هدنة بلا ضمانات… هل الصمت الحالي مقدمة لعاصفة جديدة أم تمهيد لمفاوضات؟

مع هدنة لا وثيقة تثبتها ولا ضمان لاستمرارها، هل الهدوء المسيطر على الأجواء مجرد صمت ما قبل العاصفة أم تمهيد للعودة إلى طاولة المفاوضات؟

ميدل ايست نيوز: بعد مرور أكثر من أسبوعين على انتهاء المواجهات بين إيران وإسرائيل، لا يزال ظِل الحرب يخيّم على المنطقة. ومع هدنة لا وثيقة تثبتها ولا ضمان لاستمرارها، هل الهدوء المسيطر على الأجواء مجرد صمت ما قبل العاصفة أم تمهيد للعودة إلى طاولة المفاوضات؟

مر أكثر من أسبوعين على وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، الذي تم بعد 12 يوماً من القتال. لكن رغم توقف الحرب، يحذر بعض المحللين من أن هذه «الفترة الفاصلة» قد تكون استراتيجية وليست مقدمة لسلام دائم.

من جهة أخرى، اعتبر عباس عراقجي مؤخراً تفعيل آلية الزناد بمثابة إعلان حرب على إيران، محذراً من تداعياتها. وفي الوقت ذاته، جذبت زيارة بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى الولايات المتحدة ولقاؤه مع دونالد ترامب اهتمام وسائل الإعلام العالمية، حيث ربطت كثير من التقارير هذه الزيارة بالمشاورات حول السياسات المستقبلية تجاه إيران، من استمرار المواجهة إلى احتمال التفاوض على وقف إطلاق النار.

وفي سياق متصل، كشف محسن رضائي في مقابلة خاصة منذ أيام عن هجوم جرى خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل. وقال رضائي إن إسرائيل استهدفت ست نقاط في موقع اجتماع مجلس الأمن القومي الأعلى، لكن لم تُسجل إصابات بين الحاضرين. إن الكشف عن هذه التفاصيل الجديدة للهجوم الإسرائيلي يسلط الضوء ليس فقط على الأبعاد الأمنية للأحداث، بل يغير أيضاً مستوى التهديدات في نظر الرأي العام الداخلي والدولي.

في هذا الوقت، الهدنة التي استمرت منذ بداية يوليو معرضة للانهيار عند أول توتر أو تحرك جديد، خاصة إذا لم تُثمر المسارات الدبلوماسية مع الغرب والفاعلين الإقليميين.

هدنة بلا وثيقة ولا إطار

في هذا السياق، أكد محمود صادقي، الناشط السياسي الإصلاحي وعضو البرلمان الإيراني السابق، في حديث مع «إكوإيران» على هشاشة الهدنة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، موضحاً أنها هدنة غير رسمية، لا وثيقة تثبتها ولا إطار محدد، وتشبه أكثر توقفاً مؤقتاً للقتال وليس اتفاق سلام.

وأشار إلى الهجوم الذي استهدف اجتماع مجلس الأمن القومي الأعلى، مؤكداً أن رضائي كان محقاً بالإشارة إلى أن الهجوم وقع بعد مغادرة الرئيس للمكان، ولحسن الحظ لم يسفر عن خسائر بشرية. لكنه أضاف أن اختيار إسرائيل لمثل هذا الهدف هو مؤشر جدي على استمرار التهديدات، ولا يمكن استبعاد احتمال تكرار مثل هذه العمليات أو حتى عودة الحرب رسمياً.

وأشار صادقي إلى اللغة التهديدية الواضحة من قبل المسؤولين الإسرائيليين، مبيناً أنهم لم يتخلوا عن استراتيجية الضغط، ولذا يجب أن نبقى مستعدين لاحتمال تصعيد التوترات طالما لم يتم تأسيس مسار دبلوماسي رسمي واتفاق موثوق.

وشدد على أن الدبلوماسية هي الأداة الوحيدة المتاحة حالياً لمنع تجدد الصراع، مشيراً إلى أن إشارات وزير الخارجية خلال اجتماعه مع السفراء الأجانب عن احتمال التفاوض تدل على أن إيران لم تغلق باب الدبلوماسية بعد، وأن النقاش الآن يتركز على الأُطر والنقاط الأساسية.

وختم قائلاً: “لا يجب أن نغلق باب الدبلوماسية، وكل فرصة يمكن أن تحمي مصالح إيران يجب أن تؤخذ بجدية.”

الدبلوماسية، الطريق الوحيد للعودة إلى الاستقرار

من جانبه، أكد محمد عطريا نفر، الناشط السياسي وعضو المجلس المركزي لحزب كوادر البناء، أن مستقبل السلام أو الحرب ليس محدداً مسبقاً، بل هو نتيجة مباشرة لتدابير وسلوك الطرفين اليوم.

وقال: “لا ينبغي أن نتصور السلام كظاهرة جامدة ومحددة ستأتي وحدها يوماً ما، فالمستقبل يعتمد على قراراتنا الحالية وعلى سلوكنا نحن والمنافس، إسرائيل والولايات المتحدة، تجاه بعضنا البعض.”

وأشار عطريا نفر إلى الخسائر التي تكبدتها إيران خلال الاشتباكات الأخيرة، من مئات الشهداء إلى تدمير البنى التحتية وتضرر القدرات النووية وتخريب آلاف الوحدات السكنية وغير السكنية.

وأضاف أن تفعيل السياسة القوية والحوار الدبلوماسي على الساحة الدولية يمكن أن يتم حتى وسط هذه التحولات الحادة، وأن ما حققناه من صمود يشكل قاعدة للمفاوضات القادمة، مع إدارة وزير الخارجية لهذه المرحلة الحساسة.

كما أشار إلى الظروف الداخلية والحساسيات الاجتماعية، موضحاً أن القوات المسلحة الإيرانية تتمتع اليوم بقدرات دفاعية محلية ودعم واسع، لكن المجتمع يعاني من ضغوط اقتصادية ونفسية وإدارية طويلة الأمد، ما يجعل للدبلوماسية دوراً حيوياً.

وختم الناشط الإيراني بالقول: “في هذه الظروف، الدبلوماسية ليست مجرد حل، بل ضرورة، وقد أدركت إدارة السياسة الخارجية ذلك، ونقل القادة الكبار في الدولة، وعلى رأسهم المرشد الأعلى، هذا الشعور بضرورة حماية استقرار المجتمع والعمل على الخروج من الأزمة وتحقيق اتفاق طويل الأمد ليتمكن الناس من العودة إلى حياتهم الطبيعية.”

الحرب ليست منتهية ولا حتمية

يرسم استعراض التصريحات الرسمية والتحركات العسكرية السابقة وآراء الخبراء صورة واضحة لكنها مقلقة عن الوضع الحالي في المنطقة: استقرار هش قائم على هدنة غير رسمية، هي في الأساس توقف ميداني للصراع أكثر من كونها نتيجة اتفاق.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 + 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى