من الصحافة الإيرانية: ما العوامل التي ستشكل مستقبل العلاقات بين طهران وإسلام آباد؟

تأتي هذه التقاربات بين إيران وباكستان في وقت عززت فيه إسرائيل والهند خلال السنوات الأخيرة علاقاتهما بشكل ملحوظ.

ميدل ايست نيوز: بعد الزيارات الرسمية التي قام بها رئيس وزراء باكستان إلى طهران ورئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى إسلام آباد، والدعم غير المسبوق الذي قدمته باكستان لإيران خلال الحرب الإسرائيلية التي استمرت 12 يوماً ضدها، ازدادت التوقعات بشأن تحسن ملحوظ في العلاقات بين البلدين. وكان الطرفان قد دخلا مؤخراً في نزاع غير مرغوب فيه؛ إذ شهدت باكستان خلال حربها التي استمرت 4 أيام مع الهند تجاوزات عسكرية هندية بذريعة هجمات إرهابية في كشمير، بينما تعرضت إيران لاعتداء عسكري إسرائيلي على أراضيها استمر 12 يوماً.

وذكرت صحيفة هم ميهن في تقرير لها، أن هذه التقاربات تأتي بين إيران وباكستان في وقت عززت فيه إسرائيل والهند خلال السنوات الأخيرة علاقاتهما بشكل ملحوظ. ويعود السعي لتطوير العلاقات الإيرانية الباكستانية إلى عقود مضت، إذ كانت إيران أول دولة تعترف باستقلال باكستان. وفي عام 1964، أُبرم أول اتفاق ثلاثي للتعاون بين إيران وتركيا وباكستان تحت اسم “اتفاق التعاون الإقليمي” (RCD). وخلال الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني إلى إسلام آباد، أكد مسؤولو البلدين، بعد 61 عاماً، مجدداً على استئناف التعاون الثلاثي مع تركيا.

حالياً، تحولت منظمة RCD إلى “منظمة التعاون الاقتصادي” (ECO) التي تضم إلى جانب إيران وباكستان وتركيا، سبعة أعضاء إقليميين آخرين. وعلى الرغم من عقود من المساعي لتشكيل محور إسلامي قوي بين الدول الثلاث، فإن العلاقات بينها سارت في كثير من الأحيان ضمن أطر التنافس الإقليمي أكثر من التعاون المشترك.

وشهدت العلاقات بين إيران وباكستان منافسة حادة في أفغانستان استمرت لسنوات، ولم تتراجع إلا مؤخراً مع فتور علاقات باكستان بحركة طالبان. كما أن تقلبات العلاقات الإيرانية السعودية، باعتبار الرياض داعماً مالياً وحليفاً مقرباً من باكستان، كان لها أثر كبير على مسار العلاقات بين طهران وإسلام آباد. غير أن توقيع اتفاق استئناف العلاقات بين إيران والسعودية في مارس 2023 أزال عملياً هذا العائق من طريق التعاون بين إيران وباكستان.

هناك عدة عوامل تؤثر على العلاقات بين طهران وإسلام آباد، أبرزها:

الإرهاب: الجماعات المسلحة الانفصالية على طول الحدود المشتركة البالغ طولها 900 كيلومتر لطالما كانت مصدر توتر بين البلدين. ورغم أن هذه الجماعات تقاتل الحكومتين المركزيتين في طهران وإسلام آباد على جانبي الحدود تحت شعارات انفصالية تخص إقليم بلوشستان، فإن البلدين تجنبا طويلاً التعاون المشترك لمواجهتها، واختارا بدلاً من ذلك مسار المواجهة والتنافس.

إيران من جهتها اتهمت باكستان مراراً بإيواء ودعم جماعات إرهابية مثل “جيش العدل”، بينما اتهمت إسلام آباد طهران بدعم جماعات مسلحة مثل “جيش تحرير بلوشستان”. وقد نفذت هذه الجماعات عمليات إرهابية داخل أراضي البلدين. وفي يناير 2024، صعّدت إيران الموقف عبر هجوم صاروخي على مواقع لجماعة “جيش العدل”، لترد باكستان بعدها بضربات انتقامية على مواقع في الأراضي الإيرانية قالت إنها تعود لجماعات مسلحة معارضة للحكومة الباكستانية.

منذ ذلك الحين، يسعى الجانبان لتحويل ملف أمن الحدود المشتركة من مسار المواجهة إلى مسار الحوار والتعاون. ويثير تنامي دعم الهند وإسرائيل للجماعات الانفصالية في بلوشستان قلقاً متزايداً لدى الطرفين، وسط تقارير حديثة عن تحركات إسرائيلية لتعزيز قدرات هذه الجماعات.

الولايات المتحدة: يعد النفوذ الأميركي على الجيش الباكستاني أحد أبرز العقبات أمام تطوير العلاقات مع إيران. فرغم أن باكستان باتت في السنوات الأخيرة شريكاً إستراتيجياً للصين في المنطقة، فإن علاقاتها العسكرية مع واشنطن ما زالت ركيزة أساسية في سياستها الخارجية. ويحصل الجيش الباكستاني على جزء كبير من مساعداته وميزانيته العسكرية مباشرة من الولايات المتحدة، مما يجعل لموافقة واشنطن وزناً كبيراً في قرارات السياسة الخارجية الباكستانية.

الصين: تحتفظ بكين بعلاقات وثيقة مع كل من إيران وباكستان، لكن مستوى تعاونها مع إسلام آباد يتجاوز بكثير ما هو قائم مع طهران. فقد استثمرت الصين مليارات الدولارات في مشروع “الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني” (CPEC) الذي يربط المحيط الهندي عبر ميناء جوادر الباكستاني بإقليم شينجيانغ الصيني. في المقابل، لم تحظ إيران بمستوى مماثل من الاستثمارات الصينية. كما أظهرت الأسلحة الصينية التي يمتلكها الجيش الباكستاني أداءً لافتاً في الحرب الأخيرة مع الهند، في مواجهة أسلحة هندية تعتمد بشكل أساسي على المعدات الروسية.

اقرأ أكثر

رئيسها زار باكستان.. هل بدأت إيران ترتيب الميدان لحرب جديدة؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة + 14 =

زر الذهاب إلى الأعلى