تأثير ترحيل المهاجرين الأفغان على سوق الإسكان الإيراني: صدمة أم فرصة؟

تشير التقديرات إلى أن الأفغان شكّلوا ما بين 10 إلى 15 بالمئة من الطلب على سوق الإيجار في بعض المناطق، وأن خروج مئات الآلاف منهم أدى إلى خلو عدد كبير من الوحدات السكنية المؤجرة.

ميدل ايست نيوز: أدى الترحيل الملحوظ للمهاجرين الأفغان من إيران، خاصة بعد نهاية الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، إلى إثارة نقاش واسع حول التأثيرات الاقتصادية لهذه الظاهرة، ولا سيما على سوق الإسكان.

وكتب موقع فرارو في تقرير، أن قطاع الإسكان في إيران يواجه تساؤلات جدية حول ما إذا كان هذا الخروج المفاجئ لأحد أبرز المجموعات المستأجرة والمستهلكة في البلاد سيؤدي إلى صدمة في السوق، أم أنه يمثل فرصة لالتقاط الأنفاس، خصوصاً في المدن الكبرى.

تأثير مباشر على سوق الإيجارات

أحد التأثيرات الفورية لمغادرة الأفغان هو الانخفاض النسبي في الطلب على الإيجارات. فقد كانت شريحة كبيرة من المهاجرين الأفغان تستأجر وحدات سكنية صغيرة ومنخفضة التكلفة، خاصة في المناطق منخفضة الدخل بمحافظات خراسان الرضوية، وكرمان، وسيستان وبلوشستان، وقم، فضلاً عن ضواحي المدن الكبرى كطهران ومشهد وأصفهان وشيراز.

وتشير التقديرات إلى أن الأفغان شكّلوا ما بين 10 إلى 15 بالمئة من الطلب على سوق الإيجار في بعض المناطق، وأن خروج مئات الآلاف منهم أدى إلى خلو عدد كبير من الوحدات السكنية المؤجرة. ويقول وسطاء العقارات في شرق طهران وأطراف مشهد وضواحي كرج إن هناك انخفاضاً طفيفاً في أسعار الإيجارات بالمناطق التي كان يتواجد فيها الأفغان بكثافة. ومع ذلك، فإن هذا الانخفاض لا يزال محدوداً وموضعياً، ولم يتحول إلى تأثير شامل على مستوى المدن الكبرى.

تأثير مزدوج: صدمة قصيرة المدى وفرصة طويلة الأمد

  • على المدى القصير، قد يتسبب الخروج المفاجئ للأفغان بزيادة مؤقتة في عدد الوحدات الخالية وتراجع أسعار الإيجارات في بعض الأحياء التي كانت تتركز فيها هذه الجالية، مما يشكل تحدياً مالياً للمالكين الصغار الذين يعتمدون على الإيجارات كمصدر دخل أساسي.
  • أما على المدى البعيد، فقد يسهم هذا الانخفاض في تهدئة السوق وتخفيف الضغط عن مستويات الأسعار الدنيا، مما يمثل فرصة إيجابية للمستأجرين الإيرانيين، لاسيما في المدن الكبرى.

أزمة في قطاع البناء بسبب نقص اليد العاملة

في المقابل، شكّل ترحيل المهاجرين غير النظاميين، لا سيما الأفغان، أزمة حقيقية في قطاع البناء، الذي كان يعتمد بشكل كبير عليهم خلال العقود الماضية. فقد كانوا يشكلون العمود الفقري للقوى العاملة في هذا القطاع، وشغلوا وظائف متعددة بدءاً من العمالة البسيطة وصولاً إلى البنّائين، والحدادين، واللحّامين، وغيرهم.

ويؤكد بعض المقاولين في طهران وأصفهان أن مشاريع البناء تواجه تأخيرات بسبب النقص في العمال المهرة، وأن تعويض النقص بالقوى العاملة المحلية يواجه صعوبات تتعلق بارتفاع التوقعات حول الأجور وانخفاض مستويات المهارة.

  • النقص الحاد في الأيدي العاملة أدى إلى ارتفاع ملحوظ في تكلفة البناء.
  • وقد يؤدي هذا الوضع إلى رفع أجور العمال الإيرانيين، وهو أمر إيجابي للقوى العاملة المحلية، لكنه سيؤثر سلباً على كلفة إنتاج المساكن ويزيد من الأسعار النهائية.

المشهد المركب لسوق العقارات في غياب الأفغان

يمكن اعتبار ترحيل المهاجرين الأفغان من إيران عاملاً يحمل في طياته فرصاً وتحديات في آنٍ واحد. ففي بعض المدن التي كانت تضم جاليات كبيرة، مثل مشهد، بدأ التأثير يظهر بوضوح في أحياء مثل “كلشهر”، حيث تراجع الطلب على الإيجارات. كما توقفت عدة مشاريع إسكان حضري وفلل سكنية في محيط مدينة كرمان، ولوحظ انخفاض في معدلات الإيجار في أحياء محددة بمدينة قم ومدينة ورامين.

وعلى الرغم من أن ترحيل المهاجرين غير النظاميين قد يُحدث صدمة مؤقتة في المناطق التي تعتمد على دخل الإيجارات، إلا أن هذا التطور قد يشكل فرصة لتنظيم سوق الإيجار، وخفض الطلب غير الحقيقي، وتحسين برامج إعادة تأهيل الأحياء المتدهورة على المدى المتوسط والبعيد.

وفي المحصلة، فإن هذا التحول قد يسهم على المدى القصير في تخفيف الضغط على سوق الإيجارات، لكنه في المدى البعيد سيؤدي إلى تحديات هيكلية أبرزها: نقص اليد العاملة، ركود مشاريع البناء، وتذبذب العرض، مما سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع تكلفة إنتاج السكن في البلاد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 + واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى