هل يؤثر الاتفاق الغازي بين أذربيجان وسوريا على سوق الغاز الإيراني؟
قال مسؤول إيراني إن استهلاك البلاد من الغاز الحلو بلغ نحو 875 إلى 900 مليون متر مكعب يومياً، مع أن عدد السكان لم يتضاعف، ولا النمو الاقتصادي يبرر هذا المستوى من الاستهلاك.

ميدل ايست نيوز: قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة هندسة وتطوير الغاز في إيران، إن الممرات والصدوع الجيوسياسية الجديدة تتشكل وتتغير من حيث الطاقة والاقتصاد، مضيفاً أن استهلاك البلاد من الغاز الحلو بلغ نحو 875 إلى 900 مليون متر مكعب يومياً، مع أن عدد السكان لم يتضاعف، ولا النمو الاقتصادي يبرر هذا المستوى من الاستهلاك.
وفي حديثه لوكالة إيلنا، علّق رضا نوشادي على الاتفاق الغازي بين أذربيجان وسوريا وانعكاساته المحتملة على قطاع الطاقة في إيران، قائلاً إن أذربيجان تنتج حالياً 48 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، يذهب نصفه للاستهلاك المحلي والنصف الآخر للتصدير إلى أوروبا وتركيا. ووفقاً للخطط الحالية، من المتوقع أن ترتفع هذه الكمية إلى 60 مليار متر مكعب سنوياً بحلول عام 2027، مع استهداف تزويد نصف احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز، وهو هدف تنافسي تواجه فيه أذربيجان دولاً مثل قطر والجزائر والولايات المتحدة.
وأضاف: أذربيجان، رغم افتقارها حالياً إلى قدرة تصديرية مباشرة نحو سوريا، يمكنها بعد عام 2027 تزويد جزء أو كامل احتياجات سوريا الغازية، التي يبلغ عدد سكانها نحو 24 مليون نسمة، عبر الأراضي التركية. مسألة توريد الغاز إلى سوريا تنطوي على أبعاد فنية واقتصادية واستراتيجية، كل منها قادر بمفرده على التأثير في المشروع أو إلغائه.
وتابع الرئيس التنفيذي السابق لشركة هندسة وتطوير الغاز في إيران قائلاً إن سوريا اليوم أصبحت ساحة للتنافس والنزاع بين تركيا وإسرائيل، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي أعلن أنه لن يسمح بتصاعد التوتر إلى مستوى الصراع، وأكد على استخدام علاقاته مع تركيا لتقريب المواقف. ولفت إلى أن إسرائيل تحتل حالياً مناطق من سوريا، بما فيها مرتفعات الجولان، بينما تملك تركيا نفوذاً في شمال البلاد وتعتبر نفسها صاحبة القرار في الشأن السوري. وبناء على ذلك، فإن تنفيذ المشروع يستلزم مرور الغاز من أذربيجان إلى تركيا ومنها إلى سوريا.
وأشار نوشادي إلى أن مد خطوط أنابيب الغاز يتطلب استثمارات ضخمة ووقتاً طويلاً، مضيفاً: “حتى الآن، لا يزال الحديث عن خط أنابيب محتمل بين أذربيجان وسوريا في إطار المواقف السياسية أو الشعارات، وينبغي الانتظار حتى تنتقل المسألة من الطبقة السياسية إلى المستويات الإدارية والفنية والتنفيذية”.
وحول التحولات في معادلات ممرات الطاقة، أوضح المسؤول الإيراني أن ممرات نقل الطاقة في الشرق الأوسط كانت دائماً غير مستقرة ونادراً ما طُبّقت، مستشهداً بخط أنابيب “ترانس كاسبيان” الذي كان يفترض أن ينقل الغاز من تركمانستان إلى أذربيجان عبر بحر قزوين لكنه متوقف منذ قرابة عقدين، وكذلك خط أنابيب “تابي” الذي كان مقرراً أن يمر من تركمانستان إلى أفغانستان وباكستان والهند، ولم يُنفذ بعد مرور نحو ثلاثين عاماً. كما أشار إلى مشروع خط أنابيب من قطر إلى سوريا ومن ثم أوروبا، الذي تأخر لدرجة أن الدوحة تحولت كلياً إلى تصدير الغاز الطبيعي المسال، وتم التخلي عن المشروع.
وفيما يتعلق بتأثير تنفيذ هذه المشاريع الغازية الإقليمية على إيران، أوضح نوشادي أن استهلاك الغاز الإيراني تضاعف بمقدار 2.5 مرة مقارنة بعام 2010، حيث كان يتم آنذاك ضخ 400 مليون متر مكعب من الغاز الحلو يومياً بشبكات النقل والتوزيع، مع تصدير جزء منه إلى تركيا والعراق. أما اليوم، فقد ارتفع هذا الرقم إلى 875–900 مليون متر مكعب يومياً، دون أن يكون هناك تضاعف في عدد السكان أو نمو اقتصادي يبرر ذلك، مضيفاً: “الحقيقة أن إيران أسيرة غول الاستهلاك المفرط”.
وأضاف أن تركيا والعراق طلبتا خلال السنوات الماضية كميات من الغاز تفوق العقود المبرمة، لكن إيران لم تكن تملك الكميات الكافية. وأردف قائلاً: “كان البعض من الموالين للغرب، خصوصاً الأنكلوفيليين، يروج لفكرة أن روسيا تمنع إيران من دخول السوق الأوروبية. لكن السؤال هو: هل لدينا الآن كميات غاز يمكن تصديرها إلى أوروبا عبر تركيا بعد فرض العقوبات على روسيا؟ الحقيقة أن السوق موجود، لكننا لا نملك السلعة، ومن الواقعية القول إننا نحتاج إلى عشر سنوات لإعادة التوازن إلى منظومة الطاقة الداخلية، وخلال هذه الفترة لن يكون لنا دور في السوق العالمية. لذلك، سواء صدّرت أذربيجان غازها إلى أوروبا أو سوريا، فلن يكون لذلك تأثير على سوق الغاز الإيراني”.