من الصحافة الإيرانية: كيف يتقلص القطاع الخاص في إيران؟

بينما ظل معدل تكوين رأس المال الثابت في إيران سلبياً خلال السنوات الثلاث الماضية وفقد القطاع الخاص الحافز للاستثمار، تتوسع المؤسسات السيادية غير الحكومية في سيطرتها المالية والاقتصادية لتستبدل القطاع الخاص تدريجياً.

ميدل ايست نيوز: بينما ظل معدل تكوين رأس المال الثابت في إيران سلبياً خلال السنوات الثلاث الماضية وفقد القطاع الخاص الحافز للاستثمار، تتوسع المؤسسات السيادية غير الحكومية في سيطرتها المالية والاقتصادية لتستبدل القطاع الخاص تدريجياً.

يشير الاقتصاديون إلى أن مشاركة المؤسسات العسكرية في إدارة الشركات والأنشطة الاقتصادية تخلق منافسة غير صحية، وتحرف الموارد عن القطاع الخاص، وتقلل من الكفاءة الاقتصادية. وفي بيان حديث، شدد هؤلاء الاقتصاديون على ضرورة انسحاب القوات المسلحة من النشاط الاقتصادي والتركيز على المهام المرتبطة مباشرة بالدفاع والأمن الوطني.

وأكدوا أن على القوات المسلحة التركيز على مهامها الأساسية، وهي تأمين الأمن والدفاع، لتعزيز جودة الأمن وخلق منافسة صحية في السوق.

ويرى الفاعلون في القطاع الخاص أن الاقتصاد الإيراني سيعاني في السنوات المقبلة من ضغوط متزايدة نتيجة توسع هذه المؤسسات. فهم يشيرون إلى أن الأرض المخصصة للقطاع الخاص في الاقتصاد تتقلص، إذ أن توسع المؤسسات الحكومية، لا سيما العسكرية، في الأنشطة الاقتصادية يحول الموارد المالية والبشرية والبنية التحتية التي يمكن أن تخدم القطاع الخاص لصالح هذه المؤسسات.

ويضيف هؤلاء أن هذا الوضع لا يخلق منافسة غير عادلة فحسب، بل يقلص حافز الاستثمار لدى القطاع الخاص، نظراً للامتيازات غير التنافسية التي تتمتع بها هذه المؤسسات، مثل الوصول إلى الرشاوى، والإعفاءات الضريبية، والنفوذ السياسي، وهو ما يصعب على القطاع الخاص منافستها. ويعد معدل تكوين رأس المال الثابت السلبي خلال السنوات الأخيرة دليلاً واضحاً على انخفاض الاستثمار في الاقتصاد.

ويشير البيان الاقتصادي إلى أن سيطرة المؤسسات الحكومية على القطاعات الحيوية مثل النفط والغاز والبتروكيماويات وحتى التجارة والخدمات يمثل انكماشاً هيكلياً في بيئة عمل القطاع الخاص. كما يوضح أن مشاركة القوات المسلحة في إدارة الشركات تقلل الكفاءة الاقتصادية لأنها غالباً ما تعمل وفق أهداف غير اقتصادية وليس على أساس الربحية والإنتاجية كما في القطاع الخاص.

من جهة أخرى، التركيز على المهام الأساسية للقوات المسلحة يمكن أن يحرر الموارد ويساعد في تحسين جودة الأمن وخلق بيئة تنافسية أكثر صحة. لكن في الوقت الحالي، يضيف التوسع المتزايد لهذه المؤسسات، خصوصاً في ظل العقوبات، وارتفاع معدلات التضخم، وعدم استقرار السياسات الاقتصادية، ضغطاً إضافياً على القطاع الخاص، ما قد يؤدي إلى ضيق اقتصادي حيث يُهمش القطاع الخاص، الذي يُعد المحرك الأساسي للنمو وخلق فرص العمل.

ويشير البيان إلى أن استمرار حضور المؤسسات العسكرية في الاقتصاد الإيراني يحمل عواقب متعددة وعميقة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. أولاً، يفاقم هذا الوضع المنافسة غير العادلة لأن هذه المؤسسات تتمتع بإمكانية الوصول إلى المعلومات المميزة، والإعفاءات الضريبية، والتسهيلات المصرفية، والعقود الحكومية، مما يمنحها مزايا غير عادلة مقارنة بالقطاع الخاص، لا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويقلل من حافز الاستثمار.

ثانياً، يقلل وجود هذه المؤسسات من الكفاءة الاقتصادية، إذ تُدار الشركات تحت سيطرتها غالباً بناءً على اعتبارات سياسية أو أمنية، وليس وفق معايير اقتصادية مثل الإنتاجية والربحية، مما قد يؤدي إلى هدر الموارد، وتدني جودة المنتجات والخدمات، وإضعاف الابتكار.

ثالثاً، التركيز على الأنشطة الاقتصادية قد يقلل من جودة أداء القوات المسلحة في مهامها الأساسية المتمثلة في تأمين الأمن والدفاع، بسبب تشتت الموارد والتركيز الإداري.

ومن الناحية الاجتماعية، يضعف هذا الوضع الثقة العامة في المؤسسات العسكرية والحكومية، إذ أن تورطها في أنشطة اقتصادية مربحة يثير شبهات الفساد والمحسوبية.

 

جمشید بیش قدم
خبير في الشؤون الاقتصادية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز
المصدر
صحيفة سازندكي الإيرانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى