من الصحافة الإيرانية: خيارات إيران وبدائل دبلوماسية وقانونية لضمان وصولها إلى أرمينيا

رغم أن تهديدات طهران دفعت أذربيجان وأرمينيا للتعامل بحذر مع ممر زنغزور، إلا أن دولة ثالثة قوية وذكية وانتهازية – الولايات المتحدة – حصلت في اللحظة الحاسمة على النصيب الأكبر من السيطرة على هذا الممر الاستراتيجي.

ميدل ايست نيوز: على مدى سنوات، اعتمدت إيران في معظم تبادلاتها مع الدول الأوروبية وما وراء القوقاز على الطرق البرية عبر أرمينيا. غير أن الاتفاق الأخير بين أذربيجان وأرمينيا في البيت الأبيض بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد يهدد هذا المسار التقليدي لوصول إيران إلى أوروبا.

تجاوز هذا الطريق سيؤدي إلى زيادة تكلفة وزمن نقل السلع المستوردة والمصدرة، ما يسبب خسائر اقتصادية كبيرة لإيران، إضافة إلى أبعاد جيوسياسية، إذ إن تنامي النفوذ القومي التركي وامتداد الاتصال البري بين أطرافه قد يشكل أحد عوامل العداء المستقبلي مع إيران. ورغم أن تهديدات طهران دفعت أذربيجان وأرمينيا للتعامل بحذر مع هذا الممر، إلا أن دولة ثالثة قوية وذكية وانتهازية – الولايات المتحدة – حصلت في اللحظة الحاسمة على النصيب الأكبر من السيطرة على هذا الممر الاستراتيجي، ما جعل البلدين مجبرين على قبول “السيّد الجديد”. وبهذه الخطوة، يحقق ترامب إلى جانب المكاسب الاقتصادية، سيطرة استراتيجية على هذا الممر الحيوي الذي يسهل الوصول إلى ما وراء القوقاز ودول ما بعد بحر قزوين، وينهي قرناً من الهيمنة الروسية على هذه المناطق.

إزاء ذلك، تجد إيران نفسها في مواجهة معادلة معقدة:

  • من طرف، دولة قوية متغولة، ودولتان خاضعتان، وروسيا الفاقدة للقدرة على التدخل، ودول أخرى تراقب بصمت.
  • وفي الطرف الآخر، إيران وحيدة على الساحة الدولية، تواجه ملفات عديدة ومعقدة.

ماذا يمكن فعله؟

ورغم أن الاتفاقيات الدولية لا تقر بتغيير الحدود بين الدول، فإن التغييرات الداخلية التي تؤثر بشكل مباشر على مصالح دولة ثالثة وتقطع طرق وصولها القانونية، لا نص واضح بشأنها في القانون الدولي. ومع ذلك، يمكن لإيران – تحت ذريعة حاجتها إلى طريق تجاري للتبادل السلمي – أن تستقطب بعض الدول المحايدة وتثير الوعي العالمي بشأن ما تعتبره ظلماً يمس مستقبلها.

أقترح أن تشكل طهران فريقاً قانونياً-دبلوماسياً يضم خبراء في القانون الدولي، ومحامين دوليين، ودبلوماسيين مخضرمين، لصياغة ملف قانوني يستند إلى انتهاك حق الوصول، وتفسير بنود البيانات الثلاثية، وأحكام القانون العرفي والمعاهدات الدولية.

ورغم أن منح الإذن بعبور هذا الممر يستند إلى سيادة أرمينيا على أراضيها، فإن من الممكن إيجاد ترتيبات فنية، مثل “الجسور العلوية أو الأنفاق” في نقاط معينة، لضمان حد أدنى من الاتصال البري بين إيران وأرمينيا. ويمكن أن تكون هذه الممرات أحد المطالب الإيرانية في أي مفاوضات مع الولايات المتحدة.

تقديرات المواقف المحتملة للأطراف المعنية:

  • أرمينيا ستدعم على الأرجح مطلب إيران، لما يحققه من استمرار التواصل البري معها وإبقاء حقها في ترانزيت البضائع الإيرانية.
  • موقف ترامب سيتوقف على طبيعة العلاقة مع إيران وكيفية عرض الطلب عليه، مع إمكانية تذكيره بأن اتفاقه لا ينبغي أن يلحق ضرراً بالغاً بدولة ثالثة، الأمر الذي قد يؤثر على فرصه في الحصول على “جائزة نوبل للسلام”.
  • أذربيجان وتركيا قد تعارضان، لكن على الأرجح دون إعلان صريح.
  • روسيا لها مصلحة في بقاء هذا الطريق متاحاً لإيران، لكن موقفها يعتمد على صفقاتها مع واشنطن بشأن أوكرانيا.

خطوات أخرى مقترحة:

  • إطلاق دبلوماسية متعددة الأطراف عبر التشاور مع أرمينيا وإصدار بيان مشترك، بما يمنح القضية بعداً دولياً ويزيد الضغط السياسي على الأطراف الأخرى، مع إمكانية انضمام جورجيا للاستفادة من مصالحها في ترانزيت البضائع الإيرانية.
  • انتهاج دبلوماسية هادئة وغير صاخبة تعتمد على القانون الدولي والعلاقات التجارية.
  • تفعيل الدبلوماسية العامة بإعداد تقرير موثق ومختصر بالإنجليزية وإرساله للمنظمات والمراكز البحثية ووسائل الإعلام الدولية لكسب تعاطف الرأي العام العالمي.
  • تشجيع الأرمن الإيرانيين على الاحتجاج ضد عرقلة وصولهم البري السهل إلى أرمينيا، مع احتمال انضمام مواطنين أرمن لهذا الموقف.

لطف علي بخشي
أستاذ متقاعد في الاقتصاد

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوزموقع دبلوماسي إيراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة + 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى