كيف كان أداء التجارة الإيرانية خلال الربع الأول من العام الإيراني الجديد؟
حتى وإن كانت الحرب قصيرة الأمد، إلا أن آثارها طويلة المدى على الثقة التجارية واستقرار سلاسل التوريد، ما يجعل الآفاق المستقبلية للتجارة الإيرانية غير مبشّرة.

ميدل ايست نيوز: لا يمكن اعتبار التراجع في حجم الصادرات والواردات الإيرانية خلال الربع الأول من العام الجاري ناجماً عن التوترات العسكرية التي شهدتها البلاد. ومع ذلك، فإن احتمال تراجع النشاط التجاري، وما يتبعه من انخفاض في الإنتاج خلال الأسابيع المقبلة، يبقى أمراً وارداً.
وسجّل سعر الدولار في مركز مبادلة العملات والذهب الإيراني 71 ألفاً و255 توماناً، في حين يتراوح سعره في السوق الحرة والمتأثر من التوترات الجارية نحو 92 ألف تومان حتى تاريخ نشر هذا التقرير، مما يعني أن الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الحرة بلغت نحو 30%.
ويُعد اتساع هذه الفجوة، إلى جانب غياب رؤية واضحة ومطمئنة للمستقبل، واستمرار الضبابية في المشهد السياسي، من أبرز العوامل التي تُلقي بظلالها على مستقبل التجارة الإيرانية. فحتى وإن كانت الحرب قصيرة الأمد، إلا أن آثارها طويلة المدى على الثقة التجارية واستقرار سلاسل التوريد، ما يجعل الآفاق المستقبلية للتجارة الإيرانية غير مبشّرة.
ربيع غير مُثمر للتجارة
ارتفعت الصادرات الإيرانية بنسبة 4.4% خلال أول شهرين من العام الإيراني الحالي (أي مارس وأبريل 2025)، إلا أن هذا الاتجاه لم يستمر في يونيو، حيث سجّل الربع الأول من العام الجاري انخفاضاً بنسبة 9.3% في الوزن مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وفي ظل هذا الواقع، يجد كثير من المنتجين أنفسهم مضطرين لتأجيل أي قرارات تخص المستقبل القريب، وهو ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأنشطة التجارية.
وتُظهر بيانات الجمارك الإيرانية أن حجم الواردات في الربع الأول من العام الجاري تراجع بنسبة 4.35% من حيث الوزن، و11.7% من حيث القيمة، رغم أن واردات أول شهرين من العام سجّلت زيادة بنسبة 1.16% وزناً. وبما أن نسبة كبيرة من واردات إيران تذهب إلى المواد الخام والسلع الوسيطة، فإن هذا التراجع في يونيو يُعد مؤشراً سلبياً على أوضاع الإنتاج والتجارة.
تراجع لافت في حجم التجارة
بلغ إجمالي حجم التبادلات التجارية غير النفطية لإيران في الربع الأول من العام الحالي 43 مليوناً و489 ألف طن، بقيمة بلغت 24 ملياراً و684 مليون دولار.
وأعلن فرود عسكري، مساعد وزير الاقتصاد ورئيس هيئة الجمارك الإيرانية، أن حجم الصادرات غير النفطية خلال هذه الفترة بلغ 34 مليوناً و476 ألف طن، بقيمة 11 ملياراً و655 مليون دولار، مسجلاً تراجعاً بنسبة 9.3% وزناً و14.4% قيمة مقارنة بالربع الأول من العام الماضي. وبلغ متوسط القيمة الجمركية للطن الواحد من الصادرات 338 دولاراً، بانخفاض نسبته 5.6% عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وأضاف عسكري أن صادرات المنتجات البتروكيماوية بلغت 11 مليوناً و133 ألف طن بقيمة 4 مليارات و684 مليون دولار، بانخفاض 28.7% وزناً و24.5% من حيث القيمة. أما أبرز الصادرات غير النفطية فشملت البروبان السائل (874 مليون دولار)، والبيوتان السائل (611 مليون دولار)، والميثانول (576 مليون دولار)، والقار النفطي (574 مليون دولار)، والغاز الطبيعي (456 مليون دولار).
وأوضح المسؤول الإيراني أن الدول السبع الرئيسية التي استوردت هذه المنتجات في الربع الأول من العام الجاري كانت الصين (3 مليارات و511 مليون دولار)، العراق (مليار و905 ملايين دولار)، الإمارات (مليار و592 مليون دولار)، تركيا (937 مليون دولار)، أفغانستان (510 ملايين دولار)، سلطنة عُمان (437 مليون دولار)، وباكستان (420 مليون دولار).
وفي ما يخص الواردات، أشار عسكري إلى أن إيران استوردت خلال هذه الفترة 9 ملايين و13 ألف طن من السلع، بقيمة 13 ملياراً و29 مليون دولار، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 4.35% في الوزن و11.73% من حيث القيمة.
أما في أول شهرين من العام، فقد بلغت صادرات إيران غير النفطية 24 مليوناً و622 ألف طن بقيمة 8 مليارات و241 مليون دولار، أي بزيادة وزنية بلغت 4.4%، فيما انخفضت القيمة بنسبة 0.11%. أما الواردات، فقد بلغت 5 ملايين و921 ألف طن بقيمة 8 مليارات و471 مليون دولار، بزيادة وزنية نسبتها 1.16%، لكن مع انخفاض في القيمة بنسبة 7.8%.
بشكل عام، تكشف هذه الأرقام أن شهر يونيو لم يكن شهراً مناسباً للتجارة، لا من حيث الصادرات ولا من حيث الواردات. ومع أن التراجع الحاد في الصادرات خلال هذا الشهر لا يمكن ربطه مباشرة بحرب الأيام الـ12 يوماً، إلا أنه من الواضح أن أسباباً أخرى تقف وراء هذا التراجع وتتطلب تحليلاً أعمق.