من الصحافة الإيرانية: هل تسمح علاقات إيران بالدول العربية بإنشاء اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم؟

بعيداً عن مدى رغبة القوى الغربية والولايات المتحدة في بقاء منشآت ومعرفة التخصيب في الأراضي الإيرانية، تفضل الدول العربية أكثر أن تمتلك بنفسها هذه المنشآت والتكنولوجيا ضمن سيادتها الوطنية.

ميدل ايست نيوز: في الآونة الأخيرة، حظيت فكرة إنشاء اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم بين إيران والدول العربية باهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام والخبراء والرأي العام. يُقال إن هذه الفكرة تُعد من بين المقترحات المطروحة على طاولة المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة لحل النزاعات النووية. لكن يبقى السؤال: إلى أي مدى تتمتع إيران والدول العربية بالاستعداد لتنفيذ مثل هذه الفكرة المعقدة؟

يقول كوروش أحمدي، دبلوماسي إيراني سابق في الأمم المتحدة: «المسألة الرئيسية في هذا الاتحاد هي تحديد شروطه بدقة. هناك فرق كبير بين أن تكون منشآت التخصيب في أراضي إيران أو في أراضي دولة عربية. من الصعب توقع أن تجلب الدول العربية أموالها إلى إيران وتستثمر في منشآت التخصيب هناك، ثم تستخدم اليورانيوم المخصب الناتج من هذه المنشآت.»

ويضيف أن هذا الاختلاف في موقع منشآت التخصيب هو أمر جوهري، وحتى يتم تحديده، فإن أي نقاش حول جدوى تنفيذ هذه الفكرة لا يستند إلى أساس متين. ويُعد هذا السيناريو من أهم القضايا التي شغلت النزاع بين إيران والأطراف الخارجية طوال أكثر من نصف قرن منذ طرح الفكرة.

ويقول هذا الدبلوماسي المتقاعد: «إذا افترضنا وجود اتحاد تكون منشآته داخل الأراضي الإيرانية، فإن الأمر لن يكون سهلاً بسبب العلاقات التي تربطنا بالدول العربية. في هذا السيناريو، ستتوقع أن تستثمر الدول العربية في إيران في مجال تخصيب اليورانيوم. عملياً، كل ما ستفعله الدول العربية هو استثمار أموالها في منشآت إيران وإرسال خبرائها، بمن فيهم الفنيين والنوويين والإداريين، إلى هناك. احتمال قبول الدول العربية بمثل هذه الشروط منخفض جداً.»

ورغم أن طهران قامت خلال السنوات الماضية بخطوات عديدة لتطبيع العلاقات مع الدول العربية في المنطقة، إلا أن مستوى العلاقات بين إيران والدول الإقليمية لا يزال دون المستوى المقبول. لدى إيران ودول مجلس التعاون إمكانات كبيرة غير مستغلة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري، وكذلك في التبادلات الثقافية والسياسية والدبلوماسية. يقول أحمدي: «العلاقات بين إيران والدول العربية لم تتقدم بعد بما يكفي، وما زالت علاقة باردة نوعاً ما قائمة بين إيران والدول العربية.»

ويضيف الدبلوماسي المتقاعد: «مستقبل التطورات في الشرق الأوسط غير واضح. اليوم، الإمارات العربية المتحدة والبحرين تربطهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في إطار اتفاقيات أبراهام، ويجريان تعاوناً تجارياً وحتى أمنياً معها. من المتوقع أن تنضم السعودية إلى هذه المعاهدة. في ظل هذا السيناريو، يبقى احتمال تصاعد التوتر بين إيران والسعودية بسبب المشاكل القائمة بين إيران وإسرائيل واردًا. في مثل هذه الظروف، كيف ستسير التعاونات في اتحاد التخصيب النووي الذي يحمل حساسية أمنية وفنية عالية؟»

يبدو أن المحللين ومقدمي فكرة الاتحاد لا يبالغون في تقدير التعقيدات الجيوسياسية والدبلوماسية لهذه القضية، وينظرون إليها ببساطة مفرطة.

من المؤكد أن إيران والدول العربية، وخاصة السعودية، تفضل أن تحصل على تقنيات إنتاج الوقود النووي وتتمكن من الاستفادة من حق تشغيل منشآت التخصيب على أراضيها، لكن كل دولة تفضل أن تكون هذه المنشآت والتكنولوجيا الفنية حصرية لها وتستخدمها كأداة للنفوذ والقوة.

بعيداً عن مدى رغبة القوى الغربية والولايات المتحدة في بقاء منشآت ومعرفة التخصيب في الأراضي الإيرانية، تفضل الدول العربية أكثر أن تمتلك بنفسها هذه المنشآت والتكنولوجيا ضمن سيادتها الوطنية بدلاً من الاستفادة من منشآت وإمكانات إيران. على مدار السنوات الماضية، نشرت تقارير حول برنامج مشترك بين السعودية والصين لتأسيس منشآت دورة إنتاج الوقود النووي في الأراضي السعودية.

إن تحوّل رغبة إيران والسعودية الشديدة في امتلاك برامج تخصيب محلية إلى تعاون مشترك في ظل الظروف الراهنة للعلاقات بين البلدين يبدو أمراً مستبعداً، إذ أن مستوى العلاقات الدبلوماسية والتعاون الفني والاقتصادي والتجاري والثقافي بينهما لا يزال منخفضاً جداً، ولا يُتوقع أن يتطور إلى مستوى من الثقة يسمح بتقاسم مثل هذا الهدف الحساس في المستقبل القريب.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − اثنا عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى