من الصحافة الإيرانية: نزع سلاح حزب الله.. هل يتراجع نفوذ طهران في المنطقة؟
شكلت الخطوة الجديدة في لبنان لنزع سلاح حزب الله فصلاً جديداً في المعادلات الداخلية والإقليمية، قد تكون له تداعيات مهمة على موقع إيران في الشرق الأوسط.

ميدل ايست نيوز: شكلت الخطوة الجديدة في لبنان لنزع سلاح حزب الله فصلاً جديداً في المعادلات الداخلية والإقليمية، قد تكون له تداعيات مهمة على موقع إيران في الشرق الأوسط. ويعيش لبنان حالياً مرحلة حساسة من تاريخه، إذ يواجه، بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية، قراراً مهماً من الحكومة الجديدة يهدف إلى نزع سلاح حزب الله، وهو تطور من شأنه أن يغيّر المشهدين الداخلي والإقليمي للبنان، ويترك آثاراً ملحوظة على إيران.
وكتب موقع رويداد 24، أن الحكومة اللبنانية، إلى جانب مجموعة من الساسة، يسعون لإعادة حصر السلاح بيد الدولة والجيش اللبناني، وهي خطوة جاءت بعد أعوام من التوتر والأزمات الداخلية التي تعود أسبابها، إلى جانب المشكلات الاقتصادية والسياسية، إلى طبيعة النظام السياسي المعقد في لبنان وتنافس القوى المختلفة على النفوذ.
ويُعد حزب الله، الذي لعب دوراً محورياً في المعادلات السياسية والعسكرية للبنان على مدى سنوات، الهدف الرئيسي لهذه السياسة الجديدة. وتأتي تحركات الحكومة بدعم من بعض الأطراف في المجتمع الدولي بهدف الحد من نفوذ الجماعات المسلحة غير الرسمية وإعادة الاستقرار إلى البلاد. وتشير بعض التقارير الإعلامية إلى تأثير الضغوط السياسية الإقليمية والدعم الدولي في دفع هذه التطورات.
على الصعيد الإقليمي، يثير هذا التحول تساؤلات حول كونه تهديداً أم فرصة. فقد كان لبنان دائماً نقطة حساسة في توازنات الشرق الأوسط، وأي تغيير في بنيته الأمنية له انعكاسات تتجاوز حدوده. صحيفة “جوان” المحافظة رأت أن نزع سلاح حزب الله قد يضعف نفوذ إيران في لبنان والمنطقة، وكتبت: “إضعاف حزب الله لا يقتصر على لبنان، بل يطال محور المقاومة بأكمله. في فلسطين، سيؤدي غياب دعم حزب الله إلى زيادة الضغط على مقاومة غزة، وفي العراق قد يشكل نموذجاً لنزع سلاح فصائل المقاومة هناك. بالنسبة لإيران، فإن تراجع قوة حزب الله سيغيّر المعادلات الجيوسياسية لصالح الغرب، وهو جزء من هدف التحالف الغربي-الإسرائيلي لإسقاط المقاومة الإقليمية”.
في المقابل، يرى بعض المحللين أن هذه التطورات قد تمثل فرصة للبنان لاعتماد سياسة حياد إقليمي وتجنب التحول إلى ساحة صراع بين القوى الكبرى. صحيفة “خراسان” أشارت إلى أن هذه المستجدات تأتي ضمن استراتيجية أوسع لإيران تركز على القوة الناعمة والدبلوماسية.
أما الموقف الإيراني، فقد أكد المسؤولون في طهران مراراً أن سياستهم تقوم على الحفاظ على استقرار وأمن لبنان واحترام سيادته. وزيارات المسؤولين الإيرانيين الأخيرة إلى بيروت ولقاءاتهم الثنائية ركزت على التعاون الاقتصادي وإعادة الإعمار. وفي تصريح لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أثار رد فعل لبناني قوي، شدد على أن إيران لن تتدخل في هذا الملف، قائلاً: “ندعم أي قرار يتخذه حزب الله، ولا نتدخل في هذا الشأن”.
مع ذلك، تشير تحليلات إلى أن تقليص قدرات حزب الله العسكرية قد يضعف موقع إيران في لبنان ويدفعها إلى إعادة النظر في سياساتها الإقليمية. ووفقاً لصحيفة “هم ميهن” الإصلاحية، فإن طهران بحاجة إلى دبلوماسية أكثر فاعلية واستراتيجيات جديدة للحفاظ على نفوذها في المنطقة. ونقلت الصحيفة عن المحلل محمد خواجوي قوله: “التوتر المحتمل بين إسرائيل وإيران مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحسم مسألة سلاح حزب الله وحل الحشد الشعبي في العراق. أعتقد أن إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان إلى إنجاز هذه المشاريع بالكامل حتى لا تتمكن إيران، في حال تجدد المواجهة، من الاستفادة من قدرات حلفائها في المنطقة. الهدف الأوسع هو إضعاف هذا المحور وفي النهاية إضعاف إيران”.
ويبدو أن لبنان دخل مرحلة مفصلية ستحدد مستقبله السياسي والأمني والاقتصادي. ورغم وجود فرص، إلا أن تحديات مثل الأزمة الاقتصادية، وتهديد الجماعات المسلحة المعارضة، والضغوط الدولية، لا تزال قائمة. وفي ظل هذه الظروف، يتعين على إيران تبني استراتيجية دبلوماسية وإقليمية تحافظ على مصالحها وفي الوقت ذاته تعزز استقرار لبنان وأمنه، إذ إن التطورات هناك سيكون لها تأثير يتجاوز حدوده ليطال المعادلات الإقليمية وعلاقات طهران بجيرانها.