حين تتجاوز النساء الحظر: الدراجات النارية في شوارع طهران تسبق التشريعات
من خلال نظرة بسيطة على شوارع طهران، يمكن ملاحظة أن قيادة النساء للدراجات النارية لم تعد محظورة؛ فقد اختار المجتمع طريقه، ولكن القانون ووسائل الإعلام المحافظة ما زالت عالقة في الصور النمطية.

ميدل ايست نيوز: من خلال نظرة بسيطة على شوارع طهران، يمكن ملاحظة أن قيادة النساء للدراجات النارية لم تعد محظورة؛ فقد اختار المجتمع طريقه، ولكن القانون ووسائل الإعلام المحافظة ما زالت عالقة في الصور النمطية. وبينما تقبل النساء بالقيادة العامة للدراجات النارية، فإن غياب الإطار القانوني والتركيز على التعليقات الجارحة، لا يؤدي إلا إلى مسح المشكلة بدلاً من حلها.
وكتب موقع رويداد 24 في تقرير له، أنه يكفي أن تمضي بضع ساعات في شوارع طهران الرئيسية والفرعية لتكتشف تغيراً جوهرياً في أسلوب الحياة الحضرية: قيادة السيدات للدراجات النارية لم تعد ظاهرة غريبة أو نادرة. إذ باتت الإيرانيات في مختلف الأعمار، وبملابس متنوعة وأحيانًا مع أطفالهن، يستخدمن الدراجات النارية كوسيلة يومية للتنقل. ورغم ذلك، لا يزال القانون لا يصدر رخص قيادة الدراجات النارية للنساء، ولا يوجد أي إطار رسمي لتنقلهن قانونياً باستخدام وسيلة النقل الرائجة كثيرا في إيران. ومع ذلك، اختار المجتمع مساراً مختلفاً. وفي ظل صمت المؤسسات الرسمية، قرر الناس في شوارع طهران أن يعتادوا على هذه الظاهرة.
انتقادات من قبل الصحافة المحافظة
في الوقت ذاته وفي ظل هذا التغيير الاجتماعي، أصدرت صحيفة خراسان المحافظة تقريراً أعادت فيه تسليط الضوء على النظرة النمطية لـ “قيادة النساء”، مشيرة إلى “سلوكيات مهينة مع النساء في الشوارع”. بالطبع، لا يمكن إنكار بعض المضايقات اللفظية أو النظرات التمييزية، ولكن الوصف العام لمجال قيادة النساء في إيران كميدان من الإهانة والتعليقات الجارحة لم يعد يتناسب مع الواقع.
هذا التقرير من صحيفة خراسان، وفي وقت أصبحت فيه المطالبة الأساسية للعديد من السيدات الإيرانيات هي إزالة العقبات القانونية للحصول على رخصة قيادة الدراجة النارية والمشاركة المتساوية في مجال النقل الحضري، يعتبر تراجعاً مهماً إلى الصور النمطية المتكررة. فقد أصبحت النساء في إيران، سواء في قيادة السيارات أو الدراجات النارية، يواجهن تقبلاً اجتماعياً أكبر.
ما الأولوية؟ الرخصة، وليس التعليقات الجارحة
في الوضع الحالي، التركيز على التعليقات الجارحة في الشوارع (التي هي في الواقع في تراجع) ليس فقط القضية الرئيسية للنساء، بل أصبح أداة لتجاهل مطالبهن الحقيقية. لماذا يتم التركيز على القلق والإهانة بدلاً من سرد التقدم الاجتماعي والمطالبة بحقوق النساء؟ لماذا لا يُطلب من الشرطة معالجة مسألة “إصدار رخصة قيادة الدراجة النارية”، بينما تمتلئ وسائل الإعلام بتقارير تهدف إلى إبقاء المرأة في موقع الضحية؟
قيادة النساء للدراجات النارية؛ لم تعد غريبة
ما نراه في شوارع طهران الضيقة، والأحياء المركزية أو على الأطراف، وحتى في المناطق المحافظة، هو صورة مختلفة عما تقدمه وسائل الإعلام المحافظة: النساء يقُدن الدراجات النارية إلى أماكن العمل، يحملن أطفالهن ويقُدن للتسوق. لقد تقبل المجتمع هذا التغيير، وحتى أن العديد من الرجال لا يعارضون ذلك، بل يدعمونه.
أصبحت التصرفات المهينة تجاه قيادة النساء للدراجات النارية استثناءً لا قاعدة. تم استبدال الإهانة الجنسانية بنظرة طبيعية. بل إن بعض الإيرانيات في بعض المناطق في طهران وغيرها يفضلن شراء دراجة نارية لتجنب تكاليف سيارات الأجرة وصعوبة المرور.
الآن جاء دور القانون
في ظل هذه الظروف، فإن تأخر القانون عن الواقع الاجتماعي ليس فقط غير مبرر، بل قد يكون خطيراً. غياب قانون محدد لإصدار رخص قيادة الدراجة النارية للنساء يضعهن في خطر التعرض للغرامات، أو مصادرة وسيلة النقل، أو حتى الاستغلال من قبل الشرطة. يجب حل هذا التناقض بين القانون المتأخر والمجتمع المتقدم في أقرب وقت ممكن.
لم يعد السؤال اليوم “هل يمكن للنساء قيادة الدراجات النارية؟”، بل أصبحت النساء تقودن بالفعل. الشارع قد قبلهن. الآن جاء دور القانون والمؤسسات الرقابية لمواكبة هذا التغيير، بدلاً من العودة إلى الوراء بتقارير مبالغ فيها.
في مجتمع تسير فيه النساء بتروي لكن بقوة، فإن العودة إلى التعليقات الجارحة والإهانات لا يعدو كونه مسحاً للمشكلة. المطالبة الأهم اليوم للنساء هي الحصول على الحق القانوني للتنقل بأمان وبشكل رسمي باستخدام الدراجات النارية في المدن.