العراقيون يلجأون إلى الطاقة الشمسية وسط ضغوط شبكة الكهرباء
بالإضافة إلى ثرواته النفطية، يتمتع العراق بإمكانات هائلة في مجال الطاقة الشمسية، وتقول السلطات إنها ستستغلها لسد الفجوة بين العرض والطلب، وفي الوقت نفسه الحد من انبعاثات الكربون.

ميدل ايست نيوز: سئم مزارع القمح عبد الله العلي من دفع فواتير باهظة مقابل إمدادات الكهرباء المقطوعة معظم الوقت، ما دفعه ليصبح من بين عدد متزايد من المزارعين الذين لجأوا للألواح الشمسية لضمان استمرار أنظمة الري الخاصة بهم في العمل خلال حر الصيف اللافح في العراق، والذي يواجه صعوبة في توفير الطاقة لمواطنيه منذ تسعينات القرن الماضي.
وفي ظل الاضطرابات التي أعقبت ذلك، أدى تراجع الاستثمار وسوء الإدارة إلى عدم قدرة الشبكة الوطنية على مواكبة الطلب على الطاقة، رغم أن العراق عضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، وأحد أكبر منتجي النفط في العالم. وقال شاهد من وكالة رويترز في الموصل بمحافظة نينوى الزراعية في شمال البلاد، إنه في بعض أيام الصيف عندما يمكن أن تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية، توفر شبكة الكهرباء إمدادات لنصف الوقت فقط تقريباً.
وبلغت فاتورة الكهرباء الشهرية للعلي قرابة المليون دينار عراقي (نحو 763.94 دولاراً). ومنذ تركيب الألواح الشمسية قال إنه أصبح يدفع للشبكة الوطنية 80 ألف دينار عراقي، وصار بوسعه التعويل على إمداداته من الكهرباء، وقال إن المزارعين يتجهون إلى الطاقة الشمسية لخفض فواتيرهم، إضافة إلى أن الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية مستقرة. وأضاف “إحنا هنا بالمزرعة طبعا صار سنتين نستخدمها، السنة الأولى جربنا بالمنزلي وشفنا فوائدها، قللت علينا فواتير الكهرباء وكانت كهرباء مستقرة ومستمرة بنفس الوقت”.
وبالإضافة إلى ثرواته النفطية، يتمتع العراق بإمكانات هائلة في مجال الطاقة الشمسية، وتقول السلطات إنها ستستغلها لسد الفجوة بين العرض والطلب، وفي الوقت نفسه الحد من انبعاثات الكربون. ووفقاً لوزارة الكهرباء، فإن لدى الدولة خطة لامتلاك القدرة على إنتاج 12 جيغاوات من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030، وهو ما يتضمن إنجاز محطة للطاقة الشمسية بقدرة واحد جيغاوات للبصرة هذا العام. وتشير تقديرات وزير الكهرباء العراقي في يناير/ كانون الثاني إلى أنه من المتوقع أن تصل ذروة الطلب على الكهرباء في فصل الصيف في عام 2025 إلى 55 جيغاوات، في حين تبلغ الإمدادات 27 جيغاوات فقط.
قوة المواطن
العلي ليس المواطن الوحيد الذي لم ينتظر تحرك الحكومة. ويستطيع المزارعون في أنحاء نينوى استخدام الألواح الشمسية المثبتة على الأسطح أو في صفوف على الأراضي الزراعية لتشغيل أنظمة الري وتلبية احتياجات المنازل. وفي المناطق الحضرية يجري رص الألواح متجاورة على الأسطح المستوية، التي تميز منازل الموصل، لتوليد أقصى قدر من الطاقة. وقال حسن طاهر، وهو مهندس زراعي من سكان الموصل، إن التحول إلى الطاقة الشمسية أدى إلى تغيير حياته بالمنزل.
وأضاف أن “كلفة (فواتير) الكهرباء منخفضة ولا تتقارن بالأشهر السابقة، منخفضة جدا ومناسبة لنا”. وشعرت الشركات المحلية أيضا بالزيادة في الطلب. وقال محمد القطان، الذي يدير شركة موصل سولار لأنظمة الطاقة الشمسية، إن الإقبال ارتفع بشكل كبير في عامي 2024 و2025، وخاصة من المجتمعات الريفية، حيث يعيش 70% من عملائه.
ورغم فاعليتها المتنامية من حيث الكلفة، لا تزال أنظمة الألواح الشمسية في العراق تكلف ما بين خمسة وعشرة ملايين دينار عراقي، ويبلغ متوسط سعر النظام الذي يولد ما بين خمسة إلى ستة كيلووات حوالي خمسة ملايين دينار. ويقول العديد من المستخدمين إنهم يستعيدون الكلفة الأولية في غضون ما يراوح بين عام وثلاثة أعوام، وتأتي معظم الأنظمة مع ضمان لمدة 15 عاما. ويتجنبون أيضا الحاجة إلى مولدات الديزل باهظة الثمن، والتي تنبعث منها مستويات عالية من ثاني أكسيد الكربون وغيره من الملوثات.
اكتفاء ذاتي من الكهرباء
وفي المناطق الحضرية، لجأ عدد من أصحاب المنازل إلى الاشتراك في مصدر احتياطي من مولد كهربائي، بكلفة تراوح بين 50 ألفا و100 ألف دينار شهريا. وقال القطان عن الطاقة الشمسية: “بمقارنتها مع المولدات الأهلية، هذا الرقم يوفره المواطن خلال سنتين تقريبا، وتكون المنظومة مجانية لمدة 30 سنة”. وقال أحمد محمود فتحي، المدير في فرع نينوى التابع لشركة الكهرباء الحكومية، إن أنظمة الطاقة الشمسية المثبتة منفصلة عن الشبكة، ما يعني أن أصحابها مكتفون ذاتيا تقريبا من الطاقة.
ولا يدفع المستخدمون لدائرة الكهرباء إلا مقابل استخدام الشبكة الوطنية ليلا، وهو ما يجذب المزارعين بشكل خاص لأنهم يستخدمون مضخات الجهد العالي نهارا ولا يحتاجون إلى الكهرباء ليلا. وقال عمر عبد الكريم شكر، رئيس شركة سما الشرق، التي تبيع الألواح الشمسية، إن المواطنين أصحاب الدخلين المتوسط والمنخفض يشترون أنظمة الطاقة الشمسية في ظل مبادرات حكومية تشجع على استخدامها.
ويقدم البنك المركزي أيضا قروضا بفائدة منخفضة للمواطنين الذين يشترون الألواح الشمسية رغم أن المزارع عبد الله العلي قال إنه تمكن من تدبير أمره بدون الحاجة إلى ذلك، وقال “حاليا أنا اعتمدت كمزارع على نفسي اعتماد ذاتي من الموارد الذاتية… سمعنا إنه أكو دعم حكومي بهذا المجال، مبادرة يرعاها البنك المركزي العراقي، لكنني لم أتجه إليها”.
(الدولار = 1309 دنانير عراقية)