تحذيرات أمنية وتهم إرهاب الدولة… هل تقف باريس ضد طهران؟

تشير تصريحات قادة كبار في الجيش ودبلوماسيين فرنسيين ضد إيران إلى أن باريس تعيد تعريف موقفها تجاه طهران.

ميدل ايست نيوز: تشير تصريحات قادة كبار في الجيش ودبلوماسيين فرنسيين ضد إيران إلى أن باريس تعيد تعريف موقفها تجاه طهران. فمن توجيه الاتهامات لإيران بدورها في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، إلى إدانة العدوان الإسرائيلي على سجن إيفين، تسعى فرنسا للعب دور متعدد الأوجه بين الدبلوماسية، والردع، وبناء التحالفات الإقليمية.

وكتب موقع رويداد 24، أنه خلال الأسابيع الأخيرة، تبنّت فرنسا موقفاً أكثر فاعلية تجاه أزمات المنطقة، لا سيما ما يتعلق بإيران. وكان أحدث هذه المواقف تصريح تيري بوركهارد، رئيس هيئة أركان الجيش الفرنسي، الذي اتهم إيران بالقيام بأعمال تزعزع استقرار المنطقة، مدعياً أن الجمهورية الإسلامية تستخدم ما وصفه بـ”الإرهاب الحكومي” كأداة للسياسة الخارجية. جاءت هذه التصريحات في وقت ترى فيه باريس نفسها مهددة على عدة جبهات أخرى، بما في ذلك أوكرانيا وروسيا والصين والمجال السيبراني.

لكن الصوت العسكري لم يكن الوحيد في باريس الذي هاجم طهران، إذ اتخذ وزير الخارجية الفرنسي خلال الأيام الأخيرة مواقف صريحة، وأحياناً متناقضة، حيال إيران. فقد صرح في مقابلة مع وسائل إعلام أن فرنسا تتابع تطورات المنطقة بدقة، محذراً من تصاعد التوترات، وأكد دعمه للحل الدبلوماسي، داعياً إيران إلى تجنّب “السلوكيات الاستفزازية” في المنطقة.

ولا يمكن تجاهل الموقف الفرنسي المتباين من الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين ضمن الاعتداء متعدد المراحل على الأراضي الإيرانية؛ فمن جهة، أصدرت باريس بياناً رسمياً وصفت فيه الهجوم بأنه “غير مقبول”، وأعربت عن قلقها على سلامة اثنين من مواطنيها المعتقلين في إيران، ومن جهة أخرى، شاركت فرنسا خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في اعتراض الطائرات المسيّرة الإيرانية باستخدام مقاتلات “رافال”— وهو ما يعكس حرص باريس على حماية حدود أوروبا ومنع اتساع رقعة الحرب إلى منطقة البحر المتوسط.

وعلى مستوى أكثر استراتيجية، لفتت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة الأنظار، حيث أشار في اتصال هاتفي نادر مع فلاديمير بوتين في أوائل يوليو إلى دور إيران في التوترات الإقليمية، مشدداً على ضرورة ضبط البرنامج النووي الإيراني. ومع ذلك، أكّد ماكرون، كما فعل وزير خارجيته، على أهمية العودة إلى طاولة المفاوضات.

وهنا يمكن تحليل السلوك الفرنسي المزدوج تجاه إيران على أربعة مستويات:

أمن الرعايا: المخاوف بشأن مصير المواطنين الفرنسيين المحتجزين في إيران دفعت باريس إلى الحفاظ على قنوات الاتصال مع طهران رغم التوترات المتصاعدة.

دبلوماسية نشطة ولكن حذرة: على عكس بريطانيا أو ألمانيا، لا تلعب فرنسا دوراً تدخلياً مباشراً، لكنها تسعى دوماً إلى التواجد كـ”وسيط غير رسمي” في كل أزمة— سواء في الحوار مع السعودية، أو مع إسرائيل، أو حتى روسيا.

الردع الإقليمي: مشاركة فرنسا في اعتراض الطائرات المسيّرة الإيرانية خلال الحرب الأخيرة يشير إلى استعداد باريس للمشاركة العملياتية المحدودة للدفاع عن مصالحها الجيوسياسية في المتوسط.

الرأي العام الداخلي والأوروبي: ضغوط الرأي العام بشأن اعتقال مواطنين فرنسيين في إيران، إضافة إلى المنافسة الداخلية مع التيارات المتشددة، دفعت حكومة ماكرون إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه طهران في الخطابات الرسمية.

وفي ظل هذه الظروف، لا تسعى فرنسا إلى مواجهة مباشرة مع إيران، ولا إلى دعم غير مشروط لإسرائيل. بل تحاول باريس أن تلعب دور لاعب معتدل ولكن فاعل في مشهد إقليمي مضطرب، مستندة إلى أدوات الدبلوماسية والقوة الناعمة والمشاركة العسكرية المحدودة، للحفاظ على مكانتها التقليدية في الشرق الأوسط. ومن هذا المنظور، ينبغي فهم التصريحات الأخيرة للمسؤولين الفرنسيين ضمن استراتيجية “الردع المقترن بالحوار”، وليس بالضرورة كمقدمة لتكتل واسع مناهض لإيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 − 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى