الكويت… تحولات سياسية واقتصادية

منذ أن تولى أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في ديسمبر/كانون الأول 2023 والخطاب الأول الذي ألقاه كأمير للبلاد في البرلمان بعد أداء القسم، أدرك المراقبون أن البلاد على أعتاب مرحلة جديدة في تاريخها.

ميدل ايست نيوز: منذ أن تولى أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في ديسمبر/كانون الأول 2023 والخطاب الأول الذي ألقاه كأمير للبلاد في البرلمان بعد أداء القسم، أدرك المراقبون أن البلاد على أعتاب مرحلة جديدة في تاريخها.

وحدث ما حذر منه الأمير في خطاب سابق من “إجراءات ثقيلة الوقع والحدث”، فأعلن في مايو/أيار 2024 عن حل البرلمان لمدة لا تتجاوز أربع سنوات وتعليق مواد في الدستور. فقد شهدت البلاد على مدى عقود ماضية حالة من جمود التنمية والاشتباك البرلماني في مجلس الأمة المكون من خمسين نائبا.

تشريعات واتفاقات ومحاسبة واستئناف مشاريع استراتيجية توقفت منذ سنوات بعد أن كان يؤمل لها أن تلحق الكويت بركب شقيقاتها الخمس في مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي أعلنت كل منها رؤية مستقبلية عملت على تنفيذها.

أكثر من عام ونصف العام مر على ذلك القرار التاريخي لأمير الكويت وعنوانه استعادة مركزية الدولة وتعزيز منظومة الحكم تشريعا وتنفيذا ومراقبة.

تنشر “المجلة” تقريرا حول أبرز ما كان وما يتم خلال هذه الفترة القصيرة.

أبو السلطات

في وصفه لنظام الحكم والسلطات الثلاث يقر الدستور الكويتي بأن السلطة التشريعية يتولاها “الأمير” ومجلس الأمة (المادة 51)، كما هو الحال للسلطة التنفيذية حيث تنص (المادة 52) على أن “السلطة التنفيذية يتولاها “الأمير” ومجلس الوزراء، بينما “تتولى المحاكم السلطة القضائية باسم الأمير”.

ومن هنا كان القرار التاريخي لأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد في مايو/أيار 2024 بحل مجلس الأمة لمدة لا تتجاوز أربع سنوات وتعطيل المواد الدستورية المتعلقة بتنظيم عمل مجلس الأمة، وتغيير الحكومة ورئيسها عامدا إلى بدء عهد جديد لإصلاح ما أفسدته بين السلطتين لأكثر من ثلاثة عقود منذ عودة مجلس الأمة في عام 1992.

لا شك أن حالة التصادم السياسي الذي شاب العمل البرلماني لعقود، أدت إلى جمود التنمية في البلاد، في وقت حققت فيه دول الخليج الأخرى قفزات هائلة على طريق التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية.

منذ أن كان وليا للعهد، وفي يونيو/حزيران 2023، ألقى الشيخ مشعل الأحمد خطابا أطلقت عليه الصحافة الكويتية اسم خطاب تصحيح المسار، عندما قال: “نناشدكم أبناء وطننا العزیز أن لا تضيعوا فرصة تصحيح مسار المشاركة الوطنية حتى لا نعود إلى ما كنا علیه لأن ھذه العودة لن تكون في صالح الوطن والمواطنين وسيكون لنا في حالة عودتها إجراءات أخرى ثقيلة الوقع والحدث”.

مركزية الحكم

بعد عامين تقريبا من خطاب تصحيح المسار وتحديدا في 10 مايو 2024، أعلن الشيخ مشعل الأحمد بصفته أمير البلاد حل مجلس الأمة لمدة لا تتجاوز 4 سنوات يتم خلالها بحسب خطاب الحل مراجعة التجربة بكل جوانبها، وقال: “لأجل تحقيق هذا الهدف في وقف الانحدار والحيلولة من أن نصل إلى مرحلة الانهيار، لذلك أمرنا بالآتي: حل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد على أربع سنوات، تتم خلالها دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية ورفع نتائج الدراسة والمراجعة لنا.. لاتخاذ ما نراه مناسبا”.

الإصلاح من الأعلى

بعد حل الأمير البرلمان بشهر، وفي العاشر من يونيو 2024 فاجأ الكويتيين عندما أصدر أمرا أميريا بتعيين الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح وليا للعهد.

والشيخ صباح الخالد وهو دبلوماسي عتيد، بدأ حياته العملية في أروقة الأمم المتحدة منذ سبعينات القرن الماضي حتى تولى وزارة الخارجية بعد وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل، والإعلام في وقت سابق من الألفية وصولا إلى توليه رئاسة مجلس الوزراء لأربع حكومات، وهو من ذرية مبارك الكبير التي تقع في ذريته الحكم من أسرة الصباح.

يُعد الشيخ صباح الخالد أحد أبرز الوجوه المعتدلة، خبير دبلوماسي وتنفيذي له تاريخ طويل في تسيير الشأن العام.

صارح الأمير مواطنيه عندما تطرق له في خطاب الحل، قائلا: “وصل التمادي إلى حدود لا يمكن القبول بها أو السكوت عنها لما تشكله من هدم للقيم الدستورية وإهدار للمبادئ الديمقراطية التي ارتضيناها جميعا طريقا هاديا لتحقيق المصلحة العامة فنجد البعض مع الأسف الشديد يصل تماديه إلى التدخل في صميم اختصاصات الأمير ويتدخل في اختياره لولي عهده متناسيا أن هذا حق دستوري صريح وواضح وجلي للأمير”.

تسريع عجلة التنمية

منذ ذلك القرار التاريخي بدت الكويت كورشة عمل تهيئ لمستقبل اقتصادي من خلال خلق البيئة الإدارية والتشريعية اللازمتين للحاق الكويت بشقيقاتها الخليجية، وتترجم ما جاء في خطابات الأمير السابقة بما تضمنته من الدعوة للتركيز على التنمية والمشاريع الاستراتيجية بقيادة مركزية.

وبعد أداء الحكومة برئاسة الشيخ أحمد العبد الله اليمين أمامه، وجّه الشيخ مشعل الحكومة الجديدة بتحديد أولوياتها ووضعها وفق خطة عمل وجدول زمني محددين، مطالبا بالتركيز على المشاريع الاستراتيجية التنموية، ومؤكدا متابعته لأعمال الحكومة ومحاسبة من يقصر في أداء عمله.

وطالب الأمير الوزراء، بالإسراع في تنفيذ مشاريع استراتيجية تنموية، ومعالجة ملفات البنية التحتية وتطوير الرعاية الصحية والسكنية والتعليم، مع مراعاة “الشفافية والمحافظة على المال العام”.

كما طالبهم بتطوير كافة القطاعات الاقتصادية والاستثمارية، وصولا لاقتصاد مستدام، واستثمار الثروة البشرية، وتعزيز الابتكار والبحث العلمي، وتحسين بيئة الأعمال والخدمات الحكومية، والتحول الرقمي في الخدمات المقدمة منها، وهي جميعها عناصر قامت عليها الرؤى المستقبلية للدول الخليجية وقطعت شوطا فيها.

حوكمة ورقمنة

على مدى العام الماضي منذ الحل، تشهد الكويت تطورا ملحوظا في الأداء وتغيرا في بيئة العمل. فقد بدأت الحكومة مراجعة شاملة لكافة الخدمات الحكومية وكذلك التشريعات بهدف الوصول إلى بيئة عمل إنتاجية تعالج ما أدت إليه سنوات الصراع السياسي من ترهل في الجهاز الإداري الحكومي وهي مراجعة أشار إليها رئيس الوزراء الكويتي.

وفي مشاركته في القمة العالمية للحكومات التي عقدت في دبي في فبراير/شباط الماضي، شدَّد رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد العبد الله، على أن الكويت تولي اهتماما كبيرا لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي، ليكون أكثر اتساقا مع متطلبات بناء مجتمع رقمي وتعزيز النزاهة.

وتعليقا على تصريح رئيس الوزراء، نقلت صحيفة “القبس” الكويتية عن مصدر حكومي أن مجلس الوزراء وجه جهات الدولة باستكمال العمل في خطة دمج القطاعات والإدارات في بعض الجهات الحكومية، وذلك لترشيد النفقات من ناحية، وإلغاء القطاعات غير الفاعلة ودمج الكثير من القطاعات لتوفير الميزانيات، وسرعة إنجاز الأعمال والمشاريع، وفض التشابك في الاختصاصات بين الوزارات والجهات.

وتحدث المصدر الحكومي معلقا على تصريح رئيس الوزراء، عن خطة حكومية لإطلاق العنان للإنتاجية، ورفع مستوى الأداء الإداري ورقمنة الخدمات الحكومية وصولا إلى “حكومة بلا ورق بالكامل” وذلك بالتعاون مع شركات تقنية عالمية.

وتشمل الخطة، بحسب المصدر الحكومي، آلية متطورة للترقيات، وربطها بالإنتاج والإنجاز، وتمكين المرأة.

الخطة التي تعمل عليها الحكومة عبارة عن 6 نقاط:

1- إعادة هيكلة الجهاز الحكومي

2- بناء مجتمع رقمي وتعزيز النزاهة

3- تطوير بيئة العمل في جهات الدولة

4- الاستثمار في رأس المال البشري

5- تنفيذ الخطط التنموية بكفاءة

6- تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

مشاريع استراتيجية

ميناء مبارك الكبير

بعد أيام من الأمر الأميري بتعطيل مجلس الأمة لأربع سنوات بدأت الكويت أولى خطوات استئناف العمل على استكمال إنشاء ميناء مبارك الواقع على جزيرة بوبيان شمال البلاد وإحيائه بعد توقف دام 10 سنوات.

وفي يونيو 2024 وصل الى الكويت وفد صيني لإجراء “مناقشات فنية وميدانية معمقة” حول بناء الميناء وغيره من المشاريع، حسب ما أوردت “وكالة الأنباء الكويتية”.

وميناء مبارك هو أحد أهم المشاريع الاستراتيجية التي تقوم عليها رؤية الكويت 2035 لتنويع مصادر الدخل، وقالت عنه وكالة “بلومبرغ” الأميركية أنه “يهدف إلى أن يكون مركزا تجاريا رئيسا في الطرف الشمالي من الخليج”.

وكان العمل في إنشاء الميناء قد بدأ عام 2007 غير أن العمل توقف بعد ذلك، وفي فبراير هذا العام وقعت الكويت مع الشركة الصينية الحكومية اتفاقية لدراسة وتصميم واستكمال الميناء.

تطوير الرعاية السكنية

منذ نشأتها تقوم الحكومة في الكويت ببناء الوحدات السكنية وتوزيعها على المواطنين إلى جانب تهيئتها قطع أراضٍ سكنية تسلمها لمن يرغب مع قرض سكني ليبني بيته بنفسه.

وفي العهد الحديث ومع ما تشهده الكويت من تغيرات فعّلت الحكومة قانونا صدر في 2023 بشأن تأسيس شركات إنشاء مدن أو مناطق سكنية وتنميتها اقتصاديا، ووقَّعت المؤسسة العامة للرعاية السكنية الكويتية في مايو/أيار الماضي، عقد الخدمات الاستشارية الخاص بتطوير ثلاثة مواقع سكنية مختلفة.

وأكد وزير الدولة لشؤون البلدية ووزير الدولة لشؤون الإسكان الكويتي، عبد اللطيف المشاري، على هامش توقيع العقد أن “هذه الخطوة تُعدّ بداية لخطوات جادة لتفعيل نموذج المطور العقاري والانطلاقة الحقيقية للتحول في فلسفة الرعاية السكنية في الدولة، وإشراك القطاع الخاص في دفع عجلة المشاريع الإسكانية، وتقديم حلول مستدامة وبدائل متنوِّعة للمواطنين تتوافق مع الاحتياجات المختلفة للأسر الكويتية، ونماذج إسكانية ذات كفاءة وجودة عالية”.

قانون الدين العام

مجلس الأمة عطل إصدار قانون بالاقتراض من السوق المحلية للصرف على المشاريع التنموية ومعالجة العجز في الموازنة العامة للدولة منذ 2018 ثم جددت الحكومة طلبها في عام 2020 غير أن ذلك الطلب لم ينظر فيه وهكذا لم تكن هناك أموال للمشاريع.

إلى أن تم إيكال الدور التشريعي للحكومة بمتابعة من الأمير، وأقر مؤخرا قانون الدين العام الذي يتيح للحكومة الاقتراض، وأصدرت قانون الدين العام الذي ينظم الاقتراض العام.

تقول وزارة المالية إن القانون يتيح “إصدار أدوات مالية بآجال استحقاق تصل إلى 50 سنة، ويحدد المرسوم بقانون سقف الدين العام بمبلغ 30 مليار دينار كويتي (97.36 مليار دولار أميركي) كحد أقصى.

مكافحة التطرف

في عملها على مكافحة الإرهاب التي أولاها الأمير اهتماما في خطاباته، استضافت الكويت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي “مؤتمر تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب وبناء آليات أمنية فعّالة على الحدود”، حضره أكثر من 450 مشاركا من 33 دولة.

وصدر عن المؤتمر إعلان الكويت الذي ركّز على تعزيز التعاون الاستخباراتي، ومراقبة تمويل الإرهاب، ومكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود، كما أكّد ولي العهد الشيخ صباح الخالد الذي ترأس المؤتمر على أهمية استخدام نتائج “ميثاق المستقبل” للأمم المتحدة والاستمرار في تعزيز القوانين ضد تمويل الإرهاب وحماية حقوق الإنسان.

محاربة تمويل الإرهاب

وتماشيا مع أهداف المؤتمر أعلنت وزيرة المالية نورة الفصام في يونيو الماضي عن صدور مرسوم يقضي بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 2013، بشأن مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب بمزيد من التشديد وذلك في خطوة تعكس التزام دولة الكويت بتعزيز الإطار التشريعي المعني بمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ورفع مستوى فعالية الاستجابة الوطنية بما يتماشى مع متطلبات مجموعة العمل المالي (FATF) والمعايير الدولية ذات الصلة.

ضبط العمل الخيري

وقبل إعلان وزيرة المالية عن قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب كانت وزير الشؤون الاجتماعية والعمل دكتورة أمثال الحويلة قد وجهت وزارتها بالتعاون مع بلدية الكويت لإغلاق الفروع المنتشرة للجمعيات الخيرية في المناطق السكنية وتفعيل قانون سبق وصدر في عام 2009 هذا الشأن تم تعطيله ذلك الوقت.

وحصرت بذلك أنشطة اللجان والجمعيات الخيرية بفرع رئيس لكل منها تحت إشراف مباشر من الجهات الحكومية.

الهوية الوطنية

تشكل قضية الهوية الوطنية أحد أهم الملفات الحالية. وكان الأمير في خطاب حل مجلس الأمة وتعليق بعض مواد الدستور قد أعلن أنه “لا بد أن أوضح بشكل لا لبس فيه أو غموض أن الأمن مسألة في غاية الأهمية وسوف نولي جل اهتمامنا لتحقيق هذه الغاية فنعيد النظر في قوانين الأمن الاجتماعي أولا. فمن دخل البلاد على حين غفلة وتدثر في عباءة جنسيتها بغير حق ومن انتحل نسبا غير نسبه أو من يحمل ازدواجا في الجنسية أو وسوست له نفسه أن يسلك طريق التزوير للحصول عليها واستفاد من خيرات البلاد من دون حق وحرم من يستحقها من أهل الكويت. فالدولة تقوم على دعامتين أساسيتين الأمن والقضاء.. فكل هذه الظواهر السلبية لن تبقى وسوف يعاد النظر فيها”.

وخلال شهرين من حل المجلس أصبحت التعهدات واقعا ملموسا، حيث شهد أغسطس/آب 2024 إعلان سحب الجنسية الكويتية وفقدها وإسقاطها عن عدد من حامليها لتتوالى بعد ذلك اجتماعات اللجنة العليا للتحقيق في الجنسية كل خميس من كل أسبوع تعلن بعده قراراتها بهذا الشأن.

وحتى منتصف يوليو/تموز الماضي يقدر متابعون عدد من صدر قرار بسحب الجنسية الكويتية منهم بنحو 50 ألفا عدا من يتبعهم من الحاصلين عليها بالتبعية.

وتنقسم الحالات التي تزول عنها الجنسية الكويتية إلى ثلاث فئات وفق العقيد حقوقي تركي الصباح، وهي: الفقد، حيث يفقد الجنسية من تثبت ازدواجيته بجنسية أخرى إلى جانب الكويتية ويستثنى منها من ولد خارج الكويت ومنح جنسية بلد مولده وهنا يخير عند بلوغه سن 21 سنة.

أما السحب، فيقول العقيد حقوقي تركي الصباح في لقاء تلفزيوني سابق، إنه قرار يصدر تجاه المتجنس الذي يرتكب أعمالا مخلة بالشرف والأمانة، أو يكون قد حصل على الجنسية بغير وجه حق وبتقديم معلومات غير صحيحة، أو أن يصدر لمصلحة البلاد العليا.

وعن الإسقاط، قال تركي الصباح إنه قرار يصدر بحق من يرتكب أعمالا تصنف بأنها “خيانة عظمى”.

وكانت الكويت قد سجلت خلال حقبتي التسعينات والألفية منح الجنسية الكويتية لأعداد تقدر بالآلاف، وفي عام 2000 أقر مجلس الأمة قانونا يحدد عدد من يتم منحهم الجنسية الكويتية بما لا يزيد على ألفي شخص سنويا وعليه توالى منح الجنسية لأعداد من المقيمين في الكويت على مدى سنوات لاحقة، حتى أقر المجلس عام 2013 قانونا برفع العدد إلى 4 آلاف.

وشملت قرارات سحب الجنسية الكويتية الأخيرة مشاهير بينهم الفنان داود حسين والفنانة نوال الكويتية وسالم الهندي حيث أوضحت الجهات المعنية أنها إجراءات قانونية وليست شخصية.

وإذ تضمنت حملة إزالة الجنسية الكويتية عن بعض حامليها زوجات كويتيين حصلن عليها بموجب المادة الثامنة من قانون الجنسية فقد أصدرت الحكومة قرارات تمنحهن حق الاحتفاظ ببعض المميزات مثل الراتب التقاعدي والعمل.

بنية تشريعية

ما سبق أمثلة على ما تشهده الكويت في المجالين التشريعي والرقابي إضافة إلى تحريك عجلة التنمية في بلد يعمل على إعادة بنيته التشريعية، وذلك بإصدار ما يلزم من أنظمة والتعديل على عدد من القوانين تؤثر في حياة الناس، ومن بينها:

– تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 67 لسنة 1976 في شأن المرور، بهدف تغليظ العقوبات.

– تعديل قانون إقامة الأجانب بهدف حظر الإتجار بالإقامة وتحديد قواعد إبعاد وإخراج الأجانب وتغليظ العقوبات على من يخالف أحكام قانون إقامة الأجانب.

– تعديل قانون العلم الكويتي بهدف حماية رمز الدولة الوطني ومنع أي إساءة أو استخدام غير لائق.

– تعديل قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية، بهدف تعزيز منظومة الشفافية والنزاهة ودعم الجهود الوطنية الرامية لمكافحة الفساد.

– تعديل المادة 5 من القانون رقم 71 لسنة 2020 بإصدار قانون الإفلاس بإعادة أوامر الضبط والإحضار وحبس المدين بالضوابط التي ترد في قانون المرافعات المدنية والتجارية.

– تعديل قانون الجنسية الكويتية، بحيث لا يترتب على كسب الأجنبي الجنسية الكويتية أن تصبح زوجته كويتية، كما لا يترتب على زواج المرأة الأجنبية من الكويتي أن تصبح كويتية. كما أن مشروع القانون أجاز سحب الجنسية الكويتية من الكويتي الذي كسبها وفقا لحالات محددة.

– تعديل المرسوم رقم 81 لسنة 2014 في شأن المحافظات بهدف تفعيل اختصاصات المحافظين للإشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة ومتابعة مشروعات خطة التنمية والمساهمة بالارتقاء بمستوى الخدمات في جميع المحافظات.

– تعديل قانون الجزاء بهدف تشديد العقوبة على جرائم التعدي على الموظف العام

– تعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 35 لسنة 1976 في شأن إيجار العقارات بهدف حفظ حقوق المؤجر والمستأجر

– تعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 1981 في شأن إنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية بهدف سرعة البت في تلك المنازعات المنظورة أمام القضاء.

اتفاقات مستقبلية

إلى جانب التشريع هناك التسريع في عقد الاتفاقات التي يأمل صاحب القرار في الكويت من أن تختصر الزمن ببلاده لتلحق بمحيطها الخليجي.

ويلخص مصدر صحافي بعض تلك الاتفاقات بالتالي:

• اتفاقات اقتصادية مع الصين

– مشروع ميناء مبارك الكبير لإنشاء ميناء تجاري ليكون مركزا إقليميا للنقل ضمن رؤية التحول الاستراتيجي لكويت جديدة 2035 لتطوير منطقة الشمال كمنظومة اقتصادية وعمرانية متكاملة

– منظومة الطاقة الكهربائية وتطوير الطاقة المتجددة، تشمل المرحلتين الثالثة والرابعة من محطة الشقايا، إضافة إلى مشروع محطة العبدلية.

– منظومة خضراء منخفضة الكربون لإعادة تدوير النفايات

– التطوير الإسكاني والتعاون في مجال البنية التحتية البيئية لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي.

– اتفاقات مناطق حرة ومناطق الاقتصادية.

– اتفاقات لمكافحة التصحر والزراعة البيئية

• مشاريع مع دول أخرى

– الاتفاقية الإطارية بين الكويت وشركة “غوغل كلاود” الهادفة إلى تسريع رقمنة الخدمات الحكومية، إضافة إلى مشروع البرنامج الوطني للأمن السيبراني

– شراكة استراتيجية بين الكويت و”مايكروسوفت”، تتضمن إنشاء عدد من المراكز، من أبرزها مركز بيانات الذكاء الاصطناعي الحديث ومركز التميز للحوسبة السحابية.

– مذكرة تفاهم مع شركة “إيه بي سي ترانسكو ليمتد للطاقة” والتي تقدمت مع شريكها الاستراتيجي شركة “جنرال إليكتريك فيرنوفا” كمطوّر ومشغل ومستثمر لإنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بطاقة إجمالية تصل إلى 3 آلاف ميغاواط باستخدام التوربينات الغازية (محطة كهرباء) مع جميع ملحقاتها من بنية تحتية.

– توقيع عقود 18 ممارسة للقيام بصيانة جذرية لجميع الطرق الرئيسة السريعة في المحافظات الست والشوارع الداخلية في جميع المناطق مع شركات عالمية وخليجية ومحلية.

– مشروع “البصمة البيومترية” الذي ساهم في الحد من التلاعب والتزوير بمستندات الهوية الشخصية، ورفع كفاءة العمل الأمني في المنافذ الحدودية والمطارات وتمكين الجهات المعنية من كشف المطلوبين أمنيا والمبعدين حفاظا على المجتمع من انتشار الجرائم.

– إطلاق منصة التأشيرة الإلكترونية لدولة الكويت (KUWAIT VISA) لتسهيل الحصول على تأشيرات دخول البلاد ومنها.

حقب تأزيم وحكومات

لم يكن خافيا تسبب الصراع السياسي في مجلس الأمة والخصومات الدائمة بين السلطتين في تعطيل التنمية في الكويت، ففي 2021 وصفت وكالة “بلومبرغ” الأميركية الوضع، وقالت إن لدى الهيئة العامة للاستثمار الكويتية أصولا بقيمة 600 مليار دولار. هي أقدم أداة استثمارية حكومية في العالم، مع هذا تعاني من الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. فقد انتهت فترة ولاية مجلس إدارتها قبل شهرين ولم تتم الموافقة على فترة جديدة. والخلافات وصلت إلى تشكيل مجلس الإدارة المكون من تسعة أعضاء.

وفي السياق ذاته، تحدثت “بلومبرغ” عن الأزمة العميقة بين أعضاء مجلس الأمة والحكومة، وهذا المأزق منع الدولة من الاقتراض، وتركها تعاني ماليا وبصعوبة كانت تؤمن رواتب القطاع العام، مشيرة إلى أن النزاع أيضا كان يعيق الاستثمار والإصلاحات الاقتصادية. تقول الحكومة اليوم إنها ضرورية لإنهاء ثماني سنوات متتالية من عجز الميزانية.

31 حكومة في 3 عقود

وبالنظر إلى تاريخ الحكومات الكويتية يجد المراقب أن العقود الثلاثة الأولى من عمر الكويت منذ عام 1962 حتى عام 1992 وهو العام الذي عاد فيه مجلس الأمة إلى الحياة بعد تعطيل دام 7 سنوات شهدت تشكيل 16 حكومة.

أما في العقود الثلاثة من 1992 (بعد عودة مجلس الأمة) حتى 2024 فقد شهدت الكويت تشكيل 31 حكومة بمعدل حكومة كل أقل من عام.

ردود الفعل الدولية

الاهتمام الدولي: تزايد منذ أن تسلّم الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في ديسمبر/كانون الأول 2023، ومباشرته ترتيب البيت الداخلي، ووقف دوامة الجمود والتأزيم. ومع قرارات حاسمة بحل مجلس الأمة، وتعليق بعض مواد الدستور، وتعيين حكومات جديدة، وولي عهد ذي خلفية تنفيذية ودبلوماسية وازنة.

وعلقت الصحافة الدولية والمؤسسات المالية الدولية على هذه التغييرات بشكل إيجابي بشكل عام.

استطلاع رأي الاقتصاديين: نشرت “رويترز” استطلاعا شمل 20 اقتصاديا من مؤسسات مالية عالمية، وأفاد بأن الكويت تستعد لتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3.0 في المئة في 2025، وهو الأعلى منذ سنوات. يعود ذلك جزئيا إلى تحسن إنتاج النفط، لكن الأهم، وفقا للتقرير، هو “دور الإصلاحات المالية والتشريعية” في استعادة الثقة بالاقتصاد المحلي.

نقطة تحول جوهرية: وصف تقرير في “فايننشيال تايمز” قرار الحكومة بإصدار قانون الدين العام لأول مرة منذ 8 سنوات بأنه “نقطة تحوّل جوهرية”، واعتبر أن الكويت بدأت أخيرا في تجاوز اعتمادها المفرط على الفوائض النفطية، لتنتقل إلى تمويل مشاريع استراتيجية ضخمة مثل ميناء مبارك، شبكة السكك الحديدية، ومجمع المطارات الجديد.

ووفقا لتحليلات “إن بي كي” و”ستاندر شارترد” (Standard Chartered وNBK) فإن هذه الخطوة تدل على “نضج في التخطيط الاقتصادي”، وعلى رغبة في “خلق مصادر تمويل مستدامة تُشرك القطاع الخاص، وتزيد من جاذبية الكويت للمستثمرين الخارجيين”.

ردة فعل البورصة

صوتت بورصة الكويت على طريقتها بأرباح نصف سنوية قياسية في 2025، بنسبة ارتفاع بلغت 61 في المئة مقارنة بعام 2024، مدفوعة بزيادة الإيرادات التشغيلية وتحسن السيولة. ووصفتها مجلة “ثان بانكر” ( The Banker) بأنها “نتيجة مباشرة لتنامي ثقة المستثمر المحلي والأجنبي بالإدارة الاقتصادية الجديدة”.

ثناء المؤسسات الدولية… مشروط بالإصلاح

توقع صندوق النقد الدولي (IMF) نمو الاقتصاد الكويتي بنسبة 2.6 في المئة في 2025، وبنسبة 3.4 في المئة في 2026، مؤكدا أن هذه النسب مشروطة بـ”استمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز كفاءة القطاع العام، وترشيد الإنفاق”.

بدورها، أصدرت “اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا” (اسكوا) تقريرا يُظهر أن تحسين كفاءة الإنفاق الاجتماعي قد يوفر ما يصل إلى 27 في المئة من موازنة الدولة، مما يمنح الكويت فرصة تاريخية لتوجيه المال نحو الصحة والتعليم والبنية التحتية.

ولا شك أن الإصلاحات السياسية الحاسمة لم تكن قرارات معزولة عن الاقتصاد، بل كانت، في جوهرها، أداة لفتح الطريق نحو إصلاح مالي وتنموي طويل المدى. وبينما يواصل المستثمرون مراقبة المشهد الكويتي، فإن مزيجا من الاستقرار السياسي، وضبط البيروقراطية، وتنويع الاقتصاد، يفتح الباب أمام الكويت لتجاوز صورة “الدولة الغنية المتأزمة”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
المجلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − 6 =

زر الذهاب إلى الأعلى