من الصحافة الإيرانية: منهجية نووية جديدة “موازنة السياسة الداخلية والالتزامات التقنية”

قبيل زيارة محتملة لأحد كبار مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران، بدأت تظهر مؤشرات على مراجعة استراتيجية في سياسة إيران النووية.

ميدل ايست نيوز: قبيل زيارة محتملة لأحد كبار مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران، بدأت تظهر مؤشرات على مراجعة استراتيجية في سياسة إيران النووية. وفي تصريحات أدلى بها إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية خلال مؤتمره الصحفي يوم الاثنين، تبيّن أن طهران بصدد إعداد آلية تعاون جديدة مع الوكالة، تتماشى مع القوانين الداخلية الإيرانية والظروف الدولية. تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه المنطقة هشاشة أمنية ودبلوماسية عقب حرب استمرت 12 يومًا.

الحفاظ على الخطوط الحمراء النووية في صيغة مرنة

وكتبت صحيفة شرق، أن إيران، التي تؤكد باستمرار سلمية برنامجها النووي وتطوره تحت رقابة الوكالة الدولية، خفّضت تدريجيًا التزاماتها النووية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وفشل أوروبا في تنفيذ تعهداتها، وقلّصت مستوى التفتيشات خارج نطاق الضمانات. ورغم الهجمات الأخيرة التي استهدفت منشآتها النووية، حافظت طهران على التزامها باتفاقيات الضمانات، وتسعى الآن لوضع إطار تعاون جديد لا يتعارض مع قانون البرلمان الإيراني بشأن وقف التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي، مع إبقاء مستوى من التفاعل الفني مع الوكالة.

الدبلوماسية الذكية للحد من الضغوط المتعددة الطبقات

تهدف طهران من هذه المراجعة، ليس فقط إلى استئناف التعاون السابق، بل إلى إنشاء آلية ذكية لاحتواء الضغوط الدولية وتجنّب إحالة ملفها النووي إلى مجلس المحافظين أو مجلس الأمن. وفي ظل التوتر العالمي المتصاعد بسبب تطورات القضية الفلسطينية وتداعيات الحرب الإسرائيلية على إيران، تحاول طهران أن تقدم نفسها كطرف مسؤول وعقلاني من خلال تواصل محدود ومدروس مع المؤسسات الدولية، في خطوة نحو التهدئة دون التخلي عن مبادئها.

صياغة “منهجية جديدة”؛ آلية إدارة الصراعات

ومن اللافت في تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيرانية هو التوجه نحو التعاون تحت مظلة “آلية جديدة”، بدلاً من العودة الكاملة إلى الالتزامات السابقة. يشير هذا إلى رغبة إيران في بناء نموذج تعاون خاص بها يوازن بين القوانين المحلية والتوقعات الدولية والمتطلبات الفنية. ويتوقع أن تحدد هذه الآلية الجديدة نطاق التفتيشات وطبيعة تبادل المعلومات مع الوكالة بشكل محدود ومراقب، يهدّئ مخاوف الأخيرة دون تجاوز الخطوط الحمراء المحلية.

خطوات مدروسة لمنع تفاقم الأزمة

ورغم أن الزيارة المرتقبة لمسؤول في الوكالة لم تُحسم بعد، فإنها، إن تمت، قد تمثّل بداية مرحلة جديدة من العلاقات الفنية بين إيران والوكالة، قائمة على منع التصعيد وفتح المجال لحوار فني – سياسي. تعتمد إيران في هذا السياق على دبلوماسية تدريجية تختبر فيها نوايا الطرف الآخر وتعيد رسم مستوى التعاون على مراحل. وهذه السياسة، التي قد يُفسّرها البعض على أنها تراجع، تمثل في الواقع تكتيكًا محسوبًا لتجنّب تصاعد الأزمة.

مسار صعب؛ من الفنية إلى السياسية

وإذا أُجريت هذه الزيارة وتم تحقيق تقدم في المحادثات المقبلة، فقد تُمهَّد الأرضية لعقد اجتماعات على مستوى أعلى. ورغم أن التعاون الفني لا يكفي لحل المشكلات السياسية والأمنية المعقدة، إلا أنه يمكن أن يشكل صمام أمان مهمًا لتقليل التوتر. تدرك طهران أن العزلة الفنية قد تؤدي إلى تكاليف دبلوماسية باهظة، لذا تسعى حاليًا للحفاظ على قنوات التواصل الفني مع الوكالة ضمن إطارها القانوني والاستراتيجي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى