كيف قرأت الصحافة الإيرانية مجريات الحرب مع إسرائيل ما بعد وقف إطلاق النار؟

انتقدت صحيفة إيرانية بشدة ضعف النظام الإعلامي الرسمي للدولة وهيئة الإذاعة والتلفزيون، واعتبرتهما من نقاط الاختناق الاستراتيجية في الحروب المقبلة.

ميدل ايست نيوز: في افتتاحية عددها الصادر اليوم الأربعاء، نشرت صحيفة “جوان” مقالاً لعبدالله كنجي، الصحفي المحافظ، قدّم فيه قائمة بالأسباب التي تضع إيران في موقع المنتصر في الحرب الـ 12 يوم مع إسرائيل، كما شرح سبب الضربة التي تلقتها إيران في اليوم الأول من الحرب وخسارتها لعدد من كبار القادة.

وكتب كنجي في مقاله: “خطوط الاتصالات – عبر الهواتف المحمولة – هي القاتل الحقيقي لقادتنا وعلمائنا، كما كانت – وفق ما قاله الشهيد نصرالله – سبباً في اغتيال قادة حزب الله. يجب معالجة هذا الخلل والاستعداد للمستقبل”.

وأشار أيضاً إلى فشل إسرائيل والولايات المتحدة في تحقيق أهدافهما الرئيسية من الحرب، والمتمثلة في تدمير القدرات النووية والصاروخية لإيران وتغيير النظام السياسي، وكتب: “فخرنا هو أننا: 1- قاتلنا قوتين ورددنا على كليهما؛ 2- هما من بدأ الحرب، وهما من طلبا وقفها؛ 3- الطلقة الأخيرة كانت من إيران، وآخر ضربة منا كانت الأقسى؛ 4- الصناعة النووية بقيت، بل ترسخت قوتها بعد الحرب؛ 5- استخدمنا سلاحاً محلي الصنع دون طلب دعم من أحد؛ 6- جعلنا الأراضي المحتلة مثل غزة؛ 7- أعدنا المعارضة الإيرانية والمتعاونة مع الصهاينة عشرات السنين إلى الوراء وفضحناهم. والأهم أن دماء شهدائنا فجّرت نهضة في شبابنا وأحيت روح الوطنية في جيل Z”.

وفي ختام مقاله، أكّد أن “لا سلام مع الصهاينة ولا هدنة، ما جرى لم يكن سوى نهاية لتبادل النيران. فالحرب بين الحق والباطل، بين الفقر والغنى، وبين الاستكبار والمستضعفين، حرب لا نهاية لها، وموقعنا منها واضح”.

من جهتها، صحيفة “كيهان”، وفي أول يوم بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل، نشرت تقريراً تحت عنوان “فرض وقف إطلاق النار وتدمير إسرائيل وضرب قاعدة العديد – الإصبع لا يزال على الزناد”، قالت فيه: “كان ترامب ونتنياهو يحلمان بتغيير النظام، والاستسلام غير المشروط، وتدمير القدرات النووية والصاروخية الإيرانية، وسعوا إلى تحقيق ذلك من خلال القصف والعملاء والمخربين، لكن إيران قلبت حساباتهم. قوتها الصاروخية دمرت حيفا وتل أبيب وقاعدة العديد الأمريكية في قطر، وأجبرت أمريكا وإسرائيل على اللجوء إلى وقف إطلاق النار. ترامب، بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على العديد، هرب مسرعاً إلى الهدنة ولم يجرؤ على التصعيد. القوات المسلحة صنعت ملحمة مناهضة لأمريكا وإسرائيل”.

وأضاف كاتب “كيهان”: “حربنا مع الكيان الصهيوني، ومع أمريكا أيضاً، هي حرب مقدسة لا تنتهي. سياستنا الثابتة في الحرب والسلم هي ذاتها كلمات الإمام الخميني التي قال فيها: «إسرائيل يجب أن تزول من الوجود». لن ننسى أبداً الأفق الواضح والحكيم الذي رسمه لنا الإمام الراحل”.

أما صحيفة “هم‌ میهن” الإصلاحية فقد تناولت في افتتاحيتها اليوم الشعب الإيراني باعتباره الركيزة الأولى للقوة الوطنية الإيرانية، وكتبت: “هذا الشعب اجتمع للدفاع عن كيان لا نظير له يُدعى إيران، ولم يسمح بأن تؤدي مسببات الاستياء القائمة إلى نسيان قضية الوطن؛ لذلك، للحفاظ على الركيزة الأساسية للقوة الدفاعية، لا بد من رعاية هذا الشعب. وعندما نقول الشعب، فنحن نقصد الغالبية الساحقة من المواطنين الذين كان العدو يتوقع منهم سلوكاً آخر، وقد بنى استراتيجيته على ذلك”.

وأضافت الصحيفة: “لا ينبغي السماح للمتشددين في الداخل، الذين لطالما لعبوا في ملعب الخصم، بأن يقدّموا مفهوماً محدوداً جداً عن الشعب، مما يضعف أهم عناصر القوة الدفاعية في البلاد. الذين سعوا إلى تلميع صورتهم كأنصار للقوة بأي وسيلة، للحصول على مكاسب، أثبتوا أنهم، عندما تكون البلاد في خطر وجودي، لا يمكنهم فعل شيء، بل إن الأمة كلها هي من تنهض للدفاع”.

واعتبرت الصحيفة الإصلاحية أن ثاني ركائز القوة الإيرانية هي القدرات العسكرية، وكتبت: “رغم أن القدرة الهجومية الإيرانية أثبتت فاعليتها، إلا أن الجانب الدفاعي، خصوصاً الدفاع غير المباشر، بحاجة إلى مراجعة وتقوية جوهرية. كما أن على منظومة مكافحة التجسس (ويجب التوسع فيها بشكل منفصل) والأمن السيبراني أن تدرك أن هذا الحجم من القيود وانتشار برامج كسر الحجب لا يخدم أمن البلاد”.

وفي السياق ذاته، انتقدت الصحيفة بشدة ضعف النظام الإعلامي الرسمي للدولة وهيئة الإذاعة والتلفزيون، واعتبرتهما من نقاط الاختناق الاستراتيجية في الحروب المقبلة. وكتبت “هم‌ میهن”: “أكبر نقاط الضعف في إيران هو النظام الإعلامي الرسمي وهيئة الإذاعة والتلفزيون التي تواصل احتكارها دون منافس داخلي، لكن الساحة الإعلامية الفعلية انتُزعت منها من قبل وسائل الإعلام العابرة للحدود، كما أن حظر تيليغرام عمّق هذه الأزمة أكثر”.

أما صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، فقد نشرت مقالة لأبوالفضل فاتح أكد فيها أن “ما جرى لا يعني النهاية”، وكتب: “نحن في مواجهة توقف تكتيكي. وقف إطلاق النار لا يعني نهاية الأزمة. إسرائيل، بصفتها أكثر الحكومات الوكيلة في المنطقة، أثبتت مراراً أنها لا تعتبر وقف النار نهاية، بل فرصة لإعادة الترميم وإعادة تقييم الموقف. هناك خطر من تحركات بالوكالة، أو عمليات تخريب واغتيالات وتهديدات أمنية أخرى. لقد جرى التخطيط لهذه الحرب الجارية منذ سنوات. وهم الآن يخططون للكمين المقبل، وسينفذونه متى استطاعوا بسبب عدائهم المتجذر”.

وأضاف كاتب “اعتماد”: “من خصائص الحرب أنها تُظهر الأصدقاء الحقيقيين في الأوقات الصعبة، والحلفاء الصادقين وقت الأزمات. من المتوقع من وزارة الخارجية أن تشرح ما الذي قدمته الدول التي تدعي صداقتها مع إيران، مثل روسيا والصين، من خطوات حيوية تتجاوز التصريحات الكلامية لدعم بلادنا أو المساعدة في تحقيق وقف إطلاق النار؟ ألم يحن الوقت للبحث عن مخرج من مأزق الوحدة الاستراتيجية أو النقص المزمن في الدعم الدولي الفعلي؟”

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 − اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى