مجمل نفقات الأسر الحضرية من 2.1٪ في عام 2004 إلى 1.8٪ في عام 2013، ثم إلى 0.8٪ فقط في عام 2023.

ويكتسب التعليم أهمية خاصة لدى الأسر منخفضة الدخل، لأنه يمثل وسيلة لكسر حلقة الفقر؛ إذ إن تمكُّن أفراد هذه الأسر من الحصول على تعليم مناسب يزيد من فرصهم في الحصول على وظائف أفضل مستقبلاً ومساعدة أسرهم على الخروج من دائرة الفقر.

لكنّ التقرير يشير إلى أن العقوبات الاقتصادية والمشكلات المالية دفعت أيضاً الأسر في إيران ذات الدخل المتوسط نحو دائرة الفقر، مما تسبب في تقليص نفقاتها التعليمية، وبالتالي ضعف رأس المال البشري للجيل القادم، وارتفاع احتمال استمرار الفقر في هذا الجيل مقارنةً بآبائهم.

ويُظهر تحليل نتائج تقرير “ميزانية الأسر في المناطق الحضرية” للعام 2023 أن 9.2٪ من الإيرانيين أميّون، و2.2٪ قادرون على القراءة والكتابة دون تعليم رسمي، و21٪ حاصلون على التعليم الابتدائي، و43٪ على التعليم الإعدادي والثانوي، فيما بلغت نسبة الحاصلين على تعليم جامعي 26.6٪.

كما تفيد بيانات وزارة التعليم أن عدد التلاميذ الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس خلال العام الدراسي 2023-2024 تجاوز 928 ألفاً، بزيادة أكثر من 200 ألف عن العام السابق، في حين تجاوز عدد المنقطعين عن الدراسة في العام ذاته 247 ألف تلميذ.

وبحسب خبراء مركز الدراسات البرلماني، فإن تراجع الميزانية الحكومية المخصصة للتعليم، بالتوازي مع انخفاض إنفاق الأسر، يساهم في تعميق الفجوة التعليمية وزيادة الفقر التعليمي، إذ إن الفئات الأعلى دخلاً ما تزال قادرة على الوصول إلى تعليم عالي الجودة، في حين تعاني الطبقات الفقيرة من ضعف الوصول إلى التعليم الجيد.

ويوضح التقرير أن حصة التعليم في ميزانية الدولة عام 2013 بلغت نحو 8٪، وهو المعدل الأدنى في السنوات الأخيرة، بينما كان المعدل العالمي حينها 14٪. أما في ميزانية عام 2023 فقد بلغت هذه الحصة 10.53٪ فقط، وهو ما يشير إلى أن مخصصات التعليم في إيران لا تزال أقل من المتوسط العالمي ومن مثيلاتها في الدول المماثلة.

ويُظهر التقرير أن معدل الأمية في إيران يبلغ في المتوسط 12.33٪، وترتفع هذه النسبة في المناطق الريفية إلى أكثر من ضعف المدن، حيث تبلغ في المدن 8.63٪، وفي القرى 19.35٪.

ويتركز تسرب الطلاب من المدارس في إيران بشكل أكبر في المرحلة الثانوية العليا (الثلاث سنوات الأخيرة حتى الحصول على الدبلوم)، وقد سُجل أعلى معدل للتسرب في العام الدراسي 2018-2019، ويرجّح الباحثون أن تكون الضغوط الاقتصادية والعقوبات من أبرز الأسباب التي دفعت العديد من الطلاب إلى عدم الانتقال للمرحلة الدراسية التالية.

وفيما يتعلق بجودة التعليم، يشير التقرير إلى أن الامتحانات العامة للصف الثاني عشر، التي تُجرى على مستوى البلاد، أظهرت تراجعاً في متوسط الدرجات بين عامي 2019 و2024، وكان التراجع أكثر حدة في فرع الأدب والعلوم الإنسانية.

وفي اختبار “تيمز” لقياس جودة التعليم ومستوى الرياضيات والعلوم لدى طلاب الصفين الرابع والثامن، حصلت إيران في آخر اختبار عام 2023 على معدل 420 في الرياضيات للصف الرابع، وهو أقل من الحد المعياري البالغ 500، ما وضعها في المرتبة 53 من أصل 58 دولة مشاركة.

أما اختبار “بيرلز” الذي يقيس مهارات القراءة والفهم لدى طلاب الصف الرابع، فقد أُجري في إيران عام 2022 بعد عام من جائحة كوفيد-19، وأظهر أن 59٪ من الطلاب الإيرانيين تجاوزوا الحد الأدنى العالمي البالغ 400 نقطة، بينما لم يتمكن 41٪ من الوصول إليه، مقارنة بمتوسط عالمي لا يتجاوز 6٪ فقط.

كل هذه المعطيات تعكس بوضوح الأزمة التي يعاني منها قطاع التعليم في المدارس الإيرانية، ومع استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقم الفقر، فإن التوقعات بشأن تحسُّن الوضع التعليمي في إيران تظل ضعيفة. وفي هذا السياق، فإن ازدياد الأمية، وتوسع ظاهرة التسرب، وتراجع جودة التعليم تمثل النتائج المتوقعة في المستقبل القريب.

اقرأ اكثر

دراسة جديدة: ما دوافع الخريجين الإيرانيين للانخراط في تجارة كتابة الرسائل الجامعية؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 + عشرين =

زر الذهاب إلى الأعلى