من الصحافة الإيرانية: خميس “ترامب” لم يكن يوماً للتفاوض… بل رمزاً للهجوم

الهجوم الوحشي الذي شنّه الكيان الإسرائيلي على إيران شكّل صدمة كبيرة للرأي العام الإيراني الذي كان يستعد لاستئناف المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة يوم الأحد 15 يونيو.

ميدل ايست نيوز: صنع السياسات في العالم المضطرب الراهن، حيث تصرفات الفاعلين الدوليين تُحاكي نظرية “الإنسان للإنسان ذئب” لتوماس هوبز، يتطلب معرفة دقيقة وفنًّا رفيعًا في الإدارة السياسية، بحيث يتم تحليل أصغر المؤشرات بعناية واعتبارها عناصر أساسية في صياغة السياسات الكبرى.

وفي زمنٍ تتحرّك فيه الأطراف الفاعلة في النظام الدولي على أساس هذه النظرة العدائية، فإن أي طرف لا يملك القدرة على الفهم الدقيق لتحركات وتصريحات خصومه، سيكون الخاسر في لعبة القوة، وهدفًا لذئاب هذا النظام العالمي.

الهجوم الوحشي الذي شنّه الكيان الإسرائيلي على إيران فجر الجمعة شكّل صدمة كبيرة ومفزعة للخبراء والمواطنين في إيران والمنطقة، الذين كانوا يستعدون لاستئناف المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة يوم الأحد 15 يونيو.

إن رعب الهجوم الشامل على الأراضي الإيرانية، واستشهاد عشرات القادة العسكريين والعلماء ومئات المدنيين الأبرياء، لم يكشف فقط عن الطبيعة الهمجية لإسرائيل وحلفائها، بل فضح أيضًا ثغرة كبيرة في نظام السياسة وصنع القرار الإيراني، تتجلى في إهمال التفاصيل الدقيقة والإشارات الخاصة التي تصدر عن الخصوم والأعداء في سلوكهم وتصريحاتهم.

فرغم تعدد المؤشرات على قرب الهجوم الإسرائيلي على إيران، إلا أن أبرز رموز هذا الهجوم المبكر يمكن رصده في تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، التي لم يستطع البعض فهمها، بل فسروها بأنها دليل على جهله أو اضطرابه الذهني.

رمز “كيو آر” ترامب لإيران وإسرائيل

في 8 يونيو، أعلن ترامب أنه أجرى “مكالمة هاتفية ممتازة” مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأضاف قائلاً: “الجولة التالية من المفاوضات مع إيران ستُعقد يوم الخميس”.

المكالمة الممتازة مع نتنياهو، والإعلان عن يوم الخميس كموعد للجولة السادسة من المفاوضات النووية، كانا بمثابة إشارة واضحة لكلا الطرفين – إيران وإسرائيل – مفادها أن ترامب أعطى الضوء الأخضر للهجوم الإسرائيلي نهاية الأسبوع، وأن يوم الخميس سيكون يوم الهجوم، لا يوم التفاوض.

ادعاء ترامب بأن المفاوضات النووية ستُعقد يوم الخميس 12 يونيو لم يكن خطأً ناتجًا عن جهله بالجدول الزمني، بل رسالة صريحة لقوتين إقليميتين كبيرتين:

– رسالة لإسرائيل بأن الهجوم يوم الخميس يحظى بموافقة ودعم أميركي.

– ورسالة لإيران بأن ذلك اليوم سيكون يوم العدوان عليها.

الإعلان عن يوم الخميس باعتباره موعدًا للتفاوض النووي، كان في الواقع رمزًا مشفرًا للمنطقة – وخاصة لإيران وإسرائيل – لإطلاق الحرب.

وبينما عجزت إيران عن فك شيفرة رسالة “مفاوضات الخميس” الصادرة عن ترامب، تلقّفت إسرائيل هذه الرسالة جيدًا ونفذتها على الأرض.

في المقابل، وضع عجز النظام الإيراني في السياسة العامة والاستراتيجية عن فهم رسالة ترامب، والتي جاءت في صورة تداخل زمني مقصود بين موعد الهجوم وموعد التفاوض، وضع صُنّاع القرار في إيران في موقف شديد الحرج والضعف.

وفضح الهجوم الإسرائيلي الوحشي، الذي نُفذ بدعم مباشر وشامل من الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها، مواطن الخلل في أجهزة وهياكل صنع القرار الإيراني، التي عجزت عن التركيز على الوقائع وفهم الرموز السلوكية للخصوم.

ومن هنا، يصبح من الضروري إعادة هيكلة جهاز السياسة العامة وصانعي القرار في إيران.

يمكن الجزم بشكل قاطع بأن إيران فشلت في تفسير رسالة ترامب المشفّرة التي حددت توقيت الهجوم الإسرائيلي. هذا الحدث – بما يحمله من أضرار وخسائر باهظة – ينبغي أن يكون درسًا بالغ الأهمية للنظام السياسي في إيران، يمهّد الطريق لإصلاح وتحسين السياسة العامة، وخاصة الخارجية والاستراتيجية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى