أكثر من 100 قتيل ومصاب في حريق الكوت جنوبي العراق: حداد عام وتحقيقات جارية

أفادت مصادر محلية في محافظة واسط العراقية، اليوم الخميس، بمصرع وإصابة أكثر من 100 شخص، بينهم نساء وأطفال، إثر اندلاع حريق في مجمع تجاري مكون من طوابق عدة في مدينة الكوت، مركز المحافظة.

ميدل ايست نيوز: أفادت مصادر محلية في محافظة واسط العراقية، اليوم الخميس، بمصرع وإصابة أكثر من 100 شخص، بينهم نساء وأطفال، إثر اندلاع حريق في مجمع تجاري مكون من طوابق عدة في مدينة الكوت، مركز المحافظة، فيما لا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن مفقودين. واندلع الحريق بعد منتصف ليل أمس الأربعاء داخل مجمع الهايبرماركت، وهو مجمع تجاري كبير في وسط مدينة الكوت. وأكدت مصادر أمنية ومحلية في المحافظة أنّ “الحريق استمر لساعات عدة، وأنّ فرق الدفاع المدني واجهت صعوبة بإخماده حتى ساعات الصباح”.

وفي أحدث حصيلة، بلغ عدد القتلى جراء الحريق 63 شخصاً، بينهم ثلاث أسر قضت بالكامل، فيما تم نقل 40 مصاباً إلى المستشفيات، بعضهم في حالة حرجة. ووفقاً لثلاثة مصادر في دائرة الطب العدلي بمدينة الكوت، ومديرية الدفاع المدني، ومركز شرطة المدينة، فقد تم انتشال 63 جثة من تحت أنقاض المبنى التجاري المكون من خمسة طوابق، بينهم ثلاث أسر كاملة كانت داخل المجمع التجاري حين حاصرتهم النيران. كما تم نقل 40 مصاباً آخرين، بينهم تسعة في حالة حرجة للغاية إلى المستشفيات، فيما لاتزال أعمال البحث والتفتيش جارية داخل المبنى.

من جهتها، قالت وزارة الداخلية، الخميس، في بيان: “أودى هذا الحريق المؤلم بحياة 61 مواطناً بريئاً، غالبيتهم قضوا اختناقاً داخل الحمامات نتيجة تصاعد كثيف للدخان، وبينهم 14 جثة متفحمة غير معلومة”. وكانت حصيلة سابقة صادرة عن السلطات أشارت إلى مقتل أكثر من 50 شخصاً.

وفي تصريح سابق، أعلن محافظ واسط محمد جميل المياحي، اليوم الخميس، فقدان ما يقارب 50 شخصاً، من بينهم نساء وأطفال، في حادثة حريق مول الهايبرماركت، من دون ذكر مزيد من التفاصيل. وأوضح أن “الجهات المعنية تواصل التحقيق في أسباب الحريق، وسيجري الإعلان عن النتائج الأولية خلال 48 ساعة، للرأي العام بكل شفافية”. وأضاف “السلطات المحلية باشرت بإقامة دعاوى قضائية ضد صاحب البناية والمول، على خلفية الحادث”، وفقاً لوكالة الأنباء العراقية الرسمية. فيما أفاد ديوان محافظة واسط في بيان بأنّ “الدفاع المدني تمكّن من الوصول إلى المواطنين العالقين في أعلى المبنى الذي التهمته النيران في وسط مدينة الكوت”.

من جهته قال المقدم أحمد الساعدي من مديرية الدفاع المدني بمحافظة واسط لـ”العربي الجديد”، إن الحريق اندلع في الطابق الرابع من المبنى، وهو طابق المطاعم، وسرعان ما امتد إلى باقي الطوابق، نتيجة سوء إجراءات السلامة المتبعة، وتخزين الوقود على سطح البناية. وأكد أن فرق الدفاع المدني ما زالت بموقع الحريق، والتحقيقات جارية لتحديد أسبابه، مرججاً ارتفاع عدد الضحايا نتيجة خطورة بعض الإصابات التي تم نقلها إلى المستشفى.

ووصف مصدر أمني في شرطة المحافظة خلال حديث مع “العربي الجديد” الحريق بـ”الكبير جداً”، مشيراً إلى أن الضحايا أكثر بكثير من الرقم المعلن، مبيّناً أنّ “أسباب الحريق لا تزال مجهولة حتى اللحظة، وقد تمّت السيطرة عليه من قبل فرق الدفاع المدني”. وحول عدد القتلى والمصابين، قال: “الحديث يجري عن أكثر من 20 ضحية و50 مصاباً بجروح مختلفة، بينهم حالات خطيرة”. وأكد المصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه أنّ “فرق الدفاع المدني ما زالت تبحث في المبنى عن مفقودين، وأنّ الأهالي يتجمّعون حالياً بالمئات أمام مستشفى الزهراء لمعرفة مصير ذويهم المفقودين وسط حالة من القلق (..) قوات الأمن تمنع الأهالي من دخول المستشفى”.

وبدأت أسر الضحايا وذووهم بنشر صور ومعلومات عن المفقودين الذين كانوا داخل المبنى. وقال مسؤول رفيع في وزارة الداخلية لـ”العربي الجديد”، إن أوامر قبض صدرت بحق عدد من المعنيين بالمبنى، مؤكداً أن الحريق نجم عن سوء في إجراءات السلامة، ولا توجد أي شبهة جنائية حتى الآن.

في مستشفى الزهراء، وسط مدينة الكوت، يقف أحمد عباس بانتظار التعرف إلى عدد من الجثث المتفحمة، ويؤكد أن شقيقه علي ما زال في عداد المفقودين. يقول أحمد في حديث مقتضب لـ”العربي الجديد”: “لا أعرف كيف سأعود إلى أمي بدون أخي، وكيف سأبلغها إن كان فعلاً من بين الضحايا”، مشيراً إلى أن شقيقه كان قد أخبر والدته أنه ذاهب لتناول العشاء مع أصدقائه، احتفاءً بحصول أحدهم على وظيفة جديدة.

على باب المستشفى، يحتشد العشرات تحت شمس لاهبة تخطت نصف درجة الغليان، لا يجمعهم سوى الانتظار الموجع والدموع. ينتظرون لحظة فتح الحارس الباب للإعلان عن أسماء ضحايا جدد أو طلب فئات دم جديدة للتبرع. يقول فاضل سعدي (67 عاماً) إن حفيدته وزوجها من بين الضحايا.

على صفحات “فيسبوك”، بدأ الناس بنعي أقربائهم، بينما تعالت الأصوات لمحاسبة المسؤولين عن الفاجعة والمطالبة باستقالتهم وإحالتهم إلى القضاء. في الوقت ذاته، نعت مؤسسات حكومية عدداً من موظفيها الذين قضوا في الحريق، أبرزها جامعة الكوت، وبلدية المدينة، ووزارة الداخلية. من بين الضحايا، برز اسم الدكتورة زينب الغرباوي، إحدى أشهر الطبيبات في المدينة، والتي لقيت حتفها مع كل أفراد أسرتها داخل مصعد البناية، بعدما حاصرتهم النيران هناك.

يقول المواطن حيدر الطائي إن “الخسارة موجعة لكل المدينة، ويجب أن يطرد كل مسؤول متورط بها. هل يعقل أن بناية ليس فيها مخرج طوارئ ولا معدات إطفاء؟ من منحها الترخيص ومن وافق على أن تستقبل هذا العدد الضخم من الناس بدون معدات وإجراءات سلامة؟ هؤلاء المسؤولون قتلة وتجب محاسبتهم. الفساد يقتلنا”.

من جهتها، أعلنت محافظة واسط، الحداد على الضحايا لمدة ثلاثة أيام، بينما نعت وزارة الداخلية ضحايا الحريق، مؤكدة أن غالبية الضحايا “قضوا خنقا نتيجة تصاعد الدخان”. لكن البيان أكد أن من بين الضحايا جثث متفحمة وجار التحقق من هويتها وعددها 14 جثة. فيما أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، فتح تحقيق فوري في حادث الحريق الذي اندلع في مدينة الكوت، موجهاً بإرسال فريق طبي عاجل وتعزيز الإجراءات لمنع تكرار مثل هذه الكوارث.

ويقع المبنى المنكوب وسط مدينة الكوت، مركز محافظة واسط، على بعد 180 كيلومتراً جنوب العاصمة بغداد، ويتكون من خمسة طوابق تضم محلات لبيع الألبسة والبضائع، إضافة إلى مطاعم للوجبات السريعة. وقد جرى افتتاحه قبل نحو شهرين فقط. وتعد هذه الحادثة أكبر فاجعة حرائق تشهدها العراق منذ عام 2023، حيث اندلع حريق في إحدى صالات الأفراح بمحافظة نينوى، ما أسفر عن مقتل 114 شخصا وإصابة نحو 150 آخرين، وخلصت نتائج التحقيق آنذاك إلى وجود تقصير في إجراءات السلامة المتبعة.

وكانت مديرية الدفاع المدني العراقية قد أبدت قبل أيام قليلة مخاوف من حرائق محتملة في البلاد نتيجة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة التي تخطت نصف درجة الغليان بعدد من المحافظات، فيما كشفت عن خطة استباقية للتصدي لها وتقليل الخسائر المحتملة، مؤكدة أنها تمتلك القدرات والمهارات الفنية والعلمية اللازمة للتعامل مع مختلف حالات الطوارئ، ما يجعلها مستعدة لمواجهة أي حادث طارئ، وأن هذه القدرات جرى إعدادها من خلال برامج تدريبية متخصصة.

ويعد الإهمال أحد أبرز أسباب الحرائق الكثيرة في الدوائر الحكومية والأهلية في العراق، وقد تسبب بحرائق كثيرة في السنتين الماضيتين أوقعت ضحايا بالمئات، وسط مطالبات بتشديد الإجراءات العقابية بحق المقصرين، فضلاً عن المتابعات الميدانية لإجراءات السلامة والوقاية داخل المؤسسات والأماكن العامة. ويُسجل العراق حرائق متكررة في المباني الحكومية وفي المنشآت الخاصة خلال فصل الصيف، لكن ارتفاع عددها في غير الموسم الصيفي يثير القلق حول الإجراءات الوقائية التي تعهدت وزارة الداخلية ومديرة الدفاع المدني باتخاذها قبل نحو عامين عقب سلسلة حرائق طاولت أسواقاً ومستشفيات كبرى ودوائر مختلفة، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 + 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى