من الصحافة الإيرانية: ما شرط استمرار وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل؟
يبدو أن الكرة باتت في ملعب الغرب الآن؛ فإذا كان الهدف هو الوصول إلى نقطة توازن تؤسس لتفاهم مستقر، فعلى الغرب أن يبادر إلى خطوات عملية تبعث الطمأنينة وتخفف من حدة التوجس الإيراني.

ميدل ايست نيوز: تعكس خطوة البرلمان الإيراني يوم الأربعاء 26 يونيو الجاري في إقرار مشروع يلزم الحكومة بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعكس تصاعد شكوك طهران تجاه النهج الذي تتبعه الدول الغربية—ولا سيما الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة—في تنسيقها العلني والضمني مع السياسات التوسعية والعدوانية لإسرائيل.
ترى طهران أن التقرير الشامل الذي قدّمه رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، خلال الاجتماع الأخير لمجلس محافظي الوكالة، أسّس فعليًا ونفسيًا للهجمات العسكرية التي نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة ضد السيادة الإقليمية الإيرانية. وتتهم طهران الوكالة بتجاوز مهمتها الأساسية ذات الطابع “الفني” و”الحيادي”، واتباع نهج سياسي منحاز يعكس الاستراتيجيات الغربية تجاه إيران. ويعكس هذا الواقع اشتداد المواجهة الإرادية بين الطرفين، وهي مواجهة بلغت ذروتها خلال الحرب التي دامت 12 يومًا.
وتطرح التطورات الحالية تساؤلات حيوية: ما هو التعريف الحقيقي للوضع الجديد بعد وقف إطلاق النار؟ وما المخاطر التي قد تهدد حالة الهدوء النسبي الراهنة؟ وإذا كانت واشنطن حريصة فعلًا على استمرارية التهدئة والتوصل إلى توافق مع طهران، فما الآليات التي تنوي اعتمادها للحد من حدة الشكوك الإيرانية؟ خاصةً في ظل استعداد تل أبيب الدائم لتعكير صفو الأوضاع عبر أعمال تخريبية، فهل يمكن لطهران الالتزام بوقف إطلاق نار لا يحترمه الطرف الآخر؟
خلال الحرب الأخيرة، كثفت طهران جهودها الدبلوماسية، وسعت لتولي زمام المبادرة في ضبط الأوضاع وبناء نقطة توازن في المواقف بينها وبين أوروبا والولايات المتحدة. ويمكن اعتبار التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار نتيجة مباشرة لهذا الحراك الدبلوماسي الإيراني، في وقت أظهرت فيه واشنطن تقبلاً لهذا المسار، وقدّمت نفسها بصورة الدولة الساعية للسلام.
لكن يبقى السؤال قائمًا: هل تستطيع واشنطن فعليًا العمل على خفض حدة الشكوك الإيرانية؟ وهل يمكن لطهران أن تبني آمالها على وعود أو تنازلات محدودة من واشنطن في وقت تطالب فيه بمكاسب ملموسة؟ وهل يُعد قرار مجلس الشورى بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤشرًا على تعاظم عدم الثقة الإيرانية بالنوايا الغربية؟ يبدو أن الكرة باتت في ملعب الغرب الآن؛ فإذا كان الهدف هو الوصول إلى نقطة توازن تؤسس لتفاهم مستقر، فعلى الغرب أن يبادر إلى خطوات عملية تبعث الطمأنينة وتخفف من حدة التوجس الإيراني.
وقد أظهرت طهران في الحرب الأخيرة أنها، رغم ما تعرضت له من أضرار، قادرة على الرد بالمثل، وأنها تستند إلى تماسك داخلي عززه الصراع، وتتمتع بقدرات عسكرية ومعنوية تؤهلها لمقاومة أي اعتداء خارجي.
ويمكن الاستشهاد على ذلك بتراجع واشنطن عن هدف تغيير النظام في إيران، وإقرارها بضرورة العودة إلى المسار الدبلوماسي. إلا أن تحقيق هذه العودة بنجاح، يتطلب مبادرات جدية تفتح أفقًا واضحًا وآمنًا أمام جميع الأطراف. فوقف إطلاق النار قد يكون هشًا إذا لم يبادر الغرب إلى تقديم حلول ملموسة.
جلال خوش جهره
كاتب وصحفي إيراني