صحيفة إيرانية: التفاوض يعني الحرب لا الحوار وحضور عراقجي لا يكفي إذا كان خطاب التفاوض هو الاستسلام

قالت صحيفة فرهيختكان إن القضية الأساسية للتفاوض لا تتعلق بشخص عباس عراقجي ذاته، بل بالخطاب الذي يقف خلفه، وهو ما يُعد العامل الحاسم في ساحة التفاوض.

ميدل ايست نيوز: كتبت صحيفة «فرهيختكان» أن عباس عراقجي دبلوماسي متمرس يتمتع بقدرات ذهنية وفردية تؤهله للوقوف في وجه العدو، مؤكدة أن القضية الأساسية لا تتعلق بالفرد ذاته، بل بالخطاب الذي يقف خلفه، وهو ما يُعد العامل الحاسم في ساحة التفاوض.

وفي مقالة نشرتها الصحيفة الأصولية بقلم كميل سوهاني، الباحث في قضايا الثقافة والتنمية، تم تناول مفهوم التفاوض من منظور جذري، و”اعتُبر لا وسيلة لتقليص التوتر، بل جزءاً من الحرب المركبة والمعركة الناعمة”.

وجاء في المقال، الذي يعكس خطاباً مغايراً لمقاربات التيار الإصلاحي والقوى المؤيدة للدبلوماسية: «التفاوض، مهما بدا مؤدباً في ظاهره، ليس في جوهره أقل من الحرب. التفاوض هو نفسه الحرب، والدبلوماسي هو جندي ميدان المعركة».

وأكدت «فرهيختكان» من خلال رؤية أيديولوجية على أهمية «الثقة الذهنية بالنفس» لدى المفاوض الإيراني، وكتبت: «إذا دخل الدبلوماسي الإيراني إلى طاولة المفاوضات وهو يرى نفسه دون وعي أضعف من الطرف المقابل، ويعتبره أكثر عقلانية وتحضراً وأخلاقية، فلن يمتلك حينها لا قدرة التفاوض ولا التأثير، بل سيمنح، طوعاً أو كرهاً، شرعية لهيمنة العدو».

وفي مفارقة لافتة، وبينما تنتقد الصحيفة التيارات المعروفة بالإصلاحية والداعمة للتفاوض، فإنها تشيد بعباس عراقجي وتصفه بـ«الجندي المحترف»، وتقر بتمتعه بكفاءة شخصية في ميدان التفاوض، لكنها تؤكد أن «الفرد المفاوض ليس هو المحدد، بل الخطاب الذي يقف وراءه». وكتبت الصحيفة: «صحيح أن عباس عراقجي، بصفته كبير مفاوضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قاتل كمحارب متمرس قبل الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوماً وبعدها، وأن وجوده يعكس قدرة فردية وذهنية على مواجهة العدو؛ لكن القضية الأهم أن الحاسم في ميدان التفاوض ليس الشخص، بل الخطاب الذي يقف خلفه. ولا ينبغي السماح بأن تتم مصادرة خطاب التفاوض من قبل تلك القوى السياسية التي ما فتئت، في كل المنعطفات التاريخية، عبر التهيئة الإعلامية وخلق شعور بالاضطرار وبناء تصورات ذهنية ممنهجة، تقرع طبول التفاوض بلا توقف».

وفي موضع آخر من المقال، جاء: «لا ينبغي السماح بأن تتم مصادرة خطاب التفاوض من قبل القوى السياسية التي دأبت في كل اللحظات الحرجة على قرع طبول التفاوض من خلال الإيحاء بالضرورة والتهيئة الإعلامية». ويرى كاتب المقال أن هذه التيارات «تساوي بين التفاوض والاستسلام والتراجع»، وأنها بتصويرها للإنسان الإيراني بطريقة مهينة، قد قبلت عملياً بمنطق الهيمنة.

ورغم أن المقال لا ينفي مبدأ التفاوض بحد ذاته، إلا أنه يشترط أن يكون من موقع القوة، ومن قبل أفراد «قد انتصروا مسبقاً في عقولهم قبل أن يجلسوا إلى طاولة التفاوض».

وفي انتقاد مباشر للخطاب السائد خلف التفاوض في الحكومة، كتبت الصحيفة: «هؤلاء هم أنفسهم الذين اعتبروا في أقوالهم وكتاباتهم وخطاباتهم الرسمية، الطرف الآخر دائماً مركز العقلانية والتنمية والتقدم، وصوّروا الإنسان الإيراني على أنه كائن متخلف، تقليدي، وعاجز عن الإبداع التاريخي. هؤلاء رسبوا في الاختبار الأساسي الذي يواجهه كل فاعل تاريخي، وهو اختبار تحديد العلاقة مع الآخر. هم يتحدثون عن التفاوض، لكنهم يقصدون الانصهار في النظام العالمي القائم. الإصرار المتكرر من جانب هذه التيارات على التفاوض لا ينبع من فهم معقد للعلاقات الدولية أو الضرورات الدبلوماسية، بل من خضوع فكري مزمن؛ خضوع يتستر بثوب العقلانية، لكنه يفتقر في جوهره إلى أي ثقة بالنفس التاريخية. فالتفاوض هو امتداد للحرب، ولا يجوز السماح بأن يُصادر خطابه من قبل قوى مستسلمة سلفاً».

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى