الحرب والتوترات تضرب اقتصاد السياحة في إيران

ألقى تصاعد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل بظلال ثقيلة على قطاع السياحة الإيراني.

ميدل ايست نيوز: ألقى تصاعد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل بظلال ثقيلة على قطاع السياحة الإيراني. ففي وقت لا تزال فيه هذه الصناعة تعاني من ضعف هيكلي وتحديات تاريخية، جاء هذا التصعيد كصدمة إضافية. فعلى الرغم من الإمكانات الثقافية والطبيعية الهائلة التي تمتلكها إيران، لم تستطع السياحة الخارجية الوصول إلى موقعها الطبيعي بسبب ما يُوصف بانعدام الأمن وقوانين مثل الحجاب الإلزامي.

ووفقاً لإحصاءات منظمة السياحة العالمية (UNWTO)، شهدت أعداد السياح الأجانب القادمين إلى إيران في السنوات الأخيرة نمواً متسارعاً؛ إذ ارتفعت من 880 ألف زائر في عام 2021 إلى 4.1 مليون في 2022، ثم إلى 5.9 مليون في عام 2023، ما يمثل نمواً بنسبة 43٪ خلال عام واحد. وبحسب البيانات المحلية، بلغ عدد الزوار الأجانب خلال 2024 نحو 7.3 مليون شخص. ومع ذلك، لا تزال حصة إيران من السوق العالمية للسياحة أقل من 0.5٪، حيث تحتل المرتبة 34 عالمياً، في حين أن دولاً منافسة مثل تركيا والإمارات تستقطب عشرات الملايين من السياح سنوياً.

يُذكر أن غالبية السياح الأجانب إلى إيران يأتون من دول الجوار، وقد تصدرت كل من العراق وأفغانستان وتركيا قائمة الزوار خلال السنوات الأخيرة، وذلك في الغالب لأغراض دينية أو طبية. أما السياح القادمون من الدول الأوروبية أو الغربية، فقد بقيت نسبتهم محدودة جداً، حتى في أفضل الفترات. لكن الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية وتصاعد المواجهات العسكرية مع إسرائيل، أدّيا إلى توقف هذا التدفق المحدود أيضاً، ما جعل إيران مجدداً تتصدر قوائم التحذير من السفر في وسائل الإعلام الغربية، بوصفها دولة غير آمنة.

ومن أبرز الآثار النفسية للحرب الأخيرة، تصاعد مشاعر عدم الثقة تجاه فكرة السفر إلى إيران. إذ لطالما أثّرت الحروب الإقليمية على الانطباع العام حول مستوى الأمان في أي بلد، وغالباً ما ارتبط اسم إيران في الرواية الإعلامية الدولية بمشاهد التوتر والاشتباكات والتظاهرات والقيود الصارمة. وقد عززت المواجهات الأخيرة، ولا سيما مع الانخراط المباشر للولايات المتحدة، هذه الصورة السلبية، ما جعل إيران تبدو في أعين السياح المحتملين بلداً على شفا عدم الاستقرار.

هذا الركود لم يؤد فقط إلى إغلاق مؤقت أو دائم للعديد من أنشطة السياحة، بل أثّر أيضاً على فرص العمل في القطاع. آلاف الأشخاص العاملين فيه، من موظفي الفنادق وسائقي المركبات والمترجمين إلى بائعي الصناعات اليدوية، باتوا يواجهون خطر البطالة. ويزيد هذا التراجع من متاعب الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني أصلاً من ضغوط العقوبات والتضخم وانهيار قيمة الريال، ليُضاف إلى ذلك تراجع السياحة الداخلية والخارجية، ما يوجه ضربة مزدوجة للوضع الاقتصادي العام.

وفي ظل هذه الظروف، فإن إنعاش قطاع السياحة في إيران—حتى في حال خفّت حدة التوترات—سيظل رهناً بتجاوز تحديات صعبة، على رأسها استعادة ثقة المجتمع الدولي بأمن البلاد. فالاضطرابات الأمنية الجارية مع إسرائيل، إلى جانب المشكلات البنيوية القديمة، حالت دون تحقق الإمكانات الحقيقية لهذا القطاع، وهو ما يستدعي اتخاذ تدابير مدروسة وعاجلة لمعالجة هذه الأزمة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى