واشنطن وتل أبیب ترسمان خریطة جدیدة لإقصاء إیران وروسیا من معادلات الطاقة
تحالف أمريكي-إسرائيلي لدعم ممر "زنغزور" يهدد النفوذ الإيراني والروسي في منطقة جنوب القوقاز، وسط مساعٍ أوروبية حثيثة لتنويع مصادر الطاقة وفكّ الارتباط الكامل بالغاز الروسي.

ميدل ايست نيوز: قال محلل في مؤسسة كيبلر الدولية لبيانات الطاقة إن مشروع زنغزور، الذي يوفر مساراً برياً لا يمر مباشرة عبر الأراضي الإيرانية، يؤدي عملياً إلى إقصاء تدريجي لإيران من معادلات الترانزيت في المنطقة.
وفي حديث خاص مع وكالة إيلنا الإيرانية، كشف همايون فلكشاهي، عن أبعاد استراتيجية وجيوسياسية متزايدة لمشروع ممر “زنغزور”، الذي تدعمه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، قائلاً إنه ليس مجرد مشروع بنية تحتية للنقل، بل جزء من خطة أوسع تهدف إلى إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة.
مشروع ظاهره اقتصادي وهدفه تهميش طهران وموسكو
وأوضح فلكشاهي أن المشروع يسعى إلى تعزيز الربط بين أذربيجان ومنطقة نخجوان عبر أراضي أرمينيا، لكنه يحمل أبعادًا أعمق تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني، وتقويض الهيمنة التقليدية الروسية على طرق النقل الإقليمية، وتمكين أذربيجان اقتصادياً وجيوسياسياً.
أوروبا تبحث عن بدائل الغاز الروسي… و”زنغزور” خيار محتمل
وأضاف أن أوروبا، في إطار سعيها للتخلص من الاعتماد على الغاز الروسي بحلول عام 2027، تنظر باهتمام إلى كل مسار بديل، بما في ذلك احتمالية استخدام “زنغزور” كقناة جديدة لإمدادات الطاقة، رغم عدم وجود خطة واضحة لإنشاء خط أنابيب في المرحلة الراهنة.
آفاق الطاقة… ما بين الواقع والرمزية
أشار فلكشاهي إلى أن أذربيجان تصدر حالياً نحو 10-11 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوروبا عبر “ممر الغاز الجنوبي”، الذي يمر بجورجيا وتركيا ثم إلى دول أوروبية. ومع أن هذه البنية التحتية تعمل بنحو 80% من طاقتها، إلا أن أي ربط مستقبلي بين نخجوان وخط “تاناب” التركي قد يشكّل تغييراً فعلياً في مسارات الطاقة، شريطة وجود استثمارات ضخمة وموافقات سياسية وفنية معقدة.
مستقبل غامض لدور إيران في بحر قزوين
وحول تأثير المشروع على موارد إيران في بحر قزوين، أكد أنه رغم عدم وجود تأثير تقني مباشر على الحقول الهيدروكربونية، فإن الأبعاد الجيوسياسية خطيرة. فإيران لا تملك حالياً إنتاجاً نشطاً من بحر قزوين، ولا تصدّر الغاز إلى أوروبا لا عبر أنابيب ولا كـ LNG، وبالتالي فإن أي ممر جديد لا يمر عبر أراضيها سيقلّص مكانتها كلاعب ترانزيت في المنطقة.
أذربيجان تحل محل روسيا… مؤقتاً؟
وتابع المحلل أن الاتحاد الأوروبي يعتبر أذربيجان شريكاً موثوقاً في مجال الغاز، لكن طاقة “تاناب” الحالية تكاد تكون ممتلئة بالكامل، ما يجعل أي إضافة جديدة عبر نخجوان رهناً بتوسعة كبيرة ومكلفة. وعليه، فإن الفوائد الأوروبية ستكون سياسية واستراتيجية أكثر منها مادية في الأمد القريب.
إيران خارج معادلات الترانزيت
كما أشار إلى أن إيران لا ترتبط بشبكة الطاقة الأوروبية، وخط أنابيبها إلى أرمينيا ذو قدرة محدودة ولا يُستخدم في التصدير القاري. ومع تفعيل ممر “زنغزور”، قد تُقصى إيران تدريجياً من شبكات النقل الإقليمية، ما يعني تراجع نفوذها الجيوسياسي رغم غياب التأثير الاقتصادي المباشر في الوقت الحالي.
العلاقات الروسية-الأذربيجانية… بين التحالف والحذر
وفيما يخص روسيا، أشار إلى أن موسكو تدعم المشروع ظاهرياً وفق اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020، إلا أنها تراقب تطوراته بقلق. فإذا تحوّل إلى ممر لنقل الطاقة يتجاوزها، فقد تغيّر موقفها. خصوصاً أن العلاقات بين موسكو وباكو أصبحت فاترة منذ مطلع عام 2025، وأي تقارب جديد بين أذربيجان من جهة والغرب وتركيا من جهة أخرى، قد يغيّر حسابات الكرملين جذرياً.