حرب إسرائيل وإيران تدفع الصين للاعتماد أكثر على الغاز الروسي

يبدو أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية ستعيد رسم خريطة إمدادات الطاقة، لا سيما إلى الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

ميدل ايست نيوز: يبدو أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية ستعيد رسم خريطة إمدادات الطاقة، لا سيما إلى الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والتي تشعر بقلق حيال موثوقية النفط والغاز من الشرق الأوسط، ما يدفعها إلى إحياء الاهتمام بخط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي الروسي المتوقف منذ سنوات.

وشهد مشروع خط أنابيب الغاز الروسي إلى الصين “قوة سيبيريا 2” خلافات حول التسعير وشروط الملكية، بالإضافة إلى مخاوف صينية من الاعتماد المفرط على روسيا في إمدادات الطاقة. لكن الحرب الأخيرة في الشرق الأوسط منحت بكين سبباً لإعادة النظر في موثوقية النفط والغاز الطبيعي الذي تحصل عليه من المنطقة، حتى مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وفقاً لما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مصادر مطلعة.

تستورد الصين حوالي 30% من غازها على شكل غاز طبيعي مسال من قطر والإمارات عبر مضيق هرمز، وهو معبر بحري هددت إيران بإغلاقه، وفقاً لشركة “ريستاد إنرجي” الاستشارية في مجال الطاقة. وقال مدير مركز كارنيغي روسيا وأوراسيا والخبير في العلاقات الصينية الروسية، ألكسندر غابويف: “أظهر تقلب الوضع العسكري وعدم القدرة على التنبؤ به للقيادة الصينية أن إمدادات خطوط الأنابيب البرية المستقرة لها فوائد جيوسياسية”. وأضاف: “يمكن لروسيا أن تستفيد من ذلك”.

وربطت وسائل الإعلام الحكومية الروسية التوترات في الشرق الأوسط بإحياء مشروع “قوة سيبيريا 2”. ونشر موقع برايم، وهو موقع إخباري روسي حكومي، تقريراً مؤخراً تحت عنوان: “كارثة الغاز الطبيعي المسال: الصين تعود على وجه السرعة إلى مشروع “قوة سيبيريا 2” تطرق فيه إلى أزمة الصراع في المنطقة وأهمية أنبوب الغاز الروسي بالنسبة للصين. ويتوقع محللون أن تسعى روسيا إلى إدراج المشروع على جدول أعمال زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى الصين في سبتمبر/ أيلول المقبل للقاء الزعيم الصيني شي جين بينغ.

ولطالما كان مشروع “قوة سيبيريا 2″، وهو تكملة لمشروع “قوة سيبيريا” الأصلي لنقل الغاز الذي افتُتح عام 2019، أكثر إلحاحاً بالنسبة لموسكو منه لبكين. فقد خسرت روسيا أكبر أسواقها للطاقة عندما توقف جزء كبير من صادراتها من الغاز إلى أوروبا بعد غزوها لأوكرانيا. ومنذ ذلك الحين، ازداد اعتماد موسكو على الصين مشترياً للغاز. لكن محدودية البنية التحتية لخطوط الأنابيب وصغر سعة الغاز الطبيعي المسال تعني أن خط أنابيب جديد وأكبر حجماً فقط هو الذي يمكن أن يعزز الإمدادات إلى الصين بشكل كبير.

بالنسبة لبكين، من ناحية أخرى، فإن إمدادات الغاز الطبيعي المسال من الشرق الأوسط وأماكن أخرى تعني أن إبرام الصفقة أقل أهمية بكثير. كما أن أحد الأسباب الرسمية التي قدمتها الصين لروسيا هو أن الصين تحد من استيراد النفط والغاز من دولة واحدة بنسبة 20%، وفقاً لما نقلت الصحيفة الأميركية عن مصادر مقربة من دوائر صنع القرار في بكين. ونتيجة لذلك، طالت المحادثات لسنوات، حتى مع إشارة موسكو مراراً وتكراراً إلى قرب التوصل إلى اتفاق.

وإلى جانب الاضطرابات الحالية في الخليج العربي، أدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في الأشهر الأخيرة إلى توقف صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى الصين، مما عكس مسار سنوات من نمو تجارة الطاقة بين البلدين. وعلى المدى الطويل، ومع سعي الصين لتحقيق أهدافها في مجال الطاقة الخضراء، تتوقع بكين دوراً متزايداً للغاز الطبيعي باعتباره ما يُسمى “وقوداً جسرياً” بين عصر الهيدروكربون وعصر ما بعد الكربون، وفقاً للمحللين.

وأفادت مصادر مقربة من صنع القرار في بكين أن الصين مهتمة أيضاً بتعزيز علاقتها مع روسيا، في وقت ناقشت فيه إدارة ترامب علناً محاولة إثارة الخلاف بين بكين وموسكو. ومن شأن المضي قدماً في مشروع خط الأنابيب المتعثر أن يُسهم في ترسيخ هذه العلاقات. ومن المؤكد أنه حتى في حال التوصل إلى اتفاق بشأن خط الأنابيب، يُقدر المحللون أن يستغرق بناؤه خمس سنوات على الأقل، على غرار خط الغاز الأصلي الذي يبلغ طوله 1800 ميل (2896 كيلومتراً). ولا تزال هناك عقبات كبيرة أخرى، بما في ذلك الخلاف حول تسعير الغاز والاستثمارات الكبيرة اللازمة للبناء واسع النطاق.

ويقول محللون إن بكين تتطلع أيضاً إلى زيادة مشترياتها من النفط من روسيا، التي تُزوّد الصين بنحو خُمس احتياجاتها من النفط. وتسعى موسكو جاهدة لتعزيز مبيعاتها من الطاقة إلى جارتها، إذ تحتاج إلى السيولة لتمويل حربها في أوكرانيا. وربما يعد ذلك تحولاً بعيداً عن الإمدادات من إيران، بينما أصبحت مصافي التكرير الصينية المستقلة، المعروفة باسم “أباريق الشاي”، مدمنة على النفط الإيراني الرخيص في السنوات الأخيرة.

يقول المحللون إن أكثر من 90% من صادرات النفط الإيرانية تذهب الآن إلى الصين، على الرغم من أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات تهدف إلى منع إيران من بيع نفطها في الخارج. وقد أدلى ترامب باعتراف غير معتاد بشأن واردات الصين من النفط الإيراني، يوم الثلاثاء الماضي، بعد إعلانه عن وقف إطلاق النار في الصراع الإسرائيلي الإيراني.

وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “يمكن للصين الآن مواصلة شراء النفط من إيران.. ونأمل أن تشتري الكثير من الولايات المتحدة أيضاً”. وصرح مسؤول في البيت الأبيض لاحقاً بأن ترامب كان ببساطة يلفت الانتباه إلى حقيقة أن وقف إطلاق النار منع حدوث أي خلل في تدفقات النفط عبر مضيق هرمز. وقال المسؤول إنه يواصل دعوة الصين إلى استيراد النفط الأميركي بدلاً من النفط الإيراني، في انتهاك للعقوبات الأميركية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى