من الصحافة الإيرانية: تسارع الزمن يشكل ضغطاً على المفاوضات النووية بين إيران والغرب

أبدت طهران مؤشرات جديدة على مرونة مواقفها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واستمرار المفاوضات مع واشنطن والترويكا الأوروبية.

ميدل ايست نيوز: أبدت طهران مؤشرات جديدة على مرونة مواقفها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واستمرار المفاوضات مع واشنطن والترويكا الأوروبية. هذه المرونة تأتي في ظل اعتبارين أساسيين: الأول، تسارع الزمن والحاجة إلى خلق فرصة للتوصل إلى اتفاق عند “نقطة توازن” الخلافات، والثاني، الشكوك حول طبيعة النهج التفاوضي الذي تقترحه أوروبا والولايات المتحدة ومن ثم الوكالة الدولية، وما إذا كان الهدف هو دفع صانعي القرار الإيرانيين إلى تعليق البرنامج النووي ضمن إطار زمني محدد، أم إجبار طهران على اتخاذ قرار نهائي.

ويُجمع جميع الأطراف على أن تسارع الزمن حقيقة لا يمكن إنكارها، لكن الغرب يصفه بـ”التهديد”، فيما ترى طهران أنه فرصة قد تتلاشى إذا استمرت في تجاهل اللحظات الحاسمة. وبذلك، يتفق الجانبان على أن ضيق الوقت واقع قائم، لكن تبقى الشكوك بشأن النوايا الحقيقية للغرب، وهو ما يضع طهران أمام خيارين: الدخول في الحوار أو تجنبه.

ومع مرور الوقت، تشكّل تدريجياً توافق في المطالب بين واشنطن وأوروبا والوكالة الدولية تجاه طهران، نتيجة للفرص الضائعة، فيما ابتعدت الوكالة عن موقعها الفني والمهني، واتخذت نهجاً سياسياً حيال البرنامج النووي الإيراني.

ويبرز هنا عامل آخر عمّق هذا التوافق، وهو المواقف التي بدت محافظة من موسكو وبكين حيال تصعيد التوتر القائم. فجمود روسيا والصين في الخلافات النووية والجيوسياسية بين طهران والغرب، خصوصاً بعد الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً، شكّل مؤشراً لطهران على ضرورة إعادة تقييم نظرتها إلى هاتين القوتين الشرقيتين، اللتين تنظران – شأنهما شأن باقي القوى الدولية – إلى التطورات من منظور مصالحهما الخاصة. وقد أكدتا مراراً أن طهران، في أفضل الأحوال، شريك سياسي وتجاري، لا حليف يتوجب دعمه عملياً عند الأزمات.

ويطرح ذلك تساؤلات حول ما إذا كانت مرونة طهران الحالية تمثل اختياراً مدروساً لكيفية هندسة علاقاتها المقبلة مع الغرب، وما إذا كانت نابعة من تنسيق مؤسسي داخلي، أم انعكاساً لتباين في الآراء داخل دوائر القرار، حيث لم تحسم بعد المواقف النهائية. وإذا كان الخيار هو الحوار للتوصل إلى “نقطة توازن” في الخلافات القريبة من حد المواجهة مع التكتل الغربي، فإن من الضروري عدم التصرف وكأن لا اتفاق ممكن، بل إظهار الرغبة في التفاوض والتوصل إلى تفاهم.

وفي حال كانت أولوية طهران هي الحوار، فعليها مواجهة شكوكها بواقعية. فالسياسة والدبلوماسية بطبيعتهما تتيح مجالاً للشكوك المتبادلة، وهو ما يفسر هشاشة التحالفات والعداوات في الساحة الدولية. بالتالي، إذا قررت طهران الدخول في المفاوضات، فعليها قبول استحقاقاتها، معتمدة في ذلك على أبرز أوراق قوتها وهي التماسك والتضامن الوطني. وأي مساس بهذه الورقة سيضعف موقفها التفاوضي، رغم كل الشكوك حيال نوايا الغرب. ومع ضيق الوقت أكثر من أي وقت مضى، يتعين على طهران أن تحسم أمرها: إما التفاوض والسعي إلى نقطة توازن وسط التوتر المتصاعد، أو المضي في المواجهة من دون مرونة في المواقف.

جلال خوش جهره
صحفي وكاتب إيراني

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى