كيف علقت الصحافة الإيرانية على تعيين “علي لاريجاني” أمينًا عامًا للأمن القومي؟
تناولت صحيفة "هم ميهن" علاقات علي لاريجاني السابقة بالحوار مع الغرب وأوروبا، معتبرة أن مستقبله في المنصب لا يزال غامضًا، داعية إلى تحديد خطوط واضحة للسياسة الأمنية الوطنية.

ميدل ايست نيوز: أثار تعيين علي لاريجاني أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران ردود فعل واسعة في الأوساط الإعلامية الإيرانية، وسط تساؤلات جوهرية عمّا إذا كانت عودته ستُحدث تحولًا ملموسًا في سياسات الأمن القومي، أم أنها مجرّد إعادة توطين وجه مألوف في موقع استراتيجي.
وبعد أيام من التكهنات والتسريبات غير الرسمية، صدر القرار الرسمي بتعيين لاريجاني، المعروف باتجاهاته المعتدلة، في هذا المنصب الحساس، ما حظي بتغطية إعلامية واسعة، لا سيما في الصحف اليومية التي قدّمت مزيجًا من التفاؤل والتوجس والتحليلات الاستراتيجية.
ترحيب المحافظين بعودة شخصية نافذة
وصفت صحيفة فرهيختكان تعيين لاريجاني بأنه “عودة رجل سياسة مخضرم إلى قلب الأمن القومي”، مشيرة إلى خبراته الإدارية، ودوره في المفاوضات النووية، وتجربته في الملفات الأمنية. وأشارت الصحيفة إلى أن “العودة إلى هذا المنصب بعد توقيع القرار من مسعود بزشكيان تأتي بعد 20 عامًا من توقيع قرار مماثل من قبل محمود أحمدي نجاد”، مضيفة: “دعونا نرحّب بهذه البداية، ونستعرض المزايا التي يحتاجها البلد من لاريجاني، على أن تُترك النقاشات حول ماضيه وأفكاره وفريقه لوقت لاحق، حيث ستكون ضرورية أيضًا”.
وتطرقت الصحيفة إلى أبرز سماته، من النضج السياسي، إلى التمكن النظري، والقدرات الخطابية، بالإضافة إلى فرص إعادة بناء “المنظومة الوطنية” من منطلق وسطي، فضلًا عن خبرته في السياسة الخارجية.
أما صحيفة “جوان” فقد اعتبرت التعيين خطوة نحو تعزيز التماسك الاستراتيجي في مركز الأمن القومي، مشيرة بإيجابية إلى أن عودة لاريجاني قد تمنح بنية الأمن القومي في البلاد استقرارًا جديدًا. واتفقت كل من فرهيختكان وجوان على أن تجربة لاريجاني في شَغل هذا المنصب لدورتين سابقتين تعزز قدرته على إدارة الأزمات الكبرى.
من جهتها، رأت صحيفة “وطن امروز” أن التعيين فرصة لتعزيز انسجام القرارات الأمنية، دون أن تقدم نقدًا مباشرًا، معتبرة إياه خطوة مرنة تتماشى مع تطلعات التيار المحافظ.
الصحف الإصلاحية: تفاؤل مشوب بالحذر
أما صحيفة “اعتماد” فقد أقرّت بالإيجابيات المحتملة لهذا التعيين، لكنها شدّدت على ضرورة الشفافية في آليات اتخاذ القرار، وطرحت تساؤلات عدة: هل سيُحدث لاريجاني تغييرًا جوهريًا في هيكل السياسة الخارجية والدبلوماسية الإقليمية والاستراتيجيات الأمنية؟ وكيف سيترجم سلوكه السياسي في التعامل المنطقي مع العالم؟
صحيفة “هم ميهن” بدورها تناولت علاقات لاريجاني السابقة بالحوار مع الغرب وأوروبا، معتبرة أن مستقبله في المنصب لا يزال غامضًا، داعية إلى تحديد خطوط واضحة للسياسة الأمنية الوطنية.
ردود الفعل السياسية: بين الدعم والتشكيك
كتب علي أكبر ولايتي، المستشار السابق للمرشد الأعلى، في مقال رأي، أن هذا التعيين “خطوة مؤثرة ومبشرة”، معربًا عن أمله في أن يُسهم في تطوير الهيكل الأمني للدولة.
أما أمير حسين ثابتي، مستشار القائد السابق للمفاوضات النووية سعيد جليلي، فأبدى تشاؤمه قائلًا: “لست متفائلًا كثيرًا!”، معتبرًا أن تعيين لاريجاني أقرب إلى كونه خطوة وظيفية تهدف إلى تعويض “نقاط ضعف كبيرة” لدى الرئيس مسعود بزشكيان، وخاصة في ما يتعلق بإدارته للبلاد.
وأضاف: “نظرًا لأن المجلس الأعلى للأمن القومي هو أقرب موقع إداري إلى مؤسسة الرئاسة، فإنه قادر على تنسيق عمل الأجهزة والوزارات المختلفة. أتمنى له النجاح، ولو بقدر ضئيل، في تقوية الحكومة، لأن لا أولوية تفوق حل مشاكل البلاد، رغم أن نهجه لا يختلف جوهريًا عن نهج بزشكيان أو روحاني، ولهذا لا يمكنني أن أكون متفائلًا جدًا”.
وسائل الإعلام الدولية: مراجعة لبنية الأمن القومي الإيراني
ذكرت وكالة بلومبرغ في تقرير لها أن تعيين لاريجاني “يعكس محاولة أوسع لإعادة النظر في آليات القيادة الاستراتيجية الإيرانية”، ورجّحت أن يكون هذا القرار تمهيدًا لتغيير محتمل في نهج طهران الإقليمي أو في سياساتها النووية.