هل تشكل المناورات الروسية الإيرانية في بحر قزوين “تحذيراً” لجمهورية أذربيجان؟
أثارت التصريحات الأخيرة لرئيس جمهورية أذربيجان، إلهام علييف، بشأن العلاقات مع روسيا والحرب في أوكرانيا، ردود فعل حادة في الأوساط الروسية.

ميدل ايست نيوز: أثارت التصريحات الأخيرة لرئيس جمهورية أذربيجان، إلهام علييف، بشأن العلاقات مع روسيا والحرب في أوكرانيا، ردود فعل حادة في الأوساط الروسية.
واعتبر مدوّنون روس المناورات البحرية المشتركة بين روسيا وإيران في بحر قزوين بمثابة تحذير موجّه إلى أذربيجان. وقد بدأت هذه المناورات منذ يوم أمس، بمشاركة أسطول الشمال التابع للقوات البحرية الإيرانية، والبحرية التابعة للحرس الثوري، إلى جانب البحرية الروسية.
ماذا قال علييف؟
في 19 يوليو، وخلال رده على سؤال حول الأزمة الراهنة في العلاقات مع روسيا، ركّز الرئيس الأذربيجاني على حادثة إسقاط الطائرة المدنية الأذربيجانية في ديسمبر 2024. ووصف رفض موسكو تحمّل المسؤولية عن الحادث بأنه «غير بنّاء»، وأكد أن بلاده ما زالت بانتظار نتائج التحقيق الروسي، لكنها في الوقت نفسه تستعد لرفع القضية أمام محكمة دولية.
كما صرّح علييف، في معرض حديثه عن الحرب الروسية في أوكرانيا، بأن الشعب الأوكراني «يجب ألا يقبل أبداً» باحتلال أراضيه.
ويُوصف التوتر الراهن بين أذربيجان وروسيا بأنه «أعمق أزمة» بين البلدين منذ انهيار الاتحاد السوفييتي.
تهديدات معلّقين روس
أثارت تصريحات علييف فوراً دعوات من بعض الجهات الروسية إلى إعادة النظر في العلاقات الثنائية. وذهب بعض المعلّقين البارزين في روسيا إلى حد القول إن المواجهة العسكرية مع أذربيجان أصبحت أمراً لا مفر منه.
فكتب ديميتري سلزنوف، مدوّن داعم للحرب، في قناته الشهيرة على تلغرام «وارغنزو»: «الصدام بين موسكو وباكو، بشكل ما، لا مفر منه»، مضيفاً أن «أذربيجان تتخذ موقفاً معادياً لروسيا بشكل علني وصريح، وكلما استعددنا لهذا الصدام مبكراً، كان أفضل».
أما المدوّن الحربي يوري بودلياکا، فقد نشر منشوراً شاهده أكثر من 1.6 مليون متابع، قال فيه: «إذا قرر علييف المضي في نهج التصعيد، فإن إظهار القوة هو الوسيلة الوحيدة لردعه عن هذا المسار»، مشيراً إلى أن روسيا يجب أن تتعامل مع أذربيجان كـ«عدو جيوسياسي»، واتهم بريطانيا بتحريض باكو.
وأضاف بودلياکا أن الضغوط الدبلوماسية من وزارة الخارجية الروسية يجب أن تُستبدل بتحركات من وزارة الداخلية، في إشارة ضمنية إلى اتخاذ إجراءات ضد المواطنين الأذربيجانيين المقيمين في روسيا، وتابع قائلاً: «ثم، إذا لزم الأمر، تتدخل وزارة الدفاع».
من جانبه، قال راميل خارسيوف، الاستراتيجي الإعلامي، إن الكرملين قد يتخذ قراراً استراتيجياً بالرد المنهجي على محاولات تحويل أذربيجان إلى قاعدة عسكرية-سياسية كاملة لصالح الناتو، واعتبر أن هذه المسألة قد انتقلت من المستوى الدبلوماسي إلى مجلس الأمن القومي الروسي.
مناورات روسيا وإيران
وصرّح ديميتري ستشين، الصحافي المتشدد في صحيفة «كومسومولسكايا برافدا»، بأن «جبهة ثانية في بحر قزوين ضد روسيا باتت على وشك الظهور»، مشيراً إلى أن المناورات الروسية-الإيرانية تحت عنوان «كاساركس 2025» التي بدأت في 21 يوليو، قد تسهم في تهدئة الوضع.
ونشرت قناة «تسارغراد» القومية على تلغرام أن المناورات جاءت كردّ فعلي على «الإشارات المثيرة للقلق المتزايدة من باكو»، مضيفة أن «بحر قزوين مهدد بالتحول من منطقة هادئة إلى ساحة محتملة لعمليات عسكرية، حتى وإن كانت حالياً من دون صدام مباشر».
من جهته، اعتبر الصحافي ماكسيم شوتشينكو أن هذه المناورات تعني «بداية جدية لمعركة من أجل منطقة بحر قزوين»، موضحاً أن الخطوة تمثل جزءاً من «تعزيز التعاون العملي ما وراء بحر قزوين» بين روسيا وإيران في مواجهة تصاعد الوجود الإسرائيلي والغربي في المنطقة.
ورأى ديميتري يوستافيف، أستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد، أن لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو الجاري بمستشار المرشد الأعلى الإيراني، علي لاريجاني، يعكس «لعبة جيوسياسية بالغة الجدية»، مشيراً إلى أن إيران «من غير المرجح أن تظل على الحياد» في حال اندلاع صراع بين روسيا وأذربيجان، بينما «تركيا ليست حالياً في موقع يسمح لها بدعم باكو».
وذهب نيكولاي ميتروخين، الباحث المقيم في ألمانيا، إلى اعتبار سيناريو الغزو العسكري الروسي لأذربيجان أمراً واقعياً، مرجحاً أن يشمل هذا الهجوم فتح ممر نقل عبر جورجيا لشنّ هجوم بري من الغرب على الأراضي الأذربيجانية.
وأكد أن «تحقيق جزئي لأهداف موسكو» في مثل هذه العملية ضد أذربيجان أمر ممكن.