من الصحافة الإيرانية: على الغرب أن يقدم لإيران تنازلات ملموسة من أجل التوصل إلى اتفاق
قال خبير في الشؤون الدولية إن نجاح الدبلوماسية القسرية مشروط برغبة الولايات المتحدة في تقديم تنازل لإيران، لا أن تسعى لفرض الاستسلام عليها.

ميدل ايست نيوز: قال خبير في الشؤون الدولية إن نجاح الدبلوماسية القسرية مشروط برغبة الولايات المتحدة في تقديم تنازل لإيران، لا أن تسعى لفرض الاستسلام عليها، لأن مثل هذا النهج سيؤدي مرة أخرى إلى فشل المسار الدبلوماسي.
وفي سياق متصل، هدّد عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، بأن إيران تعتبر تفعيل آلية الزناد في الاتفاق النووي بمثابة هجوم عسكري، لكنه في الوقت ذاته أكد أن طهران لا تعتزم حالياً الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).
وفي هذا الإطار، قال رحمن قهرمان بور، خبير العلاقات الدولية، لموقع “خبر أونلاين“: “ثمة علاقة مباشرة بين تفعيل آلية الزناد وبين التوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة. فإذا ما أحرزت المفاوضات الثنائية بين الجانبين تقدماً خلال الشهرين المقبلين، فلن تسعى أوروبا إلى تفعيل الآلية، أو على الأقل ستمنع الولايات المتحدة ذلك”. وأضاف أن “السياسة الحالية لطهران على ما يبدو تهدف إلى الحيلولة دون تفعيل آلية الزناد من خلال التوصل إلى اتفاق مع واشنطن”.
وأكد الخبير الإيراني أن أوروبا تحاول من خلال موقفها الحاد تجاه إيران أن ترسخ موقعها في السياسة الدولية، مشيراً إلى أن “تفعيل آلية الزناد لا يعتمد بقدر كبير على تهديدات إيران لأوروبا، بل على نتيجة التفاهم المحتمل بين إيران وأمريكا. وإذا ما تحقق الاتفاق، فسيكون هو الأداة الأهم لمنع تفعيل الآلية”. وأوضح أن أوروبا، رغم محاولاتها السابقة لاتخاذ مواقف مستقلة نسبياً عن واشنطن في ملف أوكرانيا، تحاول في قضية آلية الزناد أن توصل رسالة لإيران والولايات المتحدة مفادها أنه لا ينبغي تجاهل الدور الأوروبي في المفاوضات. وأضاف أن “خطاب المسؤولين الإيرانيين كان يوحي بعدم وجود دور لأوروبا في السياسة الدولية، ويبدو أن تصريحات المسؤولين الأوروبيين، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش مرتس، جاءت كرد فعل على ذلك. ولا ينبغي أن نغفل أن الأوروبيين يتعرضون لضغوط من روسيا وأمريكا، وربما يظنون أن التصعيد تجاه إيران قد يعزز موقعهم السياسي عالمياً”.
وأشار قهرمان بور إلى أن إيران أكدت أنها كلما زادت الضغوط عليها، كلما قلّ استعدادها للتفاوض أو تقديم تنازلات. ورغم ذلك، تواصل القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وثلاثي أوروبا، اعتماد سياسة الضغط والتلويح باستخدام القوة وإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن، في محاولة لدفع إيران لتقديم تنازلات جديدة.
وحول مدى فاعلية الإجراءات القسرية في دفع إيران إلى التراجع، قال قهرمان بور: “في الواقع، الظروف تغيرت لكل من إيران والولايات المتحدة بعد الهجمات الإسرائيلية في 12 يونيو، ولا تزال أمريكا وأوروبا تعتبر أن إيران في موقع ضعف. لكنهما يدركان في الوقت ذاته أن نجاح الدبلوماسية القسرية يتوقف على تقديم تنازل ملموس لطهران يسمح لها بتبرير الاتفاق داخلياً”. وأردف: “إذا كانت سياسة واشنطن قائمة على عدم تقديم أي تنازل وطلب الحد الأقصى من إيران، فإن فرص نجاح المفاوضات ستكون محدودة، ولن يتحقق أي توافق داخلي داخل إيران حول الاتفاق”.
وفي تعليقه على موقف الغرب الرافض للبرنامج النووي الإيراني، قال إن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأوروبيين، بمن فيهم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي والرئيس الفرنسي، التي طالبت بإزالة كاملة للبرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين، تظهر تشدداً متزايداً، وتهدف إلى انتزاع تنازلات تتجاوز ما نُص عليه في الاتفاق النووي.
وختم خبير الشؤون الدولية بالتأكيد على أن “الدبلوماسية القسرية من دون تقديم تنازلات لإيران لن تنجح”، مضيفاً: “إذا كانت أمريكا وأوروبا تسعيان إلى إنجاح هذا النوع من الدبلوماسية وتحقيق اتفاق، فإن عليهما أن تعلما أن الضغط وحده لا يكفي، ويجب أن يترافق مع تنازلات حقيقية. أما ما هي طبيعة هذه التنازلات، فهذا ما سيتحدد على طاولة المفاوضات”. وأوضح: “إذا كانت واشنطن تفترض أن إيران في موضع ضعف ويجب أن تستسلم، فإن هذا التقدير خاطئ، وقد يعرقل مسار التفاوض في المستقبل. وكما صرح مسؤولون إيرانيون مراراً، فإن طهران لن تقدم تنازلات تحت الضغط والتهديد. وبالتالي، ثمة مسألتان أساسيتان: على واشنطن أن تقدم تنازلات حقيقية، وأن تتخلى عن الاعتماد الحصري على التهديد والضغط، وأن توازن ذلك باستراتيجية دبلوماسية حقيقية”.