صناعة السيارات في إيران على حافة الانكماش: خسائر متراكمة وانخفاض حاد في الإنتاج
شهد قطاع صناعة السيارات في إيران انخفاضًا غير مسبوق في معدلات الإنتاج، إلى جانب زيادة كبيرة في حجم الخسائر المتراكمة لدى الشركات المصنعة.

ميدل ايست نيوز: شهد قطاع صناعة السيارات في إيران انخفاضًا غير مسبوق في معدلات الإنتاج، إلى جانب زيادة كبيرة في حجم الخسائر المتراكمة لدى الشركات المصنعة، ما جعل مستقبل هذه الصناعة يبدو غامضًا ومقلقًا. ويرى بعض الخبراء أنه ما لم تُحلّ المشكلات الهيكلية التي تعاني منها الصناعة، فإن حجم الخسائر سيستمر في التزايد، بينما سيتراجع الإنتاج أكثر فأكثر.
وأظهرت أحدث التقارير أن الخسائر المتراكمة لدى ثلاث شركات تصنيع سيارات رئيسية في إيران قد ارتفعت بنسبة 22%، متجاوزة حاجز 305 تريليون تومان، رغم أن إجمالي الخسائر التشغيلية لهذه الشركات خلال العام الماضي قد تراجع بنسبة 14.8% ليصل إلى 23.6 تريليون.
وفي تقرير منفصل حول الإنتاج خلال فصل الربيع من عام 2025، تبيّن أن إنتاج السيارات السياحية لدى الشركات الثلاث الكبرى سجّل تراجعًا ملحوظًا مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وبحسب بيانات منشورة على منصة “كدال”، أنتجت الشركات الثلاث خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 179,930 سيارة سياحية، في حين بلغ الإنتاج في الفترة نفسها من العام الماضي 208,429 سيارة، أي بانخفاض قدره 13.7% ما يعادل 28,499 سيارة.
ويُرجع خبراء في قطاع السيارات أسباب هذا التراجع إلى عدة عوامل، منها نقص السيولة، وعدم تخصيص العملة الأجنبية، وحالة الغموض بشأن خصخصة الشركات، والانقطاعات في التيار الكهربائي، إضافة إلى سياسة التسعير القسري التي تفرضها الحكومة.
وفي هذا السياق، صرّح آرش محبي نجاد، أمين عام رابطة مصنعي قطع الغيار في إيران، لوكالة “خبرآنلاين“، قائلًا إن قطاع صناعة السيارات يعاني من مشكلة مزمنة تتمثل في الخسائر المتراكمة ونقص السيولة، وهي المشكلة التي تعرقل تعافي هذه الصناعة.
وأضاف: “رغم أن شركات السيارات الإيرانية تمتلك القدرة على إنتاج 1.7 مليون سيارة سنويًا، ومصانع قطع الغيار يمكنها دعم إنتاج يصل إلى 2.2 مليون سيارة، إلا أن الإنتاج الفعلي لم يتجاوز 1.3 إلى 1.4 مليون سيارة في السنوات الأخيرة، على الرغم من خطط وزارة الصناعة الطموحة”.
وأكد أن “العامل الأهم في تراجع الإنتاج هو نقص السيولة، وهو السبب الرئيسي لما نشهده حاليًا من انخفاض في الإنتاج”. وأشار إلى أنه “حتى إذا استُخدمت بعض القطع المُخزّنة أو أُكمِلت بعض السيارات الناقصة، فإن استمرار الإنتاج مستقبلاً يتطلب ضخ سيولة جديدة. ومن دون ذلك، ستتفاقم المشاكل وقد تؤدي إلى تسريح العاملين”.
من جهته، أوضح بابك صدرائي، الخبير في صناعة السيارات، أن تراكم المشاكل — من نقص السيولة، وصعوبات الحصول على العملة الأجنبية، وانقطاع الكهرباء والغاز والمياه، إلى الآثار النفسية والاقتصادية للحرب — كلها عوامل أوصلت صناعة السيارات الإيرانية إلى ما هي عليه اليوم.
وأضاف أن “العامل الأهم الذي أوقف تطور هذه الصناعة يتمثل في العقوبات، والتي حدّت من قدرة الشركات على تطوير منتجات حديثة، حيث إن الاعتماد على منصات قديمة لم يعد يلبّي المعايير الكمية أو النوعية المطلوبة”.
وختم صدرائي بالقول إن صناعة السيارات وقطاع قطع الغيار مترابطان بشدة، وإنه لا بد من دراسة جميع هذه العوامل بشكل معمّق ووضع حلول حقيقية لإصلاح الوضع الحالي قبل أن يتفاقم أكثر.