أزمة رواتب كردستان العراق: حلول مؤقتة لتفادي تأثيرها على الانتخابات

وسط تضاؤل فرص التوافقات السياسية، أكدت مصادر مطلعة أن بغداد تبحث عن "حلول مؤقتة" لمنع تأثيرات الأزمة على الانتخابات المقبلة وخريطة التحالفات السياسية التي تُبنى أساسًا على المصالح المشتركة للأطراف المتنافسة انتخابيًا.

ميدل ايست نيوز: تحاول الحكومة العراقية في بغداد امتصاص الأزمة مع حكومة أربيل، والتي تصاعدت حدتها أخيرًا بعد تعمق الخلافات بشأن عدد من الملفات العالقة. ووسط تضاؤل فرص التوافقات السياسية، أكدت مصادر مطلعة أن بغداد تبحث عن “حلول مؤقتة” لمنع تأثيرات الأزمة على الانتخابات المقبلة وخريطة التحالفات السياسية التي تُبنى أساسًا على المصالح المشتركة للأطراف المتنافسة انتخابيًا.

وقد تفاقمت مؤخرًا أزمة رواتب إقليم كردستان، بعدما أبلغتها وزارة المالية في بغداد بتعذّر استمرارها في تمويل رواتب الإقليم، مرجعة ذلك إلى تجاوزه الحصة المقرّرة له ضمن قانون الموازنة الاتحادية، والبالغة 12.67%. وتعود جذور الأزمة إلى الخلاف المزمن حول آلية توزيع الثروات والتزامات الطرفين، إذ تتمسك الحكومة الاتحادية في بغداد بموقفها الذي يربط تحويل الأموال إلى الإقليم بتسليم كامل إيرادات النفط من حقول الإقليم، فضلًا عن الجباية، والجمارك، والضرائب المحلية، باعتبارها من موارد الدولة السيادية التي يجب أن تدخل ضمن حسابات وزارة المالية.

وخلال الأسابيع الأخيرة، فشلت المفاوضات بين الجانبين في إيجاد حل لتفكيك الأزمة، ما تسبب في تفاقمها وتبادل التصريحات المتشنجة من الطرفين. وفي محاولة لكسر الجمود، وصل أمس الأحد، رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني، إلى مدينة أربيل، وأجرى لقاءات متتابعة مع رئيس حكومتها مسرور البارزاني، ورئيس الإقليم، نيجيرفان البارزاني، ومن ثم الزعيم الكردي، مسعود البارزاني، بحث خلالها الأزمة الأخيرة ومحاولة إيجاد قنوات تفاهم لحلحلتها.

ووفقًا لبيان صدر عن مكتب المشهداني، فإنه اتفق مع مسعود البارزاني على تقديم مقترحات جدية للحكومة الاتحادية، مبينًا أن المشهداني، خلال اللقاء، أكد التزام البرلمان الكامل بمعالجة أزمة رواتب موظفي الإقليم، وأن الجهود البرلمانية ستتواصل من أجل التوصل إلى حلول عملية لمعالجة الأزمة.

وأضاف أن مجلس النواب سيكون له دور فاعل ومباشر عند استئناف جلساته، وسيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بالتنسيق مع الجهات التنفيذية لضمان صرف المستحقات المالية لمستحقيها في الإقليم دون تأخير، لافتًا إلى ضرورة تحييد ملف الرواتب وعدم إقحامه في الخلافات السياسية، والتعامل معه من منطلق وطني وإنساني بحت.

من جهته، عبّر البارزاني، وفقًا للبيان، عن ثقته بدور مجلس النواب ودور المشهداني شخصيًا في إيجاد مخرج نهائي لأزمة رواتب الموظفين، مؤكدًا أن الإقليم ينتظر تحركات عملية من البرلمان والحكومة من أجل معالجة الملف بأسرع وقت ممكن. واتفق الجانبان على أهمية تقديم مقترحات جدية من الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، والعمل المشترك على دراستها وتطبيقها بما يسهم في إنهاء الأزمة بشكل جذري ودائم، بحسب البيان.

ووفقًا لمصدر حكومي مطّلع في أربيل لـ”العربي الجديد”،، فإن المشهداني حمل إلى الإقليم ورقة تفاوضية مرنة تقترح صيغًا تتضمن دفع رواتب الإقليم مقابل تسليم جزء من واردات المنافذ في الإقليم ونفطه إلى بغداد، على أن يتم ترحيل التفاصيل الفنية إلى ما بعد الانتخابات، مبيناً أن الجانب الكردي غير مطمئن للطروحات، إذ يطالب بخطوات عملية بشأن الرواتب تحديدًا، والملفات الأخرى، معتبرًا أن الحلول المؤقتة غير مجدية وغير مقبولة.

وأضاف أن المشهداني بحث ملف الانتخابات، ساعيًا إلى تقريب وجهات النظر بشأن الملفات العالقة مع الجانب الكردي، حتى لا يكون لها تأثير على الانتخابات والتحالفات السياسية المرتقبة، مشيرًا إلى أنه ستجري في الأيام القليلة المقبلة اتصالات ولقاءات مشتركة بين الجانبين في محاولة لتفكيك الأزمة.

من جهته، أكد النائب السابق عن “الإطار التنسيقي” محمد مهدي، أن الأزمة المالية القائمة بين بغداد وأربيل “لا تقتصر على الخلاف بين الجانبين، بل تتعلق بمسائل فنية ينبغي الوقوف عليها لضمان تسليم الإيرادات إلى بغداد وحل الإشكالات القائمة. وقال مهدي في تصريح صحافي، اليوم الاثنين، إن حل الأزمة يتطلب اتخاذ قرارات حكيمة بعيدًا عن التشنج وتبادل التصريحات النارية أو التهديد بمقاطعة الحكومة والبرلمان، مشيرًا إلى أن هناك حاجة ملحّة لتدخل الجهات الرقابية المختصة لمعرفة مصير الأموال التي يحتفظ بها الإقليم دون تحويلها إلى بغداد، لضمان إدراجها في أماكنها الصحيحة وفق القانون.

وبموجب قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات 2023–2025، خُصصت لإقليم كردستان نسبة 12.67% من إجمالي الإنفاق العام، مقابل التزامه بتسليم 400 ألف برميل نفط يوميًا إلى شركة التسويق الوطنية “سومو”، بالإضافة إلى تحويل الإيرادات غير النفطية، والتي تشمل الضرائب، والجباية، والرسوم الجمركية المحلية. وتؤكد وزارة المالية الاتحادية أن الإقليم لم يلتزم بهذه الالتزامات، مشيرة إلى أن الإيرادات الكلية التي حققها الإقليم منذ بداية عام 2023 حتى نيسان 2025 بلغت نحو 19.9 تريليون دينار، في حين لم يتم تسليم سوى 598.5 مليار دينار منها إلى الخزينة الاتحادية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى