من الصحافة الإيرانية: هل تلوح في الأفق حرب أهلية في لبنان؟
يرى معارضو القرار أن شعار “حصر السلاح بيد الدولة” يبدو منطقياً في الظاهر، لكنه عملياً يُستخدم لتحقيق أهداف مغايرة، إذ لم يتمكن الجيش اللبناني تاريخياً من حماية سيادة وأمن البلاد في مواجهة الاعتداءات الخارجية.

ميدل ايست نيوز: أقرّ مجلس وزراء لبنان برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام، في ثاني جلساته الخميس الماضي، المقترح الذي قدّمه المبعوث الأميركي توم باراك، والذي ينص على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
ويهدف إقرار هذا المقترح، وفق معارضي القرار، إلى نزع سلاح المقاومة وتهميش المجتمع الشيعي في لبنان. وقد انسحب الوزراء الشيعة من الجلسة احتجاجاً، بعدما كانوا يرفضون مبدئياً بحث الخطة. كما طلبت الجلسة من الجيش اللبناني إعداد خطة لتنفيذ القرار قبل نهاية أغسطس الجاري، على أن يكتمل التنفيذ بحلول نهاية العام الجاري.
ويعد هذا التطور ذروة مشروع نزع سلاح المقاومة، الذي جرى التخطيط له منذ مدة طويلة عبر تعاون أميركي ـ إسرائيلي ـ سعودي. ويعتمد هذا المشروع داخل لبنان على ثلاثة أطراف معارضة للمقاومة، هي حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، الذي له سجل بالفساد وعمليات القتل حتى داخل المجتمع الماروني، وقضى فترة في السجن، وحزب الكتائب بقيادة سامي الجميل، إضافة إلى وليد جنبلاط زعيم الدروز، الذي انضم مؤخراً إلى معارضي المقاومة إثر لقائه جعجع.
وسبق أن راهنت السعودية على نفوذها في لبنان عبر الطائفة السنية في بيروت وعائلة الحريري، لكنها استبعدت سعد الحريري من المشهد السياسي لأسباب لم يُفصح عنها في هذا السياق، ونسجت علاقة خاصة مع جعجع. وبحسب مراقبين، لعب الدعم المالي دوراً رئيسياً في مواقف هذه القوى ضد حزب الله.
ويرى معارضو القرار أن شعار “حصر السلاح بيد الدولة” يبدو منطقياً في الظاهر، لكنه عملياً يُستخدم لتحقيق أهداف مغايرة، إذ لم يتمكن الجيش اللبناني تاريخياً من حماية سيادة وأمن البلاد في مواجهة الاعتداءات الخارجية، خصوصاً من قبل إسرائيل، بينما تعمّدت بعض الأطراف إبقاء الجيش ضعيفاً ومنع تزويده بالأسلحة اللازمة. ويملك الجيش حالياً أسلحة فردية وعدداً محدوداً من المدرعات، ولم يتمكن من التصدي لاختراقات الجيش الإسرائيلي المتكررة، ما دفع المواطنين إلى تأسيس المقاومة.
ومنذ إعلان وقف إطلاق النار في لبنان في 25 نوفمبر من العام الماضي، التزمت المقاومة اللبنانية به كاملاً، في حين واصل الجيش الإسرائيلي خرقه يومياً عبر هجمات صاروخية ومسيرات، ما أدى إلى مقتل أكثر من 200 عنصر منتمين لحزب الله في الشوارع والطرق.
ويؤكد الموقف الشيعي الموحّد، المتمثل في حركة أمل وحزب الله، أن الأولويات في المرحلة الحالية يجب أن تكون: تثبيت وقف إطلاق النار مقروناً بانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي المحتلة جنوب لبنان ووقف العمليات العسكرية، ثم إعادة إعمار ما دمرته الحرب وعودة النازحين إلى قراهم، يلي ذلك بحث استراتيجية دفاعية تشارك فيها المقاومة والجيش ضمن إطار سيادة الدولة اللبنانية. ويعتبر هذا الموقف، بحسبهم، عقلانياً ومتسقاً مع الأمن والمصلحة الوطنية، غير أن خصومهم يرفضونه، فيما تفتقر الدولة اللبنانية إلى القدرة على فرضه.
وترى المقاومة أنه في حال سلّمت سلاحها، فإن إسرائيل ستكرر في جنوب لبنان ما فعلته في قطاع غزة. ومن الناحية القانونية، فإن انسحاب الوزراء الشيعة من جلسة الخميس عند بدء مناقشة المقترح الأميركي أفقد الجلسة نصابها القانوني، ما يجعل قرار حصر السلاح بيد الدولة وتكليف الجيش إعداد خطة للتنفيذ باطلاً.
وفي هذا السياق، قال الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، إن المقاومة مستعدة لكل السيناريوهات، وإذا وصلت الأمور إلى مرحلة الخطر الوجودي فلن تلتزم بأي حدود أو خطوط حمراء. وأضاف أن لبنان قد يكون مقبلاً على تطورات كبيرة، قد تدفعه إلى أتون حرب أهلية مدمرة، مرجحاً أن تمتد نيرانها إلى مناطق أخرى في المنطقة.
محمد علي مهتدي
خبير في الشؤون اللبنانية