هل خطة مصر لتصدير الكهرباء إلى العراق وسوريا ولبنان واقعية؟

بينما تدرس مصر التوسع في تصدير الكهرباء وربط شبكتها مع دول الجوار، يبرز تساؤل محوري: هل تمتلك القاهرة بالفعل فائضاً من الكهرباء يتيح الوفاء بالالتزامات الخارجية دون المساس بالاحتياجات الداخلية؟

اقرأ في هذا المقال
  • مصر تعتمد على الزيادة المتوقعة في إمدادات الطاقة النظيفة واستخراج المزيد من الغاز
  • مخاوف بشأن تأثير التصدير على احتياجات السوق المحلية المصرية وتفاؤل على المدى الطويل
  • العراق ولبنان وسوريا يمكنها حل أزمة انقطاعات الكهرباء جزئياً عبر الاستيراد من القاهرة

ميدل ايست نيوز: بينما تدرس مصر التوسع في تصدير الكهرباء وربط شبكتها مع دول الجوار، يبرز تساؤل محوري: هل تمتلك القاهرة بالفعل فائضاً من الكهرباء يتيح الوفاء بالالتزامات الخارجية دون المساس بالاحتياجات الداخلية؟ الإجابة جاءت على لسان حافظ سلماوي، رئيس جهاز تنظيم الكهرباء في مصر سابقاً، خلال مقابلة مع قناة “الشرق“.

في البداية، أوضح سلماوي أن تجربة مصر مع تصدير الكهرباء ليست جديدة؛ فقد سبق أن صدّرت إلى الأردن وسوريا ولبنان قبل عام 2011 عبر خط ربط مع الأردن بقدرة 500 ميغاواط، لكن هذه الكميات انخفضت لاحقاً.

حالياً، هناك اتفاق لإنشاء خط ربط بين الأردن والعراق بطاقة 500 ميغاواط، نُفذ منه 150 ميغاواط خلال 2023، على أن يتوسع لاحقاً.

وتستطيع الشبكة المصرية رفع قدرتها التصديرية الفائضة إلى 2000 ميغاواط، غير أن التحدي الأساسي يكمن في توافر الغاز الطبيعي لتشغيل المحطات.

الغاز.. العامل الحاسم في نجاح المشروع

رغم الطموح المصري الكبير بالتوسع في تصدير الكهرباء، سيظل توفير الوقود (الغاز) المستخدم في توليد هذه الكهرباء هو التحدي الأبرز.

من الآن وحتى 2028، من المتوقع أن تستعيد مصر جزءاً كبيراً من قدراتها المحلية في إنتاج الغاز، بجانب تدفقات إضافية من قبرص.

وينص الاتفاق بين القاهرة ونيقوسيا على بدء ضخ 400 مليون قدم مكعب يومياً من حقل “كرونوس” مطلع 2028، وترتفع الكميات إلى 800 مليون في 2031 بعد دخول حقل “أفروديت”.

ليس هذا وحسب، حيث عدلت مصر اتفاق الغاز مع إسرائيل أوائل الشهر الجاري في أضخم صفقة طاقة بين البلدين. ويشمل ذلك زيادة ضخمة في الكميات المتفق عليها، مع تمديد فترة التوريد حتى عام 2040، في خطوة تُعد الأكبر من نوعها في تاريخ صادرات الطاقة بين القاهرة وتل أبيب.

هذه المعطيات قد تسمح لمصر بتوفير الغاز بأسعار مناسبة لتغذية محطات الكهرباء الموجهة للتصدير، وفق ما أوضح سلماوي.

تحديات شبكات النقل في دول الجوار

لكن سلماوي يشير إلى أن نجاح المشروع لا يرتبط فقط بالإمدادات المصرية، بل يتطلب أيضاً تطوير الشبكات الأردنية القادرة على نقل الكهرباء إلى كل من سوريا ولبنان والعراق.

وقد يشكل تصدير الكهرباء من مصر إلى هذه الدول منفذاً مهماً للتخفيف من حدة أزمات الانقطاع المتكررة هناك، ولو بصورة جزئية.

على سبيل المثال، تعاني سوريا من عجز بالكهرباء يصل إلى 80% من احتياجاتها الفعلية، في ظل أضرار جسيمة تعرضت لها محطات التوليد أدت لخروج بعضها عن الخدمة، ما يشكل تحدياً كبيراً على صعيد البنية التحتية اللازمة لدوران عجلة الإنتاج بعد سنوات من الدمار.

كما يعاني لبنان من نقص حاد في الكهرباء بعد نفاد الوقود في محطتين من محطات توليد الكهرباء الرئيسية في البلاد.

أما العراق فلجأ إلى الاتفاق مع شركة “كار باور شيب “ التركية لإمداده بـ590 ميغاواط من الكهرباء، وفق عقد أولي مدته 71 يوماً أبرمته مع البلاد، مما يسهم في حلحلة أزمة الطاقة الحادة التي تواجهها بغداد.

أولوية الداخل المصري

بالنسبة للمخاوف بشأن تأثير التصدير على احتياجات السوق المحلية، أكد رئيس مرفق تنظيم الكهرباء في مصر سابقاً أن الوضع يبدو أكثر تفاؤلاً على المدى الطويل.

فمع توسع الطاقة المتجددة، وانخفاض الاعتماد على الغاز تدريجياً، إضافة إلى دخول محطة الضبعة النووية بحلول 2030، ستتراجع الضغوط الحالية.

ومن أجل التوقف عن سياسات تخفيف الأحمال (ترشيد الكهرباء)، خصصت الحكومة المصرية في مايو الماضي 468 مليون متر مكعب من الوقود المكافئ لتغذية محطات توليد الكهرباء خلال أشهر الصيف.

كما عاودت في يوليو ضخ إمدادات الغاز الطبيعي إلى مصانع الأسمدة العاملة في مصر بنسبة 100% بعد فترة توقف.

مكاسب مصر من تصدير الكهرباء

العقود الخاصة بالتصدير تتضمن التزامات متبادلة بين المنتج والمشتري بحد أدنى من الإنتاج والشراء. لكن دائماً ما يُدرج بند “القوة القاهرة”، الذي يتيح للطرفين التعامل مع أزمات سياسية أو ظروف طارئة غير متوقعة قد تؤثر على استمرارية التصدير. وهنا يشدد سلماوي على أن مثل هذه البنود شائعة في جميع تعاقدات الطاقة.

الربط الكهربائي المزمع يحقق مكاسب مزدوجة لمصر وللدول المعنية، وفق سلماوي، الذي ينبه إلى وجود آلية تسعير معمول بها ضمن “اتفاقية الربط الثماني”، التي تضم مصر وليبيا وفلسطين والأردن والعراق وسوريا ولبنان وتركيا، حيث أثبتت فعاليتها في الماضي، ويمكن اعتمادها في المشاريع المستقبلية كنموذج للانطلاق منه.

ألقى سلماوي الضوء أيضاً على إمكانية تزويد مصر بالغاز من ليبيا والعراق مستقبلاً، بما قد يعزز استدامة الإمدادات ويدعم إنشاء سوق إقيليمية أوسع للطاقة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر + 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى