ما الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في قصف العمق الإيراني؟

في الساعات الأولى من فجر اليوم الجمعة كانت طائرات "إف-15" الإسرائيلية تعبر حدود الجغرافيا وتتجاوز كل الخطوط الحمراء وتلقي بقنابلها على الأرض الإيرانية.

ميدل ايست نيوز: في الساعات الأولى من فجر اليوم الجمعة كانت طائرات “إف-15” الإسرائيلية تعبر حدود الجغرافيا وتتجاوز كل الخطوط الحمراء وتلقي بقنابلها على الأرض الإيرانية.

من نطنز إلى الملاجئ تحت الجبال وصولا إلى الحرب الرقمية التي تدار عن بعد خلف الشاشات يتشكل مسرح جديد للمواجهة أكثر شراسة وعدوانية، مسرح لا تهيمن عليه الطائرات فقط، بل كذلك المسيّرات والعملاء وحرب المعلومات والعمليات المباغتة.

قالت إسرائيل إن ضرباتها استهدفت على دفعات منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية وقادة عسكريين وعلماء نوويين، وإن هذه بداية عملية مطولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي.

في المقابل، أفادت وسائل إعلام إيرانية وشهود عيان بوقوع انفجارات في مواقع عدة، من بينها منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، في حين أعلنت إسرائيل حالة الطوارئ تحسبا لرد إيراني بضربات صاروخية وطائرات مسيرة.

أولى الملاحظات على الصورة الأولية للتصعيد العسكري كانت بيان وكالة الدولية للطاقة الذرية الذي جاء فيه أن مفتشي الوكالة يواصلون تقديم تقارير عن الوضع الميداني على الأرض.

ووفق آخر التحديثات، فإنه لم يُرصد أي تسرب للمواد الإشعاعية، وذكرت الوكالة أنه “لم تحدث زيادة في مستويات الإشعاع” في موقع نطنز عقب الضربات.

Smoke rises up after an explosion in Tehran, Iran, Friday, June 13, 2025. (AP Photo/Vahid Salemi)
تصاعد الدخان بعد ضرب مواقع في طهران صباح يوم 13 يونيو/حزيران 2025 (أسوشيتد برس)

نطنز تحت القصف

يضعنا ذلك أمام احتمالين أساسيين لاستهداف المنشآت النووية، الأول أن إسرائيل حاولت بالفعل تدمير المنشأة النووية بالكامل لكنها لم تتمكن من ذلك، والآخر أنها أرادت إخراج المنشأة عن العمل لكن بشكل لا يسمح بتسريب نووي قد يصل أثره إلى دول مجاورة، مما يعني أن الضربة كانت محدودة.

تقع منشأة نطنز على بعد نحو 250 كيلومترا جنوب طهران، وقد بنيت عند سفوح سلسلة جبال كركس، مما يوفر غلافا طبيعيا جبليا يعزز الحماية.

تضم المنشأة قسما رئيسيا لتخصيب اليورانيوم يحتوي على آلاف من أجهزة الطرد المركزي، وقد بنيت المنشأة على عمق يقدّر بين 8 و23 مترا ضمن مصفوفات خرسانية مسلحة بسمك أمتار عدة، كما تحتوي المنشأة على سقف إسمنتي مقوى فوق القاعات، وهو سقف يعتقد أنه قادر على امتصاص أو تحمّل القصف التقليدي.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن إيران بدات ضخ غاز اليورانيوم في أجهزة طرد مركزي جديدة في منشأة نطنز (الفرنسية)
تقع منشأة نطنز على بعد نحو 250 كيلومترا جنوب طهران (الفرنسية)

المنشأة كذلك محمية بأنظمة دفاع جوي مثل صواريخ “تور-إم1” الروسية ومنظومات محلية، وقد أضيفت إليها طبقات من التمويه والخداع الإلكتروني.

وفي السنوات الأخيرة بدأت إيران بتوسيع منشأة نطنز إلى أعماق أكبر (عشرات الأمتار إضافية تحت الجبل) لتصبح شبه منيعة ضد الهجمات الجوية الأميركية التي تستخدم القنابل الخارقة للتحصينات.

وحسب المعلومات المتاحة، فلا توجد سوى قنبلة واحدة يحتمل أن تصل إلى هذا العمق قد تستخدمها إسرائيل لضرب منشآت فوردو ونطنز النووية مثلا، وهي القنبلة الأميركية “جي بي يو-57 إيه بي”.

وتُعرف هذه القنبلة أيضا باسم القنبلة الخارقة للدروع الضخمة (إم أو بي)، وهي قنبلة تقليدية موجهة بدقة لتدمير الأهداف المدفونة والمحصنة على عمق كبير، مثل المنشآت والمخابئ تحت الأرض، وهي تزن نحو 13-14 طنا، ويبلغ طولها 6 أمتار.

هذه القنبلة قادرة على اختراق ما يصل إلى 61 مترا من الخرسانة المسلحة أو ما يصل إلى 12 مترا من الصخور الصلبة، ولا يمكن حملها بواسطة الطائرات المقاتلة الأميركية العادية، بل تحتاج لقاذفة الشبح الأميركية “بي 2 سبيريت” التي تشغَّل بواسطة القوات الجوية الأميركية.

تصميم خاص - المرافق النووية الإيرانية

القنابل المستخدمة في الضربة

من غير المعروف حتى الآن إن كانت إسرائيل قد استخدمت هذه القنابل أم لا، لكن بشكل عام هناك قنابل عدة تستخدمها في سياق هذا النوع من الضربات الجوية وقد استخدمت من قبل، وأولها هو “ذخيرة الهجوم المباشر المشترك (جيه دي إيه إم)، وهي ليست قنبلة بحد ذاتها، بل هي أشبه بعقل إلكتروني يضاف إلى جسد قنبلة تقليدية ليحولها إلى أداة قتل ذكية ومدمرة.

فمثلا إن وضعت تلك الأجهزة على “مارك 84” التي تزن نحو ألف كيلوغرام تتحول إلى قنبلة سميت “بي إل يو 109” قادرة على إصابة أهدافها بدقة عالية.

وتقوم الفكرة على تزويد القنبلة بجهاز ملاحة متطور يعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي إلى جانب زعانف توجيهية تركّب على ذيل القنبلة لتصحح وتوجه مسارها أثناء سقوطها، بالإضافة إلى تقنيات أخرى.

وتستخدم إسرائيل مجموعة إضافية من أطقم القنابل دقيقة التوجيه التي طورتها شركة “رافائيل” الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة تسمى “سبايس”.

وبصيغة تشبه ذخيرة الهجوم المباشر المشترك فهي طقم توجيه إضافي يمكن ربطه بالقنابل “البسيطة” العادية مثل فئة “مارك” (84 و83 و82)، مما يحولها إلى قنابل ذكية عالية الدقة.

(صورة قنبلة مارك 84 مجهزة بنظام ذخيرة الهجوم المباشر المشترك)
قنبلة مارك 84 مجهزة بنظام ذخيرة الهجوم المباشر المشترك (شترستوك)

في مقدمة القنبلة تثبَّت كاميرا كهروضوئية تغذى سلفا بصور مفصلة للهدف أشبه ما تكون بذاكرة قاتلة.

وبفضل دمجها مع نظام تحديد الموقع العالمي “جي بي إس” ونظام الملاحة بالقصور الذاتي “آي إن إس” تستطيع هذه القنابل أن تصيب أهدافها حتى مع غياب إشارات الأقمار الصناعية، أو في أجواء مشوشة.

ويقاس نجاح القنابل الموجهة بما يعرف بـ”احتمال الخطأ الدائري”، أي المسافة بين النقطة المقصودة ونقطة السقوط، وهنا تتفاخر “سبايس” بدقة تقاس بأقل من 3 أمتار.

وتستخدم إسرائيل كذلك قنابل خارقة للتحصينات، لكن ليس بمستوى “جي بي يو 57 إيه بي” مثل قنابل “جي بي يو 28” الموجهة بالليزر، مع وزن أكثر من ألفي كيلوغرام.

