من الصحافة الإيرانية: أين روسيا من الحرب الإيرانية مع إسرائيل؟
قال الرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني إن الشعب الإيراني سبق أن دفع ثمن الحرب الروسية على أوكرانيا بما يفوق الحد. ومع اندلاع هذه الحرب، شهدنا مواقف صامتة وسلبية تمامًا من روسيا والصين.

ميدل ايست نيوز: مع مرور أكثر من أسبوعين على الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت أهدافًا داخل الأراضي الإيرانية، إلا أن ما دوّى في الرأي العام الإيراني أكثر من أصوات الانفجارات وصفارات الإنذار، كان صمت الحلفاء الاستراتيجيين لطهران. وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عن عزمه التوجه إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإجراء مباحثات معه.
وصف عراقجي روسيا، في تصريحات رسمية، بأنها “صديقة لإيران”، وأكد أن “إيران وروسيا تتمتعان بشراكة استراتيجية، ونحن نتشاور وننسق دائمًا”، إلا أن الوقائع الميدانية خلال الأسبوع الأول من الحرب تروي رواية مختلفة. فحتى الآن، لم يُلاحظ أي دعم عسكري أو حتى موقف حازم من الشريك الاستراتيجي لطهران، بل إن بوتين صرّح في واحدة من مداخلاته النادرة أن “طهران أساسًا لم تطلب منهم المساعدة”.
وفي هذا السياق، قال حشمت الله فلاحت بيشه، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، في مقابلة مع موقع “رويداد 24” وبنبرة نقدية حادة: “أعتقد أن الحرب التي لم يكن ينبغي لها أن تبدأ، بدأت للأسف. لقد سعيت شخصيًا طوال أكثر من 22 عامًا لمنع وقوع إيران في مثل هذا الفخ، والآن أشعر بالحزن والأسى أكثر من أي وقت مضى لحدوث ذلك”.
وأضاف: “الواقع الآن أن وقت الدفاع قد حان، وعلى الشعب الإيراني أن يضع نفسه مكان الجنود الذين يقاتلون في ظروف بالغة الصعوبة. لكن السؤال الأساسي هو: ما هو الدور الذي لعبته أو ستلعبه الصين وروسيا كقوتين عالميتين في هذه الحرب؟ الجواب هو: لا شيء”.
وأشار فلاحت بيشه إلى برود موقف موسكو وبكين، مؤكدًا أن هذين البلدين لم ينظرا يومًا إلى إيران نظرة استراتيجية. ومع ذلك، حذر من أن تجاهلهما لصمود إيران قد ينقلب في نهاية المطاف عليهما: “إيران تقف اليوم، بقدراتها المحلية، في وجه أكبر الترسانات العسكرية الغربية. تجاهل الصين وروسيا لهذا الظلم، سيعود عليهما بالضرر في نهاية المطاف”.
واعتبر تصريح بوتين بأن إيران لم تطلب المساعدة بأنه “محاولة للتهرب من ديونهما التاريخية”، وأضاف: “الشعب الإيراني سبق أن دفع ثمن الحرب الروسية على أوكرانيا بما يفوق الحد. ومع اندلاع هذه الحرب، شهدنا مواقف صامتة وسلبية تمامًا من روسيا والصين. وعندما نجحت إيران في فرض توازن في المعركة، رد الروس ببرود قائلين إن طهران لم تطلب شيئًا”.
وتطرق هذا الخبير الأمني إلى دور أنظمة الدفاع الروسية، مشيرًا إلى أنها لم تؤدِ أي دور فعال في اللحظات الحرجة، وأضاف: “لم نعتمد على منظومة إس-300 الروسية، ولا نعتمد أيضًا على أي دعم لم يصل ولن يصل”.
ووجه تحذيرًا شديدًا لدول المنطقة الإسلامية، وقال: “إذا نجت إسرائيل، بطبعها الدموي، من هذه الحرب، فإن مستقبلًا مهددًا ينتظر مصالح دول المنطقة، وخصوصًا الدول الغربية. من المؤسف أن بعض الدول الإسلامية، التي عانت مرارًا من إسرائيل، أصبحت اليوم مجرد متفرج سلبي”.
كما أشار فلاحت بيشه إلى موقف ألمانيا، قائلًا: “المستشار الألماني صرّح بأن إسرائيل تقوم بالأعمال القذرة نيابة عن الغرب. وهذا يعني أن الغرب أطلق يد إسرائيل لمهاجمة إيران، وقد يستخدمها مستقبلًا ضد الصين وروسيا أيضًا، لتنفيذ الأعمال القذرة ذاتها ضد هاتين القوتين”.
ووجّه تحذيرًا مباشرًا إلى الصين وروسيا ودول المنطقة، قائلاً: “إذا لم ترغبوا في أن تتحملوا غدًا عبء لاعب قذر، فعليكم أن تتحركوا اليوم وتمنعوا اختلال ميزان الحرب لصالح هذا اللاعب”.
وفي ختام تصريحاته، شدد الرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني على أن سبب غياب الدعم الروسي وعدم طلب إيران للمساعدة يعود إلى غياب الرؤية الاستراتيجية المتبادلة بين الطرفين. لكنه أبدى تفاؤله بإمكانية تغيير هذا الوضع، مضيفًا: “أعتقد أنه في حال انتصار إيران في هذه الحرب، فإن حتى الصين وروسيا ستضطران إلى تغيير موقفيهما”.