حرب إسرائيل تُقوّض علاقات إيران بأذربيجان

إن الانتقاد الإيراني للتحالف المتنامي بين أذربيجان وإسرائيل ليس ظاهرة جديدة، ولطالما كانت علاقات أذربيجان مع إسرائيل مصدر استياء في العلاقات الأذربيجانية الإيرانية.

ميدل ايست نيوز: كشفت الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي استمرت 12 يومًا عن نقاط ضعف في الجمهورية الإسلامية، وزادت من حدة التوترات بين إيران وجارتها أذربيجان.

وبدأت المؤسسة السياسية والأمنية المحافظة في إيران بتحويل تركيزها نحو من يُنظر إليهم على أنهم “أعداء مقربون” يُقال إنهم متواطئون في الهجمات الإسرائيلية. ومن بين الأهداف الرئيسية لهذه الرواية أذربيجان، جار إيران الشمالي، التي اتهمتها وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية والقنوات التابعة للحرس الثوري الإسلامي بتقديم “دعم استخباراتي لإسرائيل” خلال الضربات على المواقع النووية والعسكرية والمدنية.

في حين نفى المسؤولون الأذربيجانيون نفيًا قاطعًا أي تورط لهم في العمليات العسكرية الإسرائيلية، ولم تقدم الحكومة الإيرانية أدلة ملموسة تدعم مزاعمها، جددت الحملة الإعلامية التوترات بين طهران وباكو، مما قوّض فترة من الاستقرار الدبلوماسي الحذر الذي أعقب خلافات سابقة حول أرمينيا وقضايا أخرى. في الواقع، إن الانتقاد الإيراني للتحالف المتنامي بين أذربيجان وإسرائيل ليس ظاهرة جديدة، ولطالما كانت علاقات أذربيجان مع إسرائيل مصدر استياء في العلاقات الأذربيجانية الإيرانية.

منذ عام 2021، هددت القيادة العليا للحرس الثوري الإيراني أذربيجان بشأن علاقاتها مع إسرائيل من خلال حشد عدد كبير من القوات والأسلحة الثقيلة بالقرب من الحدود الأذربيجانية. لكن هذا لم يثنِ أذربيجان، بل عمّقت علاقاتها الأمنية مع إسرائيل، التي أصبحت الآن أكبر مورد عسكري لها. ساهم تزويد إسرائيل أذربيجان بالأسلحة وغيرها من تقنيات الدفاع المتطورة على المدى الطويل في انتصارها على أرمينيا في حرب استمرت 44 يومًا في منطقة كاراباخ عام 2023. ونتيجة لذلك، استعادت أذربيجان السيطرة على المزيد من الأراضي وعززت علاقاتها مع كل من إسرائيل وتركيا، بينما ظلت إيران إلى حد كبير متفرجة.

ومع ذلك، سعت إيران إلى إحياء العلاقات مع جارتها الشمالية. قام الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بزيارة رسمية إلى باكو في أبريل/نيسان 2025، أسفرت عن توقيع أكثر من 50 اتفاقية لتعزيز التعاون في مجالات التجارة والنقل والإعلام والثقافة. وكانت الزيارة أيضًا محاولة من إيران لإعادة تموضعها في مواجهة منافسيها تركيا وإسرائيل، ولتأسيس حضور طويل الأمد بالقرب من حدودها الشمالية.

لكن الحرب مع إسرائيل فاقمت الخلاف القديم بين الدولتين. وتصاعدت اتهامات التواطؤ الأذربيجاني عندما زعم سفير إيران لدى أرمينيا، مهدي سبحاني، أن الاستخبارات الإيرانية أكدت دخول عدة طائرات مسيرة المجال الجوي الإيراني انطلاقًا من أذربيجان. كما دعا الرئيس بيزشكيان إلى التحقيق في تقارير تشير إلى أن إسرائيل استخدمت المجال الجوي الأذربيجاني لضرب أهداف إيرانية.

ويُفترض أن هذه القضية طُرحت عندما زار بزشكيان أذربيجان مجددًا في 4 يوليو/تموز لحضور قمة منظمة التعاون الاقتصادي، وهي تجمع لدول آسيا الوسطى بالإضافة إلى إيران وتركيا وباكستان وأفغانستان. وهناك، التقى بيزشكيان مجددًا بالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، في نقاشات وصفها الزعيم الإيراني بأنها “مثمرة وإيجابية”. ومع ذلك، انتقدت النخبة المحافظة في إيران بشدة هذه الزيارة وسط تقارير عن “مساعدة أذربيجان لإسرائيل”.

خلال الحملة الإسرائيلية الأخيرة على إيران، حافظت أذربيجان على موقف محايد علنًا رغم القصف الإسرائيلي لمدن ذات أغلبية تركية، بما في ذلك تبريز وأردبيل، بالإضافة إلى العاصمة الإيرانية طهران. أثارت الضربات الإسرائيلية غضب الكثيرين في أذربيجان، وأدت إلى مستوى معين من الانتقادات للأفعال الإسرائيلية في وسائل الإعلام المحلية. لكن يبدو أن شراكة أذربيجان مع إسرائيل ظلت متينة، حيث تواصل باكو محاولاتها للتوسط بين إسرائيل وتركيا وسوريا ما بعد الأسد، بطريقة عمّقت من قلق إيران.

من الصحافةالإيرانية: دلالات ومآلات زيارة أحمد الشرع إلى أذربيجان

في 12 يوليو/تموز، وصل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إلى أذربيجان في خطوة تاريخية، وهي أول محادثات مباشرة بين القيادة السورية والأذربيجانية. وبينما لم يُكشف عن جدول الأعمال الرسمي، ذكرت مصادر دبلوماسية إسرائيلية أن مسؤولين إسرائيليين وسوريين عقدوا أيضًا اجتماعًا خاصًا على هامش قمة علييف-الشرع.

تشير هذه التقارير إلى أن باكو تلعب دورًا متزايد النشاط في محاولة تحقيق مصالحة بين سوريا وإسرائيل، قد لا ترقى إلى مستوى الأهداف الأمريكية بإدراج سوريا في اتفاقيات إبراهيم، ولكنها قد تحل النزاعات الحدودية وتؤدي إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب سوريا. (تلقت هذه الجهود ضربة موجعة عندما قصفت إسرائيل دمشق في 16 يوليو/تموز، بزعم دعم الدروز السوريين المحاصرين).

في غضون ذلك، تضاعفت التقارير التي تفيد بأن أذربيجان ستنضم رسميًا إلى اتفاقيات إبراهيم، وهي خطوة تبدو زائدة عن الحاجة بالنظر إلى العلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية القائمة. ولم يكن من المستغرب أن وصفت وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري الإيراني الدبلوماسية الأخيرة بأنها “مؤامرة سلفية صهيونية أذربيجانية” تهدف إلى تقويض دور طهران الإقليمي بشكل أكبر.

في الواقع، أدى المحور الاستراتيجي الأذربيجاني الإسرائيلي والديناميكية الناشئة بين أذربيجان وتركيا وسوريا إلى تفاقم المخاوف الإيرانية. بالنسبة لطهران، تُعتبر هذه التغييرات الدبلوماسية خطوات ملموسة نحو التطويق. من المرجح أن يفسر الخوف المتزايد من العزلة الجيوسياسية الارتفاع الأخير في الخطاب المناهض لأذربيجان في وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، حيث تسعى الجمهورية الإسلامية إلى الحفاظ على الوضع الراهن على طول حدودها ومقاومة تشكيل أي كتل سياسية عسكرية من شأنها أن تزيد من تآكل نفوذها الإقليمي بعد ما يقرب من عامين من الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على شركاء إيران العرب والآن على إيران نفسها.

 

Fuad Shahbazov

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
Stimson

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − تسعة =

زر الذهاب إلى الأعلى