من الصحافةالإيرانية: دلالات ومآلات زيارة أحمد الشرع إلى أذربيجان
قال خبير إيراني في القضايا الإقليمية إنه من غير الواقعي تضخيم زيارة الشرع إلى أذربيجان أو منح الجولاني صفة رسمية أو دبلوماسية.

ميدل ايست نيوز: قال خبير في شؤون المنطقة إن زيارة رئيس الحكومة المؤقتة السورية إلى أذربيجان يجب أن تُفهم في سياق جهود تركيا لإعادة تعريف استراتيجيتها في سوريا وما بعدها.
وفي تصريح لوكالة إيلنا، أوضح رضا صدر الحسيني، المتخصص في القضايا الإقليمية، أن “من أبرز التحولات الأخيرة في منطقة القوقاز، وتحديداً ما يتعلق بجمهورية أذربيجان، كانت زيارة أبو محمد الجولاني، قائد “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) والذي يعرّف حالياً كرئيس لـ”الحكومة المؤقتة السورية”، إلى العاصمة باكو، وهي زيارة أثارت ردود فعل واسعة. أحد الأهداف الرئيسة لهذه الزيارة يتمثل في استعادة تركيا لدورها في الملف السوري، في ظل امتناع عدد من الدول العربية عن الاعتراف الكامل بهذا الدور. حيث كثفت أنقرة خلال الأشهر الماضية تحركاتها الدبلوماسية، سواء عبر الحوار مع الدول العربية أو عبر مبادرات من هذا النوع، في محاولة لتعزيز موقعها الإقليمي”.
وأشار الخبير الإيراني إلى أن هذه الزيارة قد تكون أيضاً جزءاً من مساعٍ لإنشاء روابط محتملة مع مصادر الطاقة أو مسارات جيوسياسية في منطقة القوقاز، رغم أن مثل هذه الفرضيات ما تزال في نطاق التكهنات الإعلامية. لكنه شدد على أن “الجولاني لا يشغل حالياً أي موقع رسمي في الحكومة السورية، بل هو قائد فصيل مسلح غير رسمي في شمال سوريا يحظى بدعم تركي، ويدير مناطق خارجة عن سيطرة الدولة، ويُطلق عليه مسمى “رئيس الحكومة المؤقتة السورية”. لذا، من غير الواقعي تضخيم هذه الزيارة أو منح الجولاني صفة رسمية أو دبلوماسية”.
وتطرّق صدر الحسيني إلى تقارير إعلامية عربية وإسرائيلية تحدثت عن احتمال لقاء الجولاني بمسؤولين إسرائيليين في باكو، لكنه أشار إلى أن أي مصدر موثوق لم يؤكد ذلك حتى الآن. ولفت إلى أن “الجولاني، بالنظر إلى سجل علاقاته غير المعلنة مع بعض الأطراف الأجنبية، قد يكون التقى بمسؤولين إسرائيليين داخل الأراضي السورية سراً، ومن غير المنطقي نقل مثل هذه الاتصالات إلى بلد ثالث، خصوصاً في ظل الأوضاع المتوترة في منطقة القوقاز”.
وأكد المحلل الإيراني على ضرورة عدم إغفال دور أذربيجان في هذا السياق، كونها حليفاً وثيقاً لتركيا، وتستضيف في الوقت ذاته بعض التحركات الأمنية والاستخباراتية التي تلفت أنظار المراقبين. واعتبر أن مجرد وجود الجولاني في باكو يعكس اتساع نطاق تحركات تركيا لإعادة رسم دورها الإقليمي من خلال شخصيات مثل الجولاني، في ظل غياب القبول العربي. وأضاف أن أنقرة، التي تدير التحركات السياسية والميدانية للجولاني بالكامل، ربما تخطط لإرساله لاحقاً إلى دول أخرى مقربة مثل أوزبكستان أو تركمانستان، في محاولة لبناء نوع من “الدبلوماسية بالوكالة” في المنطقة، وتثبيت الجولاني كأحد الخيارات المستقبلية في سوريا ما بعد الأسد.
وتابع بالقول إن “الجولاني لا يحظى حتى الآن باعتراف من الدول العربية أو من معظم المؤسسات الدولية بسبب خلفيته المرتبطة بجماعات إرهابية، وبالتالي فإن تحركاته تندرج ضمن استراتيجية أنقرة لتعويض فشلها في كسب دعم عربي لدورها السوري عبر قنوات غير تقليدية”.
واعتبر المتخصص في القضايا الإقليمية أن هذه الدينامية جزء من منافسة إقليمية أوسع تشارك فيها تركيا وإيران والسعودية وإسرائيل وروسيا، وكل منها يسعى لتحديد مستقبل سوريا السياسي. وداخل هذا المشهد، يلعب الجولاني دور أداة تركية في الصراع الإقليمي.
وفي ختام تصريحاته، شدد صدر الحسيني على أن قدرة الجولاني على أداء دور سياسي فاعل في مستقبل سوريا تظل موضع شك كبير، إذ يفتقر إلى كل من الدعم الشعبي والمشروعية الدولية، وأي محاولة لطرحه كشخصية شرعية ستواجه عقبات جدية على المستويين الإقليمي والدولي. وخلص إلى أن دخول الجولاني إلى ساحة القوقاز يعكس أكثر مأزق تركيا الاستراتيجي في سوريا، أكثر مما يعكس قوة أو نفوذ الجولاني نفسه، معتبراً أن أنقرة تحاول مواجهة هذا المأزق عبر استخدام أدوات وشخصيات ومسارات بديلة.