لعبة ترامب على الساحة الدبلوماسية.. هل حُدد وقت المفاوضات مع إيران حقاً؟
يرى محللون سياسيون أن طهران تحاول في ظل الضغط الاقتصادي والعقوبات المستمرة، الحفاظ على توازن دقيق بين المقاومة والدبلوماسية.

ميدل ايست نيوز: أعادت التصريحات الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن تحديد موعد جولة المفاوضات المقبلة مع إيران، وتسليطه الضوء على “تغيّر ملحوظ” في مواقف طهران خلال الأسابيع الأخيرة، الجدل حول احتمال استئناف المحادثات بين الجانبين، إلى واجهة النقاش السياسي. بالتزامن، أظهرت مقابلة للرئيس الإيراني مسعود بزشکیان، مؤشرات على استعداد مشروط من جانب طهران لمواصلة المفاوضات.
في هذا السياق، يشير ترامب إلى “تبدل” في موقف إيران مقارنة بما كان عليه قبل أسبوعين، ويعتبر تحديد موعد للمحادثات دليلاً على هذا التحول، و”استعداداً نسبياً” من قبل طهران للحوار. لكن هذه القراءة قوبلت بردود فعل حذرة من المسؤولين الإيرانيين، الذين لا يزالون يؤكدون شروطهم لعودة التفاوض، وعلى رأسها وقف الهجمات وتقديم ضمانات أمنية.
وفي مقابلته الأخيرة مع تاكر كارلسون، ذكر بزشکیان بأن طاولة التفاوض “قُصفت من قبل إسرائيل”، مشيراً إلى أن طهران مستعدة لاستئناف الحوار “بشرط الحفاظ على الثقة” وعدم تكرار الهجمات.
هذا التباين بين الترحيب بالحوار والحذر من التهديدات الأمنية، يعكس واقعاً معقداً وهشّاً تمر به الدبلوماسية الإيرانية في الملفات النووية والإقليمية.
في المقابل، أعادت تصريحات ترامب، التي هدد فيها باستخدام “أكبر القنابل غير النووية” ضد إيران، وشبّهها بالقصف الذري على اليابان، أجواء التوتر والتهديد العسكري إلى الساحة من جديد. وتُظهر هذه التصريحات إصراراً أميركياً على مواصلة الضغط العسكري واستخدامه كأداة تفاوض، إلى جانب إشارته إلى جاهزية القوات الأميركية منذ فترة طويلة لتنفيذ هجوم محتمل على إيران، وهو ما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة وتهديداتها المستمرة.
أما داخلياً، فقد تباينت ردود الأفعال في إيران تجاه تصريحات بزشکیان وتهديدات ترامب. فبينما ترى بعض التيارات أن العودة إلى التفاوض ممكنة بشروط صارمة وضمانات أمنية، يرفض آخرون، خاصة في التيار المحافظ، أي مفاوضات جديدة من دون ضمانات قوية، ويعتبرونها “فخاً جديداً” و”خيانة للمصالح الوطنية”.
ويرى محللون سياسيون أن طهران تحاول في ظل الضغط الاقتصادي والعقوبات المستمرة، الحفاظ على توازن دقيق بين المقاومة والدبلوماسية، وأن استئناف المفاوضات النووية يتطلب اتفاقاً على ضمانات أمنية حقيقية، ومعالجة المخاوف الرئيسية لكل طرف.
ويبقى السؤال الجوهري: هل التغيّر الظاهر في موقف طهران حقيقي ودائم؟ أم هو مجرد مناورة تكتيكية تهدف إلى كسب نقاط تفاوضية في ظل الضغوط المتزايدة؟
من جانب آخر، تواجه واشنطن بدورها معضلة مشابهة؛ فهي من جهة تميل إلى تخفيف التوتر والعودة للمفاوضات، لكنها من جهة أخرى تخضع لضغوط داخلية من قوى مؤسساتية وسياسية تطالب بسياسات أكثر تشدداً.
وعليه، فإن أي احتمال لاستئناف المحادثات أو التوصل إلى اتفاق جديد، يبقى رهن الإرادة السياسية القوية، والمرونة من كلا الطرفين، إلى جانب تطورات المشهدين الإقليمي والدولي.