هل تنقذ سياسة “التوجه شرقا” إيران من الأزمة؟

يحذر محللون غربيون من أن استمرار تقدم سياسة "التوجه شرقًا" يضع إيران على مسار تعزيز مكانتها في نظام عالمي متعدد الأقطاب، ويحد من تأثير الضغوط الغربية الدبلوماسية والاقتصادية.

ميدل ايست نيوز: في مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية الغربية، ولا سيما العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وتلكؤ أوروبا في تنفيذ التزاماتها ضمن الاتفاق النووي لعام 2015، عززت إيران سياسة “التوجه شرقًا” باعتبارها محورًا رئيسيًا في استراتيجيتها الخارجية. وتشمل هذه السياسة توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية مع قوى آسيوية مثل الصين وروسيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية، إضافة إلى عدد من دول آسيا الوسطى، مع تركيز خاص على الصين وروسيا، اللتين شهدت علاقاتهما مع طهران تطورًا لافتًا في السنوات الأخيرة من خلال شراكات ثنائية واتفاقات استراتيجية ممتدة.

في ما يخص الصين، أصبحت إيران عضوًا كاملاً في مبادرة “الحزام والطريق”، وطورت شبكة من الخطوط الحديدية والممرات اللوجستية تركز على تصدير النفط والغاز والسلع الصناعية. وقد بدأت خطوط القطارات التجارية المباشرة بين الصين وإيران بالعمل، ويتم العمل على إنشاء ربط سككي يمتد من شرق آسيا إلى الخليج، وتأمل إيران أن يدخل هذا المشروع الخدمة قريبًا.

وتنص الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين إيران والصين لمدة 25 عامًا، والتي أُبرمت في عام 2021، على تزويد بكين بالنفط بأسعار تفضيلية مقابل استثمارات واسعة النطاق في مشاريع مالية وطاقوية ورقمية، إضافة إلى البنى التحتية في مجالات السكك الحديدية والموانئ والاتصالات. وترى إيران في هذه الاتفاقية وسيلة لتثبيت استراتيجيتها في مقاومة الضغوط الغربية، وزيادة قدرتها على الصمود الاقتصادي.

بالتوازي مع ذلك، شهدت العلاقات الإيرانية الروسية تطورًا ملحوظًا على الصعد العسكرية – من خلال المناورات المشتركة والتعاون في سوريا ودعم محور المقاومة – والاقتصادية عبر التبادل التجاري دون الاعتماد على الدولار، والدبلوماسية من خلال توقيع اتفاقية استراتيجية لمدة 20 عامًا في يناير 2025.

وتلعب إيران دورًا نشطًا في آسيا الوسطى، إذ انضمت إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ووقعت اتفاقية تجارة حرة مع أعضائه، وتستثمر في مشروعات مثل تطوير ميناء تشابهار وتعزيز مشاريع النقل المشترك مع دول المنطقة. وتأمل طهران في تفعيل ممر الشمال – الجنوب، بما يتيح لروسيا من الشمال الغربي وكازاخستان من الشمال الشرقي الوصول إلى مياه الخليج.

ورغم التركيز الكبير على الصين وروسيا، تسعى طهران إلى الحفاظ على تنوع علاقاتها، بحيث لا تقتصر على بكين، بل تشمل أيضًا الهند واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا ضمن أولوياتها.

ويحذر محللون غربيون من أن استمرار تقدم سياسة “التوجه شرقًا” يضع إيران على مسار تعزيز مكانتها في نظام عالمي متعدد الأقطاب، ويحد من تأثير الضغوط الغربية الدبلوماسية والاقتصادية. وقد تكون نتيجة هذه الاستراتيجية توسيع هامش المناورة أمام طهران، سواء في سياستها الداخلية أو على صعيد دورها الإقليمي، لا سيما في حال ترسّخ تحالفها مع بكين وموسكو.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر + ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى