بلومبيرغ: ماذا لو حاولت إيران إغلاق مضيق هرمز؟
قصفت الولايات المتحدة الأميركية المواقع النووية الإيرانية الثلاثة الرئيسية في تصعيد كبير للصراع هذا الشهر في الشرق الأوسط.

ميدل ايست نيوز: قصفت الولايات المتحدة الأميركية المواقع النووية الإيرانية الثلاثة الرئيسية في تصعيد كبير للصراع هذا الشهر في الشرق الأوسط. وقالت طهران إنها ستحتفظ بكل الخيارات للدفاع عن نفسها. هذا التحرك الأميركي أثار التكهنات بأن القيادة الإيرانية قد تلجأ إلى وسيلة أخرى للضغط على أعدائها ليتراجعوا — عبر قطع أو إغلاق مضيق هرمز فعليًا أمام حركة الملاحة.
هذا الممر المائي الضيق عند مدخل الخليج يتعامل مع حوالي ربع تجارة النفط البحري في العالم. لذلك، إذا تمكنت إيران من منع دخول ناقلات النفط العملاقة التي تنقل النفط والغاز إلى الصين وأوروبا وغيرها من المناطق الكبرى المستهلكة للطاقة، فإن ذلك سيدفع أسعار النفط إلى الارتفاع بشكل كبير وربما يزعزع استقرار الاقتصاد العالمي.
وكانت إيران قد استهدفت السفن التجارية العابرة للنقطة الضيقة في وقت سابق، وهددت بإغلاق المضيق على مدى سنوات. قبل الضربات الأميركية، كانت شحنات النفط من المنطقة ومن مضيق هرمز غير متأثرة إلى حد كبير بالصراع. شهدت شحنات النفط من إيران نفسها زيادة، وظل نشاط ناقلات النفط عبر المضيق ثابتًا إلى حد كبير. ومع ذلك، نصحت وزارة النقل اليونانية اليوم الأحد مالكي السفن بمراجعة استخدام المضيق.
هل يمكن لإيران فعلاً إغلاق مضيق هرمز؟
لا تملك إيران سلطة قانونية لوقف حركة المرور عبر المضيق، لذا يتعين عليها تحقيق ذلك بالقوة أو من خلال تهديد باستخدامها. إذا حاولت البحرية الإيرانية منع دخول السفن، فمن المرجح أن تواجه ردًا قويًا من الأسطول الخامس الأميركي وغيره من البحريات الغربية المتمركزة في المنطقة. مع ذلك، يمكنها أن تسبب اضطرابًا شديدًا دون أن تخرج أي سفينة حربية إيرانية من الميناء. وأحد الخيارات هو مضايقة السفن بزوارق دورية صغيرة وسريعة، أو إطلاق طائرات مسيّرة وصواريخ باتجاه السفن من مواقع ساحلية أو داخلية، مما يجعل مرور السفن التجارية خطيرًا جدًا.
في المقابل، تسعى قوة بقيادة الولايات المتحدة في البحر الأحمر إلى حماية الملاحة هناك، لكن عدد السفن التي تمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن انخفض بحوالي 70% في يونيو/حزيران مقارنة بمستويات عامي 2022 و2023، حسب شركة “كلاركسون” لأبحاث الشحن، مما اضطر مشغلي السفن إلى تغيير مساراتها حول رأس أفريقيا بدلًا من المرور عبر قناة السويس — وهو ما يزيد من مدة وتكلفة الرحلة بين آسيا وأوروبا، وفقاً لما نقلته وكالة “بلومبيرغ”. وإغلاق مضيق هرمز سيضرب اقتصاد إيران بسرعة، لأنه سيمنعها من تصدير نفطها. كما سيغضب الصين، أكبر مشترٍ للنفط الإيراني وشريك مهم استخدم حق النقض في مجلس الأمن لحماية إيران من العقوبات والقرارات الغربية.
من يعتمد أكثر على مضيق هرمز؟
تصدر السعودية أكبر كمية نفط عبر مضيق هرمز، لكنها تستطيع تحويل شحناتها إلى أوروبا عبر خط أنابيب بطول 746 ميلاً عبر المملكة إلى محطة على البحر الأحمر، مما يسمح بتجنب مضيق هرمز والبحر الأحمر الجنوبي. بينما تستطيع الإمارات تصدير جزء من نفطها عبر خط أنابيب ينقل 1.5 مليون برميل يوميًا من حقول النفط إلى ميناء الفجيرة في خليج عمان جنوب هرمز. ومع إغلاق خط أنابيب العراق إلى البحر المتوسط، تُشحن كل صادرات النفط العراقية حاليًا عبر البحر من ميناء البصرة مرورًا بالمضيق، ما يجعلها تعتمد بشكل كبير على مرور حر. أما الكويت وقطر والبحرين فلا خيار أمامها سوى الشحن عبر المضيق.
إلى جانب ذلك، معظم النفط المار عبر مضيق هرمز يتجه إلى آسيا. وتعتمد إيران أيضًا على المرور عبر المضيق لصادرات نفطها، حيث لديها محطة تصدير في جاسك عند الطرف الشرقي للمضيق، افتتحت رسميًا في يوليو/تموز 2021. وتوفر هذه المنشأة لطهران وسيلة لتصدير بعض نفطها دون استخدام المضيق، وكانت صهاريج التخزين تُملأ تدريجيًا بالنفط الخام في أواخر العام الماضي.
متى أوقفت إيران الملاحة سابقًا؟
في إبريل/نيسان 2024، وقبل ساعات من شن هجوم بطائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل، استولى الحرس الثوري الإيراني على سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل قرب مضيق هرمز، ثم أفرج عن طاقمها في الشهر التالي. زعمت طهران أن السفينة انتهكت اللوائح البحرية، غير أن المحللين رأوا أن الدافع كان مرتبطًا بملكية السفينة الإسرائيلية.
وبالعودة إلى إبريل/نيسان 2023، فقد استولت إيران على ناقلة متجهة إلى الولايات المتحدة، مبررة ذلك بأنها اصطدمت بسفينة أخرى، إلا أن الخطوة بدت ردًا على مصادرة أميركية لسفينة تحمل نفطًا إيرانيًا قرب ماليزيا بسبب انتهاك العقوبات. أما في مايو/أيار 2022، فاستولت إيران على ناقلتي نفط يونانيتين واحتجزتهما لمدة ستة أشهر، على الأرجح ردًا على مصادرة يونانية وأميركية لشحنة نفط إيراني من سفينة مختلفة، قبل أن تفرج عن الناقلتين والشحنة النفطية. كما احتجزت ناقلة أخرى في يناير ردًا على ما وصفته بـ”سرقة النفط من الولايات المتحدة”.
كيف ردت الولايات المتحدة وحلفاؤها على تهديدات مضيق هرمز سابقًا؟
خلال حرب الناقلات، لجأت البحرية الأميركية إلى مرافقة السفن عبر الخليج. في عام 2019، أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات وقاذفات B-52 إلى المنطقة. وفي العام نفسه، أطلقت عملية “سنتينل” ردًا على تعطل الملاحة بفعل إيران. وانضمت إلى العملية عشر دول أخرى، من بينها المملكة المتحدة والسعودية والإمارات والبحرين، لتشكيل ما يُعرف الآن بالبنية الأمنية البحرية الدولية. ومنذ أواخر عام 2023، تحول التركيز بشكل أكبر نحو حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر الجنوبي ومضيق باب المندب، حيث أصبحت الهجمات التي يشنها الحوثيون المدعومون من إيران على السفن مصدر قلق أكبر، وفقاً لوكالة “بلومبيرغ”.
أين يقع مضيق هرمز؟
يربط مضيق هرمز بين الخليج العربي والمحيط الهندي، حيث تقع إيران شماله، والإمارات العربية المتحدة وعُمان جنوبه. يبلغ طوله حوالي 100 ميل (161 كيلومترًا) وعرضه 21 ميلًا عند أضيق نقطة، مع مسارات ملاحية في كل اتجاه بعرض ميلين فقط. عمقه الضحل يجعل السفن عرضة للألغام، وقربه من اليابسة — وخاصة من إيران — يعرّض السفن لهجمات صاروخية من الشواطئ أو لاعتراضها بواسطة زوارق دورية وطائرات هليكوبتر.
ويُعتبر المضيق حيويًا لتجارة النفط العالمية، حيث تنقل الناقلات حوالي 16.5 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات يوميًا من السعودية والعراق والكويت والإمارات وإيران عبر المضيق خلال عام 2024، وفقًا لبيانات “بلومبيرغ”. كما أن المضيق يلعب دورًا مهمًا في نقل الغاز الطبيعي المسال (LNG)، إذ يمر عبره أكثر من خمس إمدادات العالم، معظمها من قطر، خلال الفترة نفسها.