وعادة ما تُعرف القنابل الخارقة للتحصينات بأنها تلك القنابل المصممة لاختراق الهياكل المحصنة والمخابئ تحت الأرض، مثل قنبلة “جي بي يو 28” التي يمكنها اختراق ما يصل إلى أكثر قليلا من 30 مترا تحت الأرض أو 6 أمتار من الخرسانة.

صممت هذه القنابل لتكون ثقيلة نسبيا مع قدرتها على التحرك بسرعات عالية، وتستخدم بعض القنابل الخارقة للتحصينات خاصة تلك المصممة للاختراق العميق معززات صاروخية تنشَّط أثناء مرحلة الهبوط النهائية إلى الهدف.

وإلى جانب ذلك، تصمَّم القنابل بغلاف خارجي طويل نسبيا ونحيف ومقوى يمتلك من الكثافة والشدة ما يركز الطاقة الحركية في مساحة سطح صغيرة، وهو ما يرفع قدرتها على الاختراق.

وأضيف إلى هذه المجموعة صاروخ آخر تم تصميمه خصيصا لاختراق وتدمير الهياكل المحصنة، لكن بالطبع ليس مثل حالة “جي بي يو 57 إيه بي”، وهو “رامبيج“.

وهذا الصاروخ أسرع من الصوت، يطلق من مسافة بعيدة من الجو، ويعمل بنظام ملاحة بالقصور الذاتي مع نظام تحديد المواقع العالمي، وأنظمة مضادة للتشويش، وتصوير طرفي بالأشعة تحت الحمراء، ووصلة بيانات ثنائية الاتجاه، مما يعني إمكانية تعديل مساره أثناء الضربة بناء على معلومات استخباراتية.

وقد ذُكر هذا الصاروخ في الهجوم الإسرائيلي على إيران في عملية أبريل/نيسان 2024، ويتراوح مداه بين 150 و250 كيلومترا تقريبا، المدى الأقصر عند إطلاقه من ارتفاعات منخفضة أو من مسافة فاصلة أقصر، ويصل إلى 250 كيلومترا عند إطلاقه من ارتفاعات عالية بواسطة طائرات نفاثة سريعة الحركة.

قنبلة JDAM المتطورة الفتاكة أميركية الصنع وهي موجهة بالليزر
قنبلة “جيه دي إيه إم” المتطورة الفتاكة أميركية الصنع وهي موجهة بالليزر والتي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي (رويترز)

“إف-15”

ما سبق من قنابل تنطلق غالبا من نوعين أساسيين من الطائرات الأميركية الصنع التي تستخدمها إسرائيل بكثافة، وهما “إف-15″ و”إف-16”.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن عشرات المقاتلات نفذت عملية أطلق عليها اسم “الأسد الصاعد”، ووصفها بـ”الضربة الافتتاحية” في قلب إيران، تلتها هجمات وضربات أخرى.

وأضاف الجيش -في بيان صباح اليوم الجمعة– أن 200 مقاتلة شاركت في الهجوم على إيران وضربت نحو 100 هدف في مناطق إيرانية مختلفة، كذلك استُخدمت 300 قنبلة في إطار تنفيذ تلك الهجمات، مشيرا إلى أن الطائرات الحربية “تواصل مهاجمة” منشآت نووية في إيران.

تهتم إسرائيل عاما بعد عام بالطائرة المقاتلة من طراز “إف-15 آي إيه”، والتي يبلغ مدى تحليقها نحو 22 ألف كيلومتر، ولديها القدرة على حمل أكثر من 13 ألف كيلوغرام من الصواريخ والقنابل.

وإلى جانب ما سبق يمكن زيادة مدى هذه الطائرة عبر إضافة خزانات وقود خارجية مصممة لتتناسب بشكل وثيق مع محيط جسم الطائرة، مما يحسّن الديناميكية الهوائية مع توفير سعة وقود إضافية، على عكس الخزانات التقليدية التي تحل محل نقاط تثبيت الأسلحة التي تشغل تلك المساحة في جسم الطائرة.

كذلك، يقلل تصميم هذه الخزانات المقطع العرضي للرادار، وهو أمر مهم بشكل خاص للمهام الخفية، وفي هذا السياق تظل الطائرة محافظة على أداء عالي الكفاءة لمعايير مثل السرعة والقدرة على المناورة.

وبالإضافة إلى ذلك، صممت طائرة “إف-15” لتكون متوافقة مع أنظمة التزود بالوقود جوا، مما يوسع نطاقها التشغيلي بشكل أكبر، وهو أمر بالغ الأهمية للمهام في العمق الجغرافي بعيدا عن القواعد الرئيسية.

ويمكن لطائرة “إف-15” حمل حمولة متنوعة وثقيلة، بما في ذلك الصواريخ جو جو والذخائر جو أرض والقنابل الموجهة، وبذلك يمكنها المشاركة في كل من أدوار التفوق الجوي والهجوم الأرضي أثناء مهمة واحدة، مما يقلل الحاجة إلى طلعات جوية متعددة، ويمكن لهذه الطائرة إطلاق صاروخ رامبيج سالف الذكر.

forward deployed in support of Operation Northern Watch. REUTERS/Cecil
مقاتلات من طراز “إف-15″ و”إف-16” أميركية الصنع التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي بكثرة في هجماته الجوية (رويترز)

“إف-15” مع “إف-16”

وغالبا ما تستخدم مقاتلات “إف-16” مع مقاتلات “إف-15” في نفس الضربة (مع طائرات متعددة الأدوار مثل “إف-35” كذلك)، حيث تمتلك الأولى قدرة عالية على المناورة، مما يسمح لها بالأداء بشكل فعال في مجموعة مهام متنوعة، من الدعم الجوي القريب إلى الضربات الدقيقة عالية السرعة.

ومقارنة بالطائرات النفاثة الأكبر حجما فإن طائرة “إف-16” أكثر فاعلية من حيث التكلفة، مما يسمح بمعدلات طلعات عالية، كما أن نشرها وصيانتها أسهل، خاصة عند التشغيل في تضاريس متنوعة.

وفي هذا السياق، فإن طائرة “إف-15 آي إيه” مزودة بمحركين قويين يحققان قوة دفع عالية، مما يمكنها من الحفاظ على سرعات تفوق سرعة الصوت حتى عندما تكون محملة بشكل كبير.

ولا يقلل ذلك قدرتها على الوصول إلى الأهداف بسرعة على مسافات طويلة، ويمكنها كذلك من المناورة وتغيير الارتفاعات بدرجة من المرونة تحسبا لأي رصد من الدفاع الجوي.

ولمزيد من التأمين فإن الطائرة مزودة بأنظمة رادار متقدمة توفر قدرات الكشف والتتبع بعيدة المدى لكل من الأهداف الجوية والبرية، كما تسمح تقنياتها الإلكترونية بالتنقل والاشتباك مع الأهداف بدقة على مسافات كبيرة.

وبذلك، تتكامل الطائرتان في مهمة واحدة، فتوفر “إف-15” القدرة على حمل سلاح ثقيل للضربات والاشتباكات بعيدة المدى، في حين توفر “إف-16” المرونة التشغيلية والقدرة على التكيف للهجمات الدقيقة، كما تؤدي أدوارا داعمة.

حرب المسيّرات

لكن الأمر كما يبدو تخطى حاجز الطائرات المقاتلة، حيث نقل تقرير صادر عن موقع “إن 12” الإسرائيلي أن الموساد أعد للهجوم على مدى أشهر عديدة، بما في ذلك وضع عملاء في إيران، كما أوضحت منصة “ذا وار زون العسكرية”، وهو أمر لم تؤكده أو تنفيه الجهات الإيرانية الرسمية.

وبحسب منصة “ذا وار زون العسكرية”، وعبر هذا العمل الاستخباري قام أولئك بتشغيل طائرات مسيرة هجومية أحادية الاتجاه وصواريخ مضادة للدروع، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة سرية للطائرات المسيرة “في قلب إيران”، لتحييد الدفاعات الجوية الإيرانية، بحسب المنصة.

ومن بين الأهداف التي ورد أن عملاء إسرائيليين استهدفوها داخل إيران موقع دفاع جوي قرب طهران، وقبل بدء العملية بوقت قصير ضربت طائرات مسيرة إسرائيلية انطلقت من داخل إيران منصات إطلاق صواريخ أرض جو هناك، ممهدة الطريق لشن هجوم أوسع، والذي شاركت فيه أيضا مقاتلات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.

وفي الوقت نفسه، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي أيضا عمليات جوية لقمع وتدمير الدفاعات الجوية للإيرانيين، بما في ذلك “عشرات الرادارات ومنصات إطلاق الصواريخ أرض جو”.

وفي هذا السياق، تم تداول لقطات فيديو تُظهر قوات على الأرض في إيران وهي تشغّل صواريخ رافائيل دقيقة التوجيه.

وأكدت صحيفة هآرتس أن مصادر أمنية إسرائيلية كشفت عن أن جهاز الموساد الإسرائيلي كان قد أنشأ قاعدة عسكرية داخل إيران قبل الضربات الجوية التي نُفذت فجر الجمعة، حيث تم تخزين مسيّرات مفخخة هُرّبت إلى الداخل الإيراني منذ وقت طويل، وقد استُخدمت هذه الطائرات في الهجوم على منشآت عسكرية ونووية إيرانية.

ونقلت هآرتس عن المصادر تأكيدها تجهيز مركبات داخل إيران بأنظمة هجومية وتقنيات متطورة استخدمت لتفكيك قدرات الدفاع الجوي الإيرانية، مما مكّن الطائرات الإسرائيلية من تنفيذ مهمتها دون مقاومة فعالة.

وأشار التقرير إلى أن هذه العملية لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة جمع معلومات استمر لسنوات، وشمل ملفات دقيقة عن شخصيات بارزة في المؤسسة الدفاعية الإيرانية وعلماء نوويين، إضافة إلى البنية التحتية الصاروخية الإستراتيجية لطهران.

ورغم ضراوة الضربات الإسرائيلية وعمق التخطيط الاستخباراتي وتنوع أدوات الهجوم من مقاتلات إلى طائرات مسيرة وصواريخ ذكية فإن ما تكشفه هذه العملية في جوهرها ليس قوة إسرائيل بقدر ما يكشف مأزقها.

فالهجوم ليس تعبيرا عن ثقة إستراتيجية أو تفوق كاسح، بل عن قلق وجودي يتزايد مع كل يوم تقترب فيه إيران من عتبة النووي العسكري، ومع كل جبهة مقاومة جديدة تُفتح ضد إسرائيل.

ثمة جيوش تتراجع لكن لا تختفي، وهناك دول تُستهدف في العمق لكنها لا تسقط، فإيران -بخبرتها الطويلة في إدارة الحصار والصراع- لم تعد خصما يمكن تحييده بضربة جوية أو عمليات استخباراتية نوعية، بل تحولت إلى خصم شبكي مرن.

ومقابل ذلك تظهر إسرائيل كطرف قوي يهاجم من موقع الارتباك ويتحرك دون إستراتيجية خروج واضحة.

وقد أشارت معظم التقديرات إلى أن الضربات الإسرائيلية بمفردها قد تؤخر البرنامج النووي الإيراني لأشهر عدة.

في المقابل، تشير التقارير العامة إلى أن الضربات الأميركية قد تؤخر البرنامج النووي الإيراني لمدة تصل إلى عام.

ووفق التصعيد العسكري المتسارع وطبيعة الهجوم الإسرائيلي المدعوم أميركيا يبدو مرجحا أن تسارع إيران الآن جاهدة نحو امتلاك سلاح نووي لا بديل عن امتلاكه إذا ما استطاعت أن تخرج من هذا التصعيد الذي يهدد وجودها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى