جواسيس لإيران: جندي صوّر قلب القبة الحديدية وإسرائيلي وثّق يوميات ميناء حيفا

طلب المشغلون الإيرانيون من عملائهم الوصول إلى إيران عبر البحر من طريق قبرص ثم اليونان للخضوع لتدريبات وبعدها الحصول على الهدف الذي على العميل إصابته.

ميدل ايست نيوز: بموازاة الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023، تفتحت شيئاً فشيئاً ظاهرة تصفها أجهزة الأمن الإسرائيلية بالخطيرة، في مركزها تجنيد الاستخبارات الإيرانية مواطنين إسرائيليين للعمل لصالح طهران.

وعقب معلومات استخبارية، تلقاها جهازا “الشاباك” والشرطة الإسرائيليان، كما تفيد صحيفة معاريف العبرية، اليوم الاثنين، تمكّنت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من إحباط 25 قضية تجسس بالغة الخطورة تورط فيها 40 إسرائيلياً قدّمت ضدهم لوائح اتهام وأدينوا.
17 من القضايا الـ25 أدارتها “الوحدة القُطْرِيّة للتحقيق في الجرائم الدولية الخطيرة” التابعة لـ”لاهف 433″، في الشرطة، أمّا الثماني الأخرى فأدارت التحقيق فيها الوحدة الشرطيّة الخاصة (يمار) التي تتوزع مراكزها في أنحاء متفرقة من إسرائيل. وفي “جميع هذه القضايا نجح المحققون في صياغة بنية دلائل أفضت إلى اعتقال المشتبهين”.

تعليقاً على الظاهرة، تنقل الصحيفة عن رئيسة شعبة الأمن في “الوحدة القُطْرِيّة للجرائم الخطيرة”، ساريت بيرتس، قولها إن وحدتها “تعاملت إلى الآن مع 17 قضية تجسس؛ حيث بدأ الأمر في الواقع بانكشاف أوّل قضية تورط بها شاب حريدي من بيت شيمس، في يوليو/ تموز 2024″، مشيرةً إلى أنه “في ذلك الحين عُدّت القضية فردية، ولم يكن أحد يعلم أن ثمة ظاهرة تتنامى إلى أن تفجرت قضية كانت بمثابة حصان طروادة، تبيّن أن عدداً من المشتبه بهم ارتبطوا بها وكانت لهم صلات بإيران وقد نفذّوا لصالحها مهام على مدار العامين السابقين”.

ومذّاك، بدأت القضايا تتواتر الواحدة تلو الأخرى، ليتبيّن أنه في كل قضية تورط إسرائيلي على الأقل، وارتبط بها اثنان أو ثلاثة آخرون مشتبهون في التواصل مع إيران. وبحسب بيرتس فإنه “في غالبية الحالات بدأت العلاقة من خلال المنصات المختلفة على شبكة الإنترنت، وهي علاقة تبدأ بصورة واضحة بأن الحديث يجري عن إيران، وفي بعض الحالات لم يكن ذلك واضحاً، وأحياناً يكون الأمر بستار الصحافة، أو الصداقة أو الغرام، ولكن سرعان ما يصل الطرف الإسرائيلي إلى إدراك أنه أمام عميل أجنبي عدو، لديه هدف الإضرار بدولة إسرائيل، وسرعان ما يكتشف أن الحديث يجرى عن جهات إيرانية”.

ورداً على سؤال حول دافع المشبته بهم للعمل لصالح إيران، وما إذا كان الأمر متعلقاً في نهاية المطاف بالدوافع المادية، قالت بيرتس إنه “دائماً. الدافع هو المال، والمال السهل. ينطلق الأمر من رغبة في تلقي المال بسرعة ما أمكن، ثمة هنا نوع من المجهولية، حيث لا يوجد لقاء بين الأشخاص، وظاهرياً يبدو الأمر مريحاً أن نتلقى المال من شخص لا نعرفه.. ففي غالبية الحالات كان المشتبه بهم يتلقون المال عبر العملات الإلكترونية”.

وحدة الأمن السيبراني تخترق المحافظ الإلكترونية

بحسب بيرتس، فإن من يتولى التحقيق وحل لُغز الحسابات الرقمية هي وحدة الأمن السيبراني في “لاهف 433″؛ إذ تُعدّ هذه الوحدة بحسبها “الأكثر احترافية” في الشرطة الإسرائيلية على مستوى التحقيق في المحافظ الرقمية، فهي “تتمتع بالقدرة والمعرفة والاتصالات في جميع أنحاء العالم، ما يُمكّنها من فتح المحافظ وتتبع مسار تحويل الأموال”، دون أن تكشف مزيداً من التفاصيل، أو كيفية حصول ذلك.

وفي ما يتصل بالمهام التي كلّف المشغلون الإيرانيون عملاءهم الإسرائيليين بها، أوضحت بيرتس أن ثمة مراحل مختلفة على مستوى العلاقة وعلى مستوى المهام المطلوب تنفيذها. وبحسبها “يبدأ الأمر بمهمات تعريفية هوياتية لكي يتأكد المُشغل الإيراني أن الشخص هو مواطن إسرائيلي؛ حيث يُطالب الأخير بإبراز هويته ثم التقاط صورة لنفسه، وبعد ذلك تبدأ مرحلة بناء الثقة المتمثلة في تصوير متاجر أو شوارع وغيرها ومقابل هذه المهمات يتلقى الإسرائيليون مبالغ بسيطة تتراوح بين 50-200 شيكل (نحو 20-70 دولاراً)”. وفي العموم تقدّر أن “الأموال المنقولة من إيران إلى الإسرائيليين العملاء تتراوح بين 800 ألف إلى مليون شيكل”.

وبعد ذلك، يطلب المشغلون الإيرانيون الصعود درجة في تنفيذ المهام: رسومات جدارية، أو رش شعارات من قبيل “أبناء روح الله”، أو “بيبي ارحل”، أو “بيبي دكتاتور” وغيرها. وبناء على الاستعداد الذي يبديه العميل الإسرائيلي، كما بيّنت التحقيقات، يتقدّم المشغلون الإيرانيون درجة أخرى؛ حيث، بحسب بيرتس، “كانوا يطلبون منهم شراء بزات عسكرية للجيش، أو أعلاماً ورموزاً إسرائيلية ثم حرقها، وبعد ذلك ينتقلون إلى المهام الجوهرية، وهي القيام بعمليات أمنية ضد الدولة أو المسؤولين الإسرائيليين، وتبدأ عادة مع منح العميل إحداثيات موقع استراتيجي ما والطلب منه الوصول إليه وتصويره، ثم نقل قنبلة من موقع لآخر، وبعد ذلك اقتناء سلاح وإخفائه في مكان ما ليأتي شخص آخر ويستلمه”.

“إيران أرادت إرسال سفينة إلى ميناء حيفا”

في بعض الحالات طلب المشغلون الإيرانيون من عملائهم الوصول إلى إيران عبر البحر من طريق قبرص ثم اليونان للخضوع لتدريبات وبعدها الحصول على الهدف الذي على العميل إصابته. كذلك طلب الإيرانيون في بعض الحالات تصوير مواقع معيّنة يحتشد فيها الإسرائيليون، وتوثيق كل شيء يجري فيها، بدءاً من الحركة ومروراً بعدد الحراس وغيرها.

ومع ذلك، بحسب بيرتس، “لم يتمكن أي من الإسرائيليين الذين تورطوا في هذه القضايا من الوصول إلى إيران والخضوع لتدريبات هناك، لأنهم اعتقلوا بالذّات في مرحلة كهذه من تورطهم”؛ وكان هناك أشخاص بحسبها أظهروا رغبة في ذلك؛ إذ “فتشّوا عن طرق للوصول إلى قبرص واليونان، ووسائل تخفي مواقعهم”.

وتقر رئيسة الوحدة بأنه في إحدى القضايا تورط جندي إسرائيلي يعمل في منظومة القبة الحديدية في العمل لصالح إيران، وكان الضرر الذي تسبب به كبيراً، إذ نقل إلى مشغليه الإيرانيين شريطاً مصوّراً من داخل المنظومة. وفي قضية أخرى، قام أحد المعتقلين باستئجار شقة في مدينة حيفا مطلة على البحر والميناء، وكان مطلوباً منه مراقبة وتوثيق حركة دخول وخروج السفن إلى الميناء وتسجيل كافة المعطيات وكل ما يحصل، إذ “أراد الإيرانيون إرسال سفينة محملة بالأسلحة إلى حيفا”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى