ارتفاع قياسي جديد في قيمة الدينار العراقي أمام الدولار
سجلت بورصة العملات الأجنبية في العاصمة العراقية بغداد، اليوم الأربعاء، ارتفاعاً قياسياً للدينار أمام الدولار، بلغ 1380 دينار للدولار الواحد، مقارنة بالقيمة السابقة التي بلغت 1420 دينار للدولار الواحد.

ميدل ايست نيوز: سجلت بورصة العملات الأجنبية في العاصمة العراقية بغداد، اليوم الأربعاء، ارتفاعاً قياسياً للدينار أمام الدولار، بلغ 1380 دينار للدولار الواحد، مقارنة بالقيمة السابقة التي بلغت 1420 دينار للدولار الواحد.
ويأتي هذا الانخفاض، وفقاً لمختصين نتيجة لتقاطع عدة عوامل داخلية وخارجية، في مقدمتها الإجراءات الحكومية المشددة التي اتخذها البنك المركزي للحد من المضاربات في سوق العملة، إلى جانب تزايد احتياطي البلاد من العملة الصعبة نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وتعزيز التعاون مع المؤسسات المالية الدولية لضبط حركة الدولار داخل البلاد.
وشهد سعر صرف الدولار في السوق الموازي (غير الرسمي) 1380 دينار عراقي للدولار الواحد، وهو الأول من نوعه منذ عامين، بينما السعر الرسمي المثبت من قبل البنك المركزي العراقي هو 1310 دنانير عراقية للدولار، وخلال الفترة الماضية كان الدولار يشهد تقلبات في السعر حيث وصل الى 1700 دينار، بينما استقر منذ فترة طويلة على 1450 ألف دينار.
وقال الخبير في الشأن المالي والاقتصادي رشيد السعدي، لـ”العربي الجديد”، إن “الانخفاض الأخير في أسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي يُعد نتيجة مباشرة لحزمة من السياسات والإجراءات التي تبناها البنك المركزي العراقي، بالتعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى، منها تقييد حركة التحويلات الخارجية غير الشرعية، واعتماد منصة التحويل الرسمية، بالإضافة إلى تعزيز ضخ العملة الأجنبية عبر نافذة البنك المركزي، ما ساهم في تلبية الطلب الفعلي على الدولار، وتقليل الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازي”.
وبيّن السعدي أن “ارتفاع الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة نتيجة تحسن أسعار النفط العالمية، واستمرار التنسيق مع وزارة الخزانة الأميركية لمراقبة حركة الدولار، أعطى ثقة أكبر للأسواق وساهم في تهدئة عمليات المضاربة، كما أن الحفاظ على استمرار هذا الانخفاض يتطلب استمرار الشفافية في نافذة بيع العملة، وتوسيع الإجراءات الرقابية على المصارف وشركات الصرافة، إضافة إلى تنشيط القطاع الإنتاجي المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وبالتالي تقليل الضغط على الدولار”.
وأضاف أن “تأثير انخفاض الدولار على الأسواق المحلية، له نتائج مزدوجة؛ فمن جهة قد تنخفض أسعار بعض السلع المستوردة، وهو ما ينعكس إيجابيًّا على القوة الشرائية للمواطن، لكن من جهة أخرى قد تتضرر بعض الأنشطة التجارية التي كانت تعتمد على فارق سعر الصرف في السوق الموازي لتحقيق أرباح”.
وأكد الخبير في الشأن المالي والاقتصادي أن “ما نحتاج إليه اليوم هو استقرار طويل الأمد مبني على إصلاحات اقتصادية حقيقية، وليس مجرد تحسن ظرفي في سعر الصرف، واستمرار انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي يتطلب جملة من الإجراءات المستدامة التي تعزز الثقة بالسياسة النقدية وتحافظ على توازن السوق، لكيلا يكون هذا الانخفاض مجرد حالة مؤقتة، فإن على الحكومة والبنك المركزي العمل على تعميق الإصلاحات المالية وتوسيع نطاق المعالجات البنيوية في سوق العملة”.
من جهته، قال مظهر محمد صالح المستشار المالي والاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في تصريحات إعلامية اليوم الأربعاء، إن القرارت والسياسات ذات الصلة التي اتخذها البنك المركزي والحكومة ستقود إلى تقليص الفجوة بين السعر الرسمي للدولار وسعره بالسوق الموازي، في مسار قد يفضي إلى الوصول إلى مرحلة “التطابق” بين السعرين. وقال في تصريح صحافي لوكالة (شفق نيوز) المحلية إن “اقتراب الفارق بين السعر الرسمي والموازي إلى أقل من 4% يشير إلى دخول مرحلة التطابق، إذ إن هذا الفارق يمثل فقط كلفة المعاملات”.
ومطلع عام 2023، أعلن العراق اعتماد منصة إلكترونية من أجل مراقبة حركة بيع الدولار وعمليات غسل الأموال، وذلك بعد تحذيرات أطلقها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، إضافة إلى معاقبة وزارة الخزانة العديد من المصارف المحلية لتورطها في أعمال مشبوهة. وذكر بيان للبنك أنه “تقرر توسيع قنوات التحويل الخارجي للمصارف المحلية، ليشمل عملات جديدة هي: الدينار الأردني والريال السعودي، والسماح للمصارف العراقية بتمويل التجارة مع تركيا باليورو بعد أن كان مقتصراً لها استخدامه مع دول الاتحاد الاوربي، فضلاً عن التحويلات المتاحة بعملات الدولار والدرهم الإماراتي واليوان الصيني والروبية الهندية”.
وتسبب قرارات سابقة لوزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على 18 مصرفاً عراقياً بسبب تعاملات مالية مع إيران وأخرى مرتبطة بعمليات غسل أموال، رد فعل سريعاً داخل العراق، حيث أدت إلى تراجع قيمة الدينار، وتوافد المودعين إلى البنوك المُعاقبة لسحب أموالهم المودعة بالدولار. ومع وجود احتياطيات تزيد على 113 مليار دولار في الولايات المتحدة، يعتمد العراق كثيراً على حسن نية واشنطن في ضمان عدم تعرض عائدات النفط وأمواله لعقوبات أميركية.
ورفضت الحكومة الأميركية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، طلباً عراقياً للحصول على مبلغ مليار دولار نقداً من البنك الاحتياطي الفيدرالي من الأموال العراقية الناتجة من الإيرادات النفطية، وذلك لمعارضتها جهود كبح التداول المفرط للدولار، ووقف التدفقات النقدية غير المشروعة إلى الدول المحظورة من قبل الخزانة الأميركية.