من الصحافة الإيرانية: أوروبا تعمل لإفشال المفاوضات تحت شعار “الاتفاق الشامل”
يمثل حديث بارو عن ضرورة توسيع نطاق الاتفاق ليشمل الصواريخ الباليستية والنشاطات الإقليمية لإيران، خروجا جذريًا عن الإطار الأصلي لخطة العمل الشاملة المشتركة التي كانت تركز حصريًا على الملف النووي.

ميدل ايست نيوز: جاءت التصريحات الجديدة التي أدلى بها جان نويل بارو، وزير الخارجية الفرنسي، بشأن ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل مع إيران يشمل الأبعاد النووية والصاروخية والإقليمية، بعد يومين فقط من الجولة الجديدة من المفاوضات بين إيران والترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) والاتحاد الأوروبي في إسطنبول. هذه التصريحات، إلى جانب بيان الترويكا التهديدي بشأن تفعيل “آلية الزناد” السبت الماضي، تعكس نهجًا تصعيديًا يقلل من فرص نجاح المفاوضات ويقربها من نقطة الانهيار. وكانت إيران قد أكدت مرارًا أن المفاوضات يجب أن تظل محصورة بالبرنامج النووي، وأن القضايا الصاروخية والإقليمية تمثل خطوطًا حمراء بالنسبة لها.
سياق المفاوضات وتوقيتها المريب
كانت الجولة الأخيرة من المفاوضات في إسطنبول فرصة لإحياء المسار الدبلوماسي وإزالة العقبات أمام إحياء الاتفاق النووي. غير أن التصريحات التصعيدية من جانب الترويكا، وتصريحات بارو بعد يومين فقط من اللقاء، تعكس غيابًا للنية الحسنة، وتبعث برسالة واضحة بأن الهدف ليس إنجاح المفاوضات، بل فرض المزيد من الضغوط على طهران.
وجاء التهديد بتفعيل “آلية الزناد”، التي قد تعيد فرض العقوبات الدولية، رغم أن إيران كانت قد طالبت بضمانات أمنية تمنع تكرار الهجمات الإسرائيلية على منشآتها النووية. هذا الموقف الأوروبي يدفع بالمفاوضات نحو طريق مسدود.
مطالب مبالغ فيها تحت عنوان اتفاق شامل
يمثل حديث بارو عن ضرورة توسيع نطاق الاتفاق ليشمل الصواريخ الباليستية والنشاطات الإقليمية لإيران، خروجا جذريًا عن الإطار الأصلي لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي لعام 2015)، التي كانت تركز حصريًا على الملف النووي. إيران أعلنت مرارًا أن برنامجها الصاروخي جزء من منظومتها الدفاعية الوطنية وغير قابل للتفاوض.
كما أن اتهامات “الأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار” تطرح دون أدلة واضحة، متجاهلة في المقابل الدور الغربي في دعم الكيان الإسرائيلي والمساهمة في زعزعة الاستقرار الإقليمي. هذه المطالب غير الواقعية تدفع بالمفاوضات نحو الفشل الحتمي، خصوصًا أن طهران لم تُبد أي استعداد لمناقشة هذه الملفات.
تهديد “آلية الزناد” وتداعياتها المحتملة
تلميح الترويكا الأوروبية بتفعيل آلية الزناد، في حال عدم التوصل لاتفاق قبل نهاية الصيف، يعني العودة إلى عقوبات الأمم المتحدة. هذا التهديد يطرح في وقت توقفت فيه المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، نتيجة للهجمات الإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية والدعم الأمريكي لها. وقد طالبت إيران بضمانات لأمن منشآتها واستمرار المفاوضات دون تكرار للأعمال العدائية.
لكن بدلاً من معالجة هذه العوائق، تواصل أوروبا التصعيد عبر فرض مطالب خارج إطار الاتفاق وطرح تهديدات إضافية، ما يعرقل بيئة التفاوض ويُضعف ثقة طهران في المسار الدبلوماسي. مثل هذا النهج قد يدفع إيران نحو خطوات مقابلة، كالتخلي عن مزيد من التزاماتها النووية.
تجاهل الدور التخريبي للغرب
تصريحات بارو وبيان الترويكا الأوروبية يغفلان الدور المباشر لكل من الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي في عرقلة المفاوضات. الانسحاب الأمريكي الأحادي من الاتفاق النووي عام 2018، والهجمات الأخيرة على المنشآت الإيرانية، تمثلان العقبات الحقيقية أمام استئناف الاتفاق. ورغم ذلك، تختار أوروبا إلقاء اللوم على إيران، وتغض الطرف عن شركائها الغربيين.
هذا الكيل بمكيالين يكشف تماهي الموقف الأوروبي مع سياسة “الضغط الأقصى” الأمريكية، ما يقلص فرص التوصل إلى تسوية واقعية.
في الختام، تضعف المطالب الأوروبية بتوسيع جدول الأعمال ليشمل قضايا صاروخية وإقليمية، إلى جانب التهديد باستخدام آلية الزناد، احتمالات نجاح المفاوضات النووية. إذ أكدت إيران مرارًا أن أي اتفاق يجب أن يركز حصريًا على الملف النووي، وأن يضمن عدم تكرار الاعتداءات على منشآتها. تجاهل هذه الشروط والإصرار على شروط غير واقعية، يعكس غياب إرادة أوروبية حقيقية لإنجاح المسار الدبلوماسي. ومن دون تغيير جوهري في هذا النهج، فإن مفاوضات إسطنبول والمساعي المقبلة مهددة بالفشل.