خبراء يجيبون: هل سيؤثر حذف الأصفار من العملة على اقتصاد إيران؟

وصف أحمد حاتمي يزد، الخبير المصرفي، قرار حذف الأصفار من العملة الوطنية الإيرانية بأنه "إجراء استعراضي" لا تأثير له على التضخم أو تحفيز سوق العمل.

ميدل ايست نيوز: بات موضوع حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية الإيرانية، والذي عاد مجددًا إلى جدول أعمال المشرّعين بعد سنوات من الأخذ والرد والتعليق، من أبرز القضايا الاقتصادية الساخنة في البلاد هذه الأيام. وعلى الرغم من أن الخطوة تهدف إلى تسهيل المعاملات وتقليص كلفة طباعة الأوراق النقدية وتبسيط البيئة الاقتصادية، فإن الخبراء والاقتصاديين يختلفون في تقييم ضرورة هذا الإجراء وتوقيته وتداعياته.

الموافقة على مشروع إزالة الصفر من العملة الوطنية

وفي اجتماع اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى الإيراني بتاريخ 4 أغسطس، أعلن شمس الدين حسيني، رئيس اللجنة، أن حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية بات ضمن الخطوات العملية، وذلك في ضوء المصادقة على قانون البنك المركزي الجديد. ووفق الخطة، سيتم الحفاظ على اسم “الريال” كوحدة نقدية، ولكن بتعريف جديد، حيث يعادل كل ريال جديد عشرة آلاف ريال حالي. كما تم تثبيت اسم “قران” كوحدة فرعية، بحيث يعادل الريال الجديد مئة قران.

يعود الحديث عن حذف الأصفار إلى تسعينيات القرن الماضي خلال فترة رئاسة هاشمي رفسنجاني، لكنه بقي حينها في إطار المقترحات. وفي عهد محمود أحمدي نجاد، أُعيد طرح المسألة بجدية أكبر، وكُلّف محافظ البنك المركزي حينها، محمود بهمني، بإجراء الدراسات الأولية، غير أن تزامن المشروع مع تطبيق قانون “ترشيد الدعم” والتقلبات الاقتصادية الحادة حال دون تنفيذه.

وخلال ولاية حسن روحاني، طُرح الموضوع مجددًا، وبدأ الحديث عن حذف ثلاثة أصفار، قبل أن يُعد مشروع قانون لحذف أربعة أصفار وتعديل الوحدة النقدية. لكن التنفيذ رُبط بتحقيق معدل تضخم أحادي وتوفير البنية التحتية الملائمة. ومن الخطوات التي سبقت المشروع، اعتماد “التومان” كوحدة عدّ نقدي بدلًا من الريال في ديسمبر 2016، دون حذف الأصفار، ما عكس توجّهًا نحو إصلاح النظام النقدي.

وفي أغسطس 2019، صادقت الحكومة على مشروع حذف الأصفار، ثم أقرّه البرلمان من حيث المبدأ في مايو 2020، لكن العقوبات والتقلبات في سوق العملات، بالإضافة إلى جائحة كورونا، أعاقت تطبيقه.

ويؤكد العديد من الخبراء أن حذف الأصفار لا يؤثر بشكل مباشر في القدرة الشرائية للمواطنين أو معدلات التضخم، معتبرين أن له طابعًا شكليًا ونفسيًا أكثر من كونه إجراءً اقتصاديًا جوهريًا. كما يمكن أن يسهم في تبسيط العمليات اليومية وتقليل تكاليف طباعة العملات، وتحسين كفاءة النظام النقدي.

في المقابل، يحذّر منتقدون من أن هذا الإجراء سيكون بلا جدوى ما لم يُنفّذ ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية هيكلية. ويشيرون إلى تجارب فاشلة مثل زيمبابوي والأرجنتين، حيث أُزيلت الأصفار من العملة دون معالجة المشكلات الجوهرية، ما أدى إلى تفاقم الأزمات. أما المؤيدون، فيستشهدون بتجربة تركيا التي نجحت في كبح التضخم واستعادة الثقة بالعملة الوطنية من خلال تنفيذ إصلاحات متزامنة.

خبراء: إزالة 4 أصفار مجرد استعراض ومسكن نفسي

وفي هذا السياق، وصف أحمد حاتمي يزد، الخبير المصرفي، قرار حذف الأصفار بأنه “إجراء استعراضي” لا تأثير له على التضخم أو تحفيز سوق العمل، مضيفًا أن السياسات الاقتصادية الكلية وحجم السيولة هي العوامل الحاسمة في تحديد المسار الاقتصادي، وليس التعديلات الشكلية. ودعا إلى تركيز الجهود على استقرار الاقتصاد، والسيطرة على التضخم، وتشجيع الاستثمار.

من جانبه، اعتبر البرت بغزيان، عضو هيئة التدريس بجامعة طهران، أن حذف الأصفار في الظروف الراهنة غير ضروري ولا يمثل أولوية. وأكد أن الخطوة لن تكون ذات جدوى إلا بعد تنفيذ إصلاحات اقتصادية جوهرية، مثل السيطرة على التضخم، وإصلاح الموازنة العامة، وتعزيز الشفافية في التسعير، وخلق بيئة تنافسية في السوق. وأضاف أن حذف الأصفار في المرحلة الحالية سيكون أقرب إلى مسكن نفسي مؤقت، وقد تفوق تكلفته منافعه.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 + 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى