انخفاض الدولار في العراق.. إجراءات داخلية أم عوامل إقليمية؟
عزا متخصصون بالاقتصاد، انخفاض سعر صرف الدولار في السوق المحلية، إلى عوامل عدة، منها داخلية وهي “الأضعف”، إلى جانب عوامل خارجية إقليمية، عدوها الأقوى.

ميدل ايست نيوز: عزا متخصصون بالاقتصاد، انخفاض سعر صرف الدولار في السوق المحلية، إلى عوامل عدة، منها داخلية وهي “الأضعف”، إلى جانب عوامل خارجية إقليمية، عدوها الأقوى، لاسيما التوترات في إيران وسوريا، والتهديدات التي يتلقاها العراق حول ملف الفصائل المسلحة، التي دفعت المواطنين إلى اكتناز الأموال وعدم تحويلها لعملة أخرى، تخوفا من أي إرباك أمني قد يحصل.
ومنذ سنوات، شكل سعر صرف الدولار أحد أبرز الملفات الاقتصادية الشائكة، إذ أصبح الدولار في العراق مؤشرا على استقرار الدولة أو هشاشتها، وسط محاولات متكررة من البنك المركزي لضبط السوق، تارة عبر رفع السعر الرسمي، وتارة أخرى عبر إجراءات فنية وتقنية للسيطرة على المنافذ والتجارة.
ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، إن “العوامل التي ساهمت بخفض سعر الدولار، هي عوامل خارجية، ولا تعود للإجراءات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي”.
ويضيف المشهداني، أن “السبب الأول هو الإجراءات والقيود التي فرضت على شراء العقارات، ومنها وضع حساب بنكي، وتوجيه عدة أسئلة لمن يريد شراء عقار، وهذا قلل من معدلات الإقبال على شراء الدولار”، مبينا أن “السبب الآخر والأهم، هو توقف تجارة المخدرات من سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث كانت تجارة مادة الكبتاغون تكلف يوميا 2 مليوني دولار”.
والسبب الثالث، -كما يشير- هو عدم إقرار موازنة مالية، يترتب عليها تنفيذ مشاريع ومقاولات، وبالتالي توفر السيولة النقدية لشراء مستلزمات ومواد، بالعملة الصعبة”، مرجحا “استمرار الانخفاض في سعر صرف الدولار، ليصل عند حاجز 135 ألف دينار، ولكنه قد يرتفع مع أي حدث طارئ”.
ويؤكد الخبير الاقتصادي، أن “الأحداث الحالية في المنطقة، قللت معدلات السفر والسياحة، سواء إلى سوريا، أو تركيا، أو إيران، أو الأردن ولبنان، وبالتالي قل الاعتماد والإقبال على الدولار”، مضيفا أن “التعاون الأخير بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، ساهم بخفض سعر الدولار، لأنه في الفترة السابقة، كانت هناك كميات كبيرة من الدولار، تهرب عبر الإقليم”.
يذكر أن واشنطن قد تدخلت للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي في الفترات الماضية بلغ 170 ألف دينار لكل 100 دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام “سويفت” المالي الدولي.
وكان سعر صرف الدولار في السوق المحلية ارتفع بشكل ملحوظ في خريف 2024 وتجاوز 1550 دينارا لكل دولار فيما تراجع في الفترة الأخيرة ألى حدود 1400 دينار للدولار.
من جانبه، يعزو الخبير في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، انخفاض سعر صرف الدولار إلى “عوامل إقليمية ودولية”.
ويوضح الكناني، أن “الحرب الإسرائيلية الإيرانية ومخاوف السوق، والقلق المتنامي لدى التجار ورجال الأعمال، كلها أسباب أدت لقلة الطلب على الدولار، وبالتالي تراجع سعره”، مبينا أن “هناك سببا آخر يعود لوجود حيلة تجارية من قبل تجار الدولار، وهم مجموعة المحتكرين الذين يقومون بخفض سعر صرف الدولار، لغرض جعل المواطن يخشى النزول، ويبيع ما عنده من كميات من العملة الصعبة، وبالتالي هؤلاء المحتكرين يعودون لجمع أكبر كمية”.
ويرى أن “انخفاض سعر الدولار مؤقت، وأن الارتفاع سيعود مع أي حدث، خاصة في ظل تطورات الوضع السياسي والأمني، وبالتالي هذا الانخفاض غير مضمون، ولا يعكس إجراءات جيدة للحكومة العراقية، والمؤسسات المختصة، ومنها البنك المركزي، الذي فشل بالتعامل مع هذه الأزمة”.
وتشهد المنطقة أوضاعا متوترة، بالرغم من إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، لكن التهديدات مستمرة على العراق، وسط مخاوف من احتمالية عودة الحرب، أو تعرض المدن العراقية لضربة خاطفة، نتيجة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، لحل الحشد الشعبي، وتسليم سلاح الفصائل.
وأظهرت بيانات البنك المركزي تراجعا حادا في مبيعات الدولار المستخدمة لتسوية المدفوعات الدولية عبر البطاقات الإلكترونية، إذ انخفضت من مليار دولار في كانون الثاني يناير 2025 إلى 261 مليون دولار فقط في أيار مايو.
ويُعزى هذا الانخفاض إلى القيود التي فرضها البنك المركزي على استخدام البطاقات خارج العراق، إضافة إلى تعذّر بعض المصارف عن تنفيذ التسويات الدولية.
إلى ذلك، يؤكد الخبير المختص والأكاديمي خالد حيدر، أن “الأحداث الأخيرة في المنطقة، والحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران والخشية من تأثر العراق بها، جعلت المواطن لا يصرف أمواله إلا بحذر”.
ويلاحظ أن “إجراءات البنك المركزي في السيطرة على السوق السوداء كانت جيدة، وقد تمثلت بتوفير الدولار للتجار والمسافرين بالسعر الرسمي، وإجراءات سهلة وبسيطة”، متابعا أن “إجراءات الحكومة للبيع بالدينار للمواد الإنشائية ومواد البناء والسيارات، كلها أسهمت بخفض الطلب على الدولار، وكذلك ضعف التجارة مع إيران، وعدم السفر إلى سوريا”.