خلف الستار… ماذا تخفي تقارير وسائل الإعلام الغربية بشأن الهجوم على إيران؟

تسير "سي إن إن" على خطى "نيويورك تايمز" في ما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولعبت دوراً كبيراً في تبرير الحروب والانتهاكات الإنسانية الأميركية على مستوى العالم.

ميدل ايست نيوز: شكّكت مؤخراً عدد من وسائل الإعلام الغربية الكبرى في صحة ادعاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن «تدمير كامل للمواقع النووية الإيرانية»، وأشارت إلى عدم وجود معلومات دقيقة تدعم هذا الادعاء، معتبرة أن الهجمات الأميركية والإسرائيلية لم تؤدِّ سوى إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني لعدة أشهر فقط. وقد تناولت وسائل الإعلام الإيرانية هذا الطرح على نطاق واسع، معيدة نشر الانتقادات والتقارير الغربية، إلى جانب تصريحات وردود ترامب المتكررة.

ومع ذلك، ونظراً لأن هذه الوسائل غالباً ما تكون مملوكة مباشرة أو خاضعة لنفوذ شركات متعددة الجنسيات، وتعمل بما يخدم مصالح رؤوس الأموال الكبرى والمؤسسات والحكومات المرتبطة بها، فإن من الضروري التعامل مع مخرجاتها بحذر وتحليل دقيق، مع الأخذ دوماً في الاعتبار توجهاتها العامة.

تتبنّى أغلب وسائل الإعلام الغربية الكبرى، صراحة أو ضمناً، تبرير الحروب والتدخلات في شؤون الدول الأخرى؛ كما تلجأ إلى تحريف المعلومات بطرق مدروسة؛ وتبدّل أدوار الضحية والجلاد؛ وتشوّه أو تهمّش الشخصيات المناهضة للاستعمار؛ وتمارس الرقابة الذاتية المنظمة، فتتجنب نشر أي معلومات تتعارض مع مصالح النظام الدولي القائم على الهيمنة.

وفي ضوء هذه الحقيقة، فإن المواقف الأخيرة لشبكة “سي إن إن” وصحيفة “نيويورك تايمز” وغيرها من المؤسسات الإعلامية المتماهية معها، والتي انتقدت تصريحات ترامب بشأن نتائج الضربة الأميركية للمواقع النووية الإيرانية، قد تُفهم على أنها تمهيد لتهيئة الرأي العام لهجوم جديد – من المحتمل أن يكون هذه المرة بمشاركة مباشرة لعدد من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي – يستهدف البنية التحتية الإيرانية، بذريعة استكمال «مهمة القضاء على القدرات النووية الإيرانية».

وغالباً ما تنتهج هذه الوسائل الإعلامية التوجه المحافظ الجديد، وتدعم صراحة أو بشكل غير مباشر السياسات التدخلية للولايات المتحدة، حيث دأبت على تصوير البرنامج النووي الإيراني كخطر يهدد أمن إسرائيل وأميركا والعالم، مؤكدة على ضرورة منعه من التقدم، من خلال نقلها المنمق لتصريحات المسؤولين الأميركيين.

أما صحيفة “نيويورك تايمز”، فبالرغم من تبنيها مواقف إعلامية توحي بمعارضتها للحروب، ومحاولتها الظهور بمظهر المعارض لتدخل الولايات المتحدة في شؤون الدول الأخرى، إلا أن توجهها العام يتماشى بالكامل مع السياسة الخارجية الأميركية ومصالح الشركات الكبرى، وهي، تحت ستار مناهضة الحرب، تدعم بشكل غير مباشر ودقيق يصعب كشفه على عامة الناس، الحروب ومصالح رأس المال والمجمعات الصناعية العسكرية.

فعلى سبيل المثال، نشرت الصحيفة مؤخراً مقالاً بعنوان «الهجوم الإيراني على قاعدة أمريكية في قطر كابوس تحقق لدول الخليج»، سعت من خلاله إلى تضخيم ما تصفه بـ«التهديد الإيراني» وخلق حالة من التوتر بين إيران ودول الخليج، حيث صوّرت إيران كمصدر لزعزعة الاستقرار، وروّجت لفكرة أن الولايات المتحدة هي الضامن الوحيد لأمن تلك الدول، وأن وجودها العسكري ضروري، داعمة بذلك، ضمناً، الهيمنة الأميركية والتدخل في المنطقة.

وتسير “سي إن إن” على خطى “نيويورك تايمز” في ما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولعبت دوراً كبيراً في تبرير الحروب والانتهاكات الإنسانية الأميركية على مستوى العالم. ويكفي الإشارة إلى أن أي محتوى يتناول القضية الفلسطينية أو إسرائيل لا يُبثّ أو يُنشر إلا بعد مراجعة وموافقة مكتب “سي إن إن” في القدس، وليس فقط من مقرها الرئيسي في نيويورك.

من جهة أخرى، فإن اتهام ترامب لـ”نيويورك تايمز” و”سي إن إن” بأنهما «يسيئان لصورة أميركا»، قد يُفهم كتأييد غير مباشر لهما، ما يُعزز من ثقة شرائح من الجمهور، خصوصاً المعارضين للسياسات الأميركية، في مصداقية هذين المنبرين. لكن وكما أُشير سابقاً، فإن هاتين الوسيلتين تدعمان غالباً، بشكل ضمني، السياسات الحربية وغير الإنسانية للحكومات الأميركية.

لذلك، من الضروري أن تؤخذ الخلفيات السياسية والتحريرية لهذه الوسائل الإعلامية بعين الاعتبار عند تحليل محتواها أو إعادة نشره، وذلك لتفادي منحها مصداقية غير مستحقة أو ترويج غير مقصود لسردياتها، التي غالباً ما تصب في خدمة سياسات الهيمنة والاستحواذ الإقليمي والدولي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى