هل للعقوبات دور في أزمة المياه التي تتعرض لها إيران؟
قال عضو هيئة مركز أبحاث الطرق والإسكان الإيرانية إن أزمة المياه في البلاد ليست مرتبطة بالعقوبات، بل في سوء إدارة الموارد المائية خلال 5 عقود وعدم جدية وزارة الطاقة في تنظيم تراخيص بناء السدود.

ميدل ايست نيوز: في الأونة الأخيرة أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقابلة صحفية إلى أن أزمة المياه في إيران ناجمة عن العقوبات. ويأتي هذا الادعاء في حين تشير بيانات وزارة الطاقة إلى أن نحو 85 إلى 90 بالمئة من الموارد المائية الإيرانية تُستخدم في الزراعة التقليدية وغير الاقتصادية.
وقال موقع اقتصاد 24 في تقرير، إن التقارير الرسمية تشير إلى أن حوالي 60 بالمئة من المياه المستهلكة في القطاع الزراعي تهدر أثناء الري وفي الحقول، وأن نحو ثلث المنتجات الزراعية تتحول إلى نفايات بسبب غياب الصناعات التحويلية والتكميلية، ما يؤدي إلى هدر جزء كبير من الموارد المائية في هذا القطاع.
الزراعة غير الاقتصادية تهدر المياه
يُستخدم نحو 85 إلى 90 بالمئة من مياه إيران في الزراعة غير الاقتصادية، حيث يُستهلك حوالي 70 مليار متر مكعب سنويًا في الزراعة لإنتاج نحو 200 مليون طن من المنتجات فقط. وتشير الإحصاءات إلى أن النمو الاقتصادي في القطاع الزراعي ظل ضعيفًا ومترنحًا لسنوات. فقد سجل القطاع الزراعي بين عامي 2021 و2022 نموًا سلبيًا.
وفقًا لتقرير مركز الإحصاء الإيراني، بلغ النمو في القيمة المضافة للقطاع الزراعي في عام 2021 نحو -10.8 بالمئة، وفي عامي 2022 و2023 بلغ النمو -1.8 بالمئة و-2.4 بالمئة على التوالي. وفي عام 2024 سجل القطاع الزراعي نموًا إيجابيًا استثنائيًا بنسبة 3.1 بالمئة، لكن البيانات الأحدث تشير إلى عودة النمو السلبي. وتقديرات مركز أبحاث مجلس الشورى الإيراني تُظهر أن النمو الاقتصادي غير النفطي في يونيو 2025 سلبي، وسجل القطاع الزراعي نموًا سلبيًا بنسبة 3.5 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، مسجلاً أداءً ضعيفًا كما في شهريّ بداية العام.
وتشير بيانات وزارة الزراعة الإيرانية إلى أن نحو 35 بالمئة من المنتجات الزراعية تهدر في مختلف مراحل سلسلة الإمداد، وهو ما يعادل غذاء 15 إلى 20 مليون شخص. كما تشير المصادر الرسمية إلى أن الزراعة تستهلك بين 80 و88 بالمئة من إجمالي استهلاك المياه في البلاد. وبافتراض أن 80 بالمئة من استهلاك المياه في إيران مخصص للزراعة، وباعتبار أن 35 بالمئة من المنتجات تتحول إلى نفايات، فإن نحو 28 بالمئة من المياه الافتراضية تُهدر عبر الفاقد. ويُقدر نصيب مياه الشرب من إجمالي الاستهلاك بحوالي سبعة بالمئة.
وفيما يخص الظواهر الجيولوجية، أفاد تقرير مركز أبحاث الطرق والإسكان في إيران بأن جميع محافظات البلاد تواجه حاليًا أزمة الانخساف الأرضي. وتشير بيانات هيئة المساحة الإيرانية إلى أن معدل الانخساف في إيران يساوي خمسة أضعاف المتوسط العالمي، حيث يبلغ المعدل العالمي ثلاث سنتيمترات سنويًا، بينما يصل في إيران إلى 15 سنتيمترًا.
العقوبات ليست سبب أزمة المياه
علق علي بيت اللهي، عضو هيئة مركز أبحاث الطرق والإسكان، على تصريحات عراقجي قائلاً إن أزمة المياه ليست مرتبطة بالعقوبات. وأوضح لصحيفة شرق أن بيانات نقص المياه في الخزانات السطحية والجوفية تشير إلى مشكلة عمرها خمسون عامًا، ناجمة أساسًا عن أوجه القصور في إدارة الموارد المائية واستهلاكها. وأضاف أن العقوبات ربما سببت بعض القيود الاقتصادية مؤخرًا، لكنها تلعب دورًا ضئيلًا جدًا في نقص الموارد المائية.
وأشار بيت اللهي إلى أن مصير بحيرة أرومية يُظهر بوضوح أثر الإدارة غير الفعالة في أزمة المياه، حيث أدت السدود العشوائية، والإهمال البيئي، وتوسع زراعة المنتجات عالية الاستهلاك للمياه دون مراعاة القيود المناخية، إلى الأزمة الحالية، ولا يمكن نسبتها للعقوبات.
كما أوضح أن ما قد يقصده عراقجي بتأثير العقوبات يتعلق بالتنمية الاقتصادية، مؤكداً أن الرواج الاقتصادي يمكن أن يحسن استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة ويقلل استهلاك المياه، لكن بشكل عام، لم يكن للعقوبات تأثير كبير. وأضاف أن الإهمال في إدارة المياه خلال 40–50 سنة الماضية في قطاعات الزراعة والشرب والصناعة، وعدم جدية وزارة الطاقة في تنظيم تراخيص بناء السدود، كان له تأثير أكبر بكثير على إدارة أزمة المياه مقارنة بالعقوبات